Site icon IMLebanon

هل خطر الإرهاب على الداخل ما زال بعيداً ؟

في لقاء مع بعض زواره من الاعلاميين اول من امس لم يكتم رئيس مجلس النواب نبيه بري ارتياحه الى الاستقرار الامني الذي تعيش في ظله البلاد منذ فترة ليست بالقصيرة متحدثاً عن معطيات تشكل الحصن الحصين لهذا الاستقرار وتؤمن ديمومته وهي:

– ارادة اللبنانيين بالحفاظ على هذا الاستقرار وشعور كل من يرغب في الخروج عليه انه محاصر ومعزول.

– سهر الاجهزة الامنية ومكافحتها الضارية للخلايا والمجموعات الارهابية التي تجهد للدخول الى العمق اللبناني وممارسة فعل التخريب فيه.

– حوار حزب الله – تيار المستقبل الذي خفض منسوب الاحتقان في الساحة الداخلية لاسيما بعد استمراره وسقوط الرهان على تعطله في محطاته الاولى.

– مظلة الامان والاستقرار التي توفرها ارادة خارجية اقليمية وتحديداً دولية للحؤول دون انزلاق الساحة الى منزلقات التفجير.

لهذا الكلام مناسبته وسياقه الطبيعيين فالمخاوف من مفاجآت أمنية غير محسوبة يمكن ان تطاول الساحة الداخلية قد ارتفع منسوبها في الايام القليلة الماضية مع بروز تطورين:

الأول المعلومات التي راجت أخيراً عن ضبط اجهزة رسمية لبعض الاشخاص الذين كانوا في طور التحضير لعمليات تخريب وفتنة على غرار العمليات التي طاولت مناطق لبنانية عدة في فترات سابقة.

والثاني ارتفاع الحديث مجدداً عن امكان ان يكون لبنان ساحة تضاف الى سلسلة الساحات العربية والاجنبية التي ضرب فيها الارهاب ضرباته الموجعة وفي بعضها للمرة الاولى فبدا تنظيم داعش الذي تبنى هذه العمليات وكأنه يحتفي على طريقته الدموية بالذكرى الاولى لاقامة نواة دولته عندما اجتاح مدينة الموصل في العراق ويمد نطاق عمله لاحقاً الى الاراضي السورية ليستولي على نحو 300 الف كيلومتر مربع.

محطة الحدث جديرة ولا شك بالاهتمام والكلام الذي اطلقه الرئيس بري جدير أيضاً بالتوقف عنده باعتباره لا يصدر الا عن راصد دقيق للتطورات وابعادها وخلفياتها. لكن ثمة مراقبين غدواً في الآونة الاخيرة يطلقون العنان لشكوكهم حيال امرين اثنين ادرجهما الرئيس بري مدرج اليقينيات التي تعصم الساحة اللبنانية وتقيها شرور الارهاب المتربص والذي لايخفي مطامعه وهي:

– ان الابواب امام مفاجآت الارهاب على الساحة الداخلية لم توصد تماماً فما برح هذا الارهاب يجهد بحثاً عن فرصة ومنفذ ينفذ منه الى الداخل. فقبل نحو ثلاثة اسابيع القى جهاز الامن العام القبض على شقيقين في محلة باب الرمل في طرابلس كانا شرعا بالعمل على تفخيخ سيارة بغية ارسالها الى احدى المناطق اللبنانية وتفجيرها هناك.

وقبل فترة وجيزة القى الجهاز نفسه القبض على امراة سورية تقيم في احد مخيمات النازحين السوريين بالقرب من بلدة ببنين في سهل عكار وقد اعترفت بان زوجها وشقيقها المنتميين الى داعش والمقيمين في الرقة قد بدا يحضرانها نفسياً وتقنياً لتزويدها حزاماً ناسفاً تنتقل به الى الضاحية الجنوبية لتنفذ عملية انتحارية في التجمعات هناك. والواضح ان ذلك دليل على ان الارهاب لم يتخل بعد عن فكرة النفاذ الى الداخل

اللبناني.

– ان الاطمئنان والركون الى ما صار يعرف بمظلة الامن والامان التي تجنب لبنان نذر الشر العاصف في دول الجوار هو امر بداً الشك يطاوله خصوصاً بعدما ضرب الارهاب المتحفز اخيراً في ساحتين كان يظن حتى الامس القريب انهما تتمتعان بمظلة حماية وامان دولية وهما الكويت والسعودية. فالواضح ان تنظيم داعش قد بدأ منذ فترة بتجاوز ما يعتبر خطوطاً حمراً وحدوداً محظراً عليه الامتداد اليها وقد غدا في طور الانتقال الى المرحلة الثانية من عمله كما توحي كل المعطيات بما فيها توالي ضرباته في ساحتي العراق وسوريا وهو بالتالي قد لا يبقي الساحة اللبنانية خارج حساباته.

– ان كل ما قيل ويقال عن تحالف دولي لمحاربة الارهاب ومنع تمدده قد ثبت بطلانه او قصوره بدليل ان هذا الارهاب نجح ومنذ انطلاق الحرب الكونية عليه بعيد احتلاله الموصل في قضم المزيد من المساحات وثبت ايضا ضعف الارادة الدولية بمواجهته جديا واستئصاله.

الى ذلك كله ثمة معطى آخر ساهم الى حد بعيد باعتراف شريحة واسعة في تحصين لبنان من ضربات الارهاب وفي ابعاد خطره والحد من اطماعه خصوصاً ان هذا الارهاب وتحت ذرائع شتى سبق ان وجه سلسلة ضربات الى الداخل اللبناني موقعا ما لايقل عن 500 بين شهيد وجريح وهو معطى المواجهات التي يخوض حزب الله غمارها منذ فترة في جرود القلمون السورية ثم في جرود عرسال اللبنانية ضد قواعد الارهاب، وهي جرود كانت مصدر السيارات المفخخة التي انفجرت في الضاحية الجنوبية وفي بئر حسن وفي البقاع الشمالي وضهر البيدر.

ومهما يكن من امر فلا ريب ان الارهاب الذي تحدى بالأمس دولاً خليجية ثم تحدى مصر نفسها بقتله رأس هرم القضاء فيها في قلب القاهرة نفسها قد بدأ ينتقل الى المرحلة الثانية من عمله وهو يبعث الى من يعنيهم الامر برسائل فحواها انه ما زال في ذروة قوته وتخفزه وليس صحيحاً انه ضعف وفترت همته ولاريب ايضا انه اضافة الى المعطيات الأربعة التي اعتبرها بري “عاصمة” الاستقرار ثمة معطى خامس لا يمكن نكرانه وان انتقده البعض وتغاضى عنه البعض الاخر.