IMLebanon

هل بدأت الحرب ضد «أمبراطورية فارس»؟

وقعَ ما كان يُخشى منه وما حُذّر من تبِعاته، جرّاء الاستفزاز والضغط الإيراني المستمرّ على قوى المنطقة، وتحديداً على دوَل الخليج. وها هو السفير السعودي في واشنطن عبدالله الجبير يعلن بدءَ عملية «عاصفة الحزم» ضد الحوثيين وحلفائهم في اليمن.

حفلَت الساعات الماضية بتطوّرات سياسية وعسكرية بالغة الدلالة، ما فتحَ الباب على تكهّنات عدة، تبدأ من اليمن وتشمل العراق وسوريا لتنتهيَ بملف إيران النووي.

إيران التي حاولت حسمَ الوضع في اليمن قبل القمّة العربية، وقبَيل انتهاء أجندة المفاوضات النووية نهاية الشهر الجاري، لم تعتقد أنّ دوَل الخليج قادرة على القيام بردّ فعل مادّي يطيح بإنجازاتها، أو على الأقلّ يخَفّف من اندفاعتها.

كذلك لم تتصوّر أنّ الستاتيكو الذي أرسته على مدى السنوات الماضية، ومارسَت من خلاله لعبة عضّ أصابع متعدّدة الأطراف، خصوصاً مع واشنطن، لإدارة مفاوضاتها النووية، قد يتحوّل حفرةً، الخروجُ منها قد لا يكون سهلاً.

تأكيد الجبير أنّ واشنطن اطّلَعَت على القرار السعودي وباركته، وإعلانه عن مشاركة عشر دوَل في العملية العسكرية، يفسّر إلى حدّ بعيد طبيعة اللقاءات والاجتماعات التي شهدَتها الرياض أخيراً.

معلومات عسكرية في واشنطن تقول إنّ مِن بين تلك الدول، إضافة الى السعودية وقطر والكويت والإمارات والبحرين، تركيا وباكستان والأردن، فيما تكفّلَ البيان الرسمي الذي صدر عن الخارجية المصرية بإعلان مساهمة القاهرة في العملية، واستعدادها لإرسال وحدات برّية أيضاً.

وتوقّف مراقبون أمام دلالات الإعلان السعودي للقول إنّ حِلفاً سياسياً وعسكرياً و»مذهبياً» قد تشَكّلَ على ما يبدو، للردّ على التحدّي الذي ترفعه طهران في وجه الغالبية في دوَل المنطقة.

وعلى رغم أنّه مِن المبكر الإسترسال في قراءة النتائج التي يمكن أن تترتّب عمّا يحصل، إلّا أنّ مسؤولين أميركيين يعتقدون أنّ الأمر سيترك أثراً بالغاً على الوضع الجيوسياسي في المنطقة، وعلى مستقبل المفاوضات النووية مع طهران، التي قد تجد نفسَها أمام استحقاقات أحلاها مرّ.

تقول أوساط أميركية إنّ تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأنّ عدم توقيع اتّفاق مع طهران قد يطلق برنامجها النووي، يبدو أنّ الأحداث قد تجاوزَته. فسواءٌ قرّرَت إيران المواجهة ردّاً على قرار الحرب، أو قطع مفاوضاتها النووية، فإنّه من غير الواضح كيف ستتمكّن من تأمين الموارد لإدارة هذه الجبهة الواسعة ضدّها.

ما جرى في العراق أمس الأوّل، بعد إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي عن بدء استكمال معركة تحرير محافظة صلاح الدين ومركزها تكريت، بالتعاون مع الجيش العراقي والبشمركة والحشد الشعبي وقوات العشائر، بغطاء جوّي أميركي، شكّلَ رسالة سياسية واضحة عن فشَل الرهان على الدعم الإيراني وحدَه لإنجاز مهمّة القضاء على «داعش».

فقد تبيّنَ بعد مرور أكثر من تسعة أشهر على تمدّد هذا التنظيم أنّ شروط المواجهة لا يمكنها أن تستقيم في معزل عن آليّة سياسية تعيد تحديدَ أحجام القوى في تلك العملية داخلياً وإقليمياً.

وفي سوريا لا يبدو المشهد وردياً أكثر لدى المحور الإيراني الذي يدير الحربَ ضد المعارضة. فالتطوّرات الميدانية المتتالية، سواءٌ في جبهة الجنوب أو الوسط أو الشمال، تُظهر أنّ القوى الإقليمية المتضرّرة من التمدّد الإيراني، باشرَت قلبَ ميزان القوى، ما قد يَضع ذاك المحور في وضعية لا يُحسَد عليها.

وتتحدّث أوساط عسكرية عن دور تركي نشِط في جبهتَي إدلب وحلب، مقابل دور عربي في الجنوب. وتشير أوساط ديبلوماسية عربية في واشنطن إلى أنّ كثافة التصريحات الأميركية الأخيرة، والتي أكّدت مجدّداً الموقفَ من عدم شرعية الرئيس السوري بشّار الأسد، وأن لا دور له في مستقبل البلاد، تعكس تنسيقاً إقليمياً حول ضرورة فرض حلّ سياسي في سوريا يقوم على توازن، ويضمَن الحفاظ على مؤسسات الدولة وعلى مشاركة جميع المكوّنات في صوغ مستقبل البلد والحفاظ على الأقلّيات.

أمام هذه اللوحة، ما هي حظوظ الإعلان عن اتّفاق المبادئ بين واشنطن وطهران في ما تبقّى من أيام حتى نهاية الشهر الحالي؟

تجيب أوساط أميركية أنّ الأمر مرهون بإعادة النظر التي ستُجريها إيران في خياراتها السياسية المتاحة، من دون استبعاد عودة العامل الإسرائيلي أيضاً، الذي سيحاول الاستفادة مِن التطوّرات السياسية الأخيرة للتأثير على المفاوضات الجارية مع واشنطن، فيما المنطقة تعلن الحرب الشاملة ضد «الأمبراطورية الفارسية».