هل في هذا الوطن حزبٌ أو زعيمٌ أو مذهبٌ أو نائبٌ أو ناخب، يفكرّ بأن الزعيم الأكبر الذي يجب أن نمنحهُ أصواتنا هو المرشّح الذي إسمه لبنان؟
وهل يعلم هؤلاء، أن القانون الإنتخابي الأَمثل يجب أن يُفصَّل على قياس المرشَّح الوطني لا الطائفي، والديمقراطي لا الإقطاعي، والدستوري لا العشائري، وأنَّ بفوزه على هذا الأساس تفوز الزعامات الحقيقية، والمذاهب الدينية، والأحزاب الوطنية، والمجالس الدستورية والحكومات الشرعية وتنتصر.
وإلَّا، فعبثاً يُحاول مقَصُّ الخياطين أن يبتكر قياساً واحداً ينطبق على كل القامات الطويلة والقصيرة المنتفخة والنحيلة، والناس ليسوا كأسنان المشطِ إلّا بالمساواة الإنسانية على ما يقول النبيّ.
وستظل المطالب المتعارضة حيال القانون الإنتخابي تشكل معجزة شبيهة بحكاية عصفورة الملك سليمان التي طُلبَ منها أنْ تأتي بعودٍ: «لا أخضر ولا يابس ولا أعوج ولا جالس..»
وسيظلَّ لبنان دولةً عاجزةً على المجاز كما يقول إبن سينا، ودولة موصوفة بالإعوجاج في نظر العالم، فلا يُنتخب فيه رئيس إلَّا بعد طول شغور، ولا تُشكَّل حكومة إلّا بعد عسير الشهور، ولا تتم انتخابات نيابية إلّا بعد أن يتمخّض الجبل وقد يلِدُ فأراً.
والحقيقة… أن القانون الذي يحقق صحّة العدالة وشمولية التمثيل، ويضع لبنان على طريق التطور والإنفتاح الوطني هو القانون النسبي.
ولماذا، كل هذا اللعب والتلاعب، والكذب والتكاذب، كأن القانون النسبي رِجْسٌ من عمل الشيطان، أو كأن القانون المطلوب يحتاج الى أعجوبة من الروح القدس.
ولتسمح لنا الثنائيات التي تحاول أن تصادر المقاعد النيابية وتحتكر التمثيل الشعبي باسم الطائفية لاستبعاد الآخرين كأن مجد لبنان قد أعطيَ لها.
ولتسمح لنا الثنائية المارونية التي تتذرع بالإستحصال على العدد النيابي الأوفر للمسيحيين، وكأن المسيحيين الذين لا ينبطحون في أحضانها، هم مسلمون يصلّبون بأيديهم على وجوههم، أو كأنَّ المسيحيين الذين تضمهم هذه الثنائية، هم الأفضل تميُّزاً والأكثر نباغة، والأوسع ثقافة ونباهة، فيما العكس هو الصحيح.
وفي أسوأ الحالات، ومع كبائر الملمّات في هذا الزمان، فإن بضعة نواب مسيحيين من النخبويِّين المجلِّين، يؤمِّنون حضوراً مسيحيّاً يفوق طاقة العددّيين الذين يرفعون أصابعهم ولا يرفعون أصواتهم، ويرفعون أيديهم ولا يرفعون رؤوسهم.
فخامة الرئيس.
سمعناك تقول للتلاميذ الذين زاروك في القصر معايدين في الفصح، «… أنا أجاهد إكراماً لكم، ومن الممكن أن يكون واحدٌ منكم هنا في القصر ذات يوم…»
ولأنك تجاهد من أجلهم، ومن أجل الإصلاح والتغيير، ليتسنى للعصاميين لا لأبناء القصور أن يصلوا الى القصر، فلا أراك إلَّا رامياً كل مشاريع القوانين في المطامر، ومستعيناً بلجنة محايدة من الخبراء لوضع قانون إنتخابي ينطبق على قياس المرشّح الأُمّ الذي هو لبنان، ولنكتشف إذ ذاك من هم الذين قلوبهم معه وسيوفهم عليه.