IMLebanon

هل ثمة تبديل وتغيير على مستوى التحالفات

زيارة الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب المرتقبة إلى السعوديّة والمنطقة تمّت قراءتها مع كوكبة من المصادر من زوايا عديدة ترتبط بالعلاقات السعوديّة – الأميركيّة وبجوهر الصراع في المنطقة وانعكاس كل ذلك على واقع الصراع السياسيّ في لبنان. وانطلق النقاش بالدرجة الأولى من أن دونالد ترامب يحاول في كلّ مسارّه وانعطافاته أن يكشف نفسه بخلاف الرئيس السابق باراك أوباما، وهو ماض نحو معاكسته بمجمل قراراته وعلاقاته بدءًا من الداخل الأميركيّ وصولاً إلى علاقة أميركا بالخليج العربيّ وإسرائيل.

– الملاحظة الأولى في معرض النقاش والقراءة أنّ ثمّة خطوطًا استراتيجيّة لا يمكن للولايات الأميركية المتحدة الحياد عنها، على مستوى الشرق الأوسط ترى أميركا أنّ إسرائيل ودول الخليج العربيّ وعلى رأسها المملكة العربيّة السعوديّة رئتان ضروريتان لها والعلاقة معهما راسخة بالعمق الاستراتيجيّ، وبالنسبة للرؤية الأميركية إسرائيل والسعودية مدخلان كبيران لأميركا يتلاقى فيه الداخل والخارج معًا في التأكيد على ديمومة مصالحها السياسيّة والأمنية والماليّة والاقتصاديّة.

– الملاحظة الثانية، زيارة ترامب للسعوديّة تتمحور في تجييش الصراع السعوديّ- الإيرانيّ، وتلك مصلحة مشتركة أميركيّة وسعوديّة وإسرائيليّة على ما تظهره هذه المصادر لمحاولة التخفيف من وطأة الاتفاق الإيرانيّ- الدوليّ (5+1) وقد تحولت إيران بفعله إلى قوّة إقليمية رادعة في وجه السعوديّة وفي وجه إسرائيل في الوقت عينه.

-الملاحظة الثالثة، زيارة ترامب تتداخل في واقع الصراع في سوريا وعليها، فهو يحتاج وكما ترى هذه المصادر إلى البوابة السعوديّة لتثبيت أقدامه في المنطقة على أبواب تسوية جديدة وإبداء رسالة واضحة لروسيا بأنه شريك معها وتفترض «الشراكة» بقراءته ان تتفاعل شروطه بأرض الواقع ومنها إقامة دويلة كردية على الحدود ما بين سوريا وتركيا والعراق، وتحديد مواقع العازلة سواء في إدلب ودير الزور أو في جنوب سوريا على الحدود مع إسرائيل.

– الملاحظة الرابعة لن تتحرّك الزيارة نحو هدف القضاء على الرئيس بشار الأسد وإسقاطه من رئاسة الجمهوريّة، فعلى الرغم من الغارة الأميركية على مطارالشعيرات العسكريّ في ريف حمص ردًّا على خان شيخون لكن قد ثبت أنّ الرئيس الأميركيّ لن يسعى إلى إسقاطه سيّما أن المعارضة السورية قد أمست مجموعة معارضات وليست معارضة واحدة.

-الملاحظة الخامسة لن يكون بمقدور الولايات المتحدة الأميركيّة أن تخوض حربًا ضدّ إيران بصورة مباشرة، فهي وبحسب المعلومات الواردة تعرف تكاليفها وما يمكن أن تفرزه على مستوى الدور الأميركيّ، وستكون إيران من حيث النتيجة بطلة الإسلام والعالم الإسلاميّ والحرّ، والأميركيون لن يتحملوا نتيجة قوّية تحدث دويًّا كبيرًا كهذا، وفي المعلومات يسعى الأميركيون مع زيارة ترامب وبحسب معلومات بدأت ترد لتكوين حلف ناتو خليجيّ- إسرائيليّ في وجه إيران، تقاتل أميركا إيران بواسطته في سوريا والعراق وفي فلسطين ربما، وتلك خطة بدأت الدوائر الأميركية بالتعاون مع إسرائيل تعدّ لها وتجلب إليها الخليجيين وستكون حتمًا بتمويل خليجيّ إن حصلت وتجسدت.

– الملاحظة السادسة ستسعى أميركا بدورها إلى انضمام مصر إلى هذا الحلف تحت مغريات مالية واقتصادية واستثماريّة سواء بتسليج جيشها أو بتمويلها عبرها قروض وهبات، وتظهر معلومات تلك المصادر المجتمعة أنّ الرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسي بدأ يتدغدغ من تلك الإغراءات، لكنّ موقفه مشروط بحماية مصر من الداخل من الإرهابيين، السؤال: هل تدخل مصر شريكة في هذا الناتو أو تعصم نفسها عنه؟ حتى الآن ليس من جواب واضح بعد.

– الملاحظة السابعة يريد الأميركيون إتمام الحرب على الإرهاب، خلافهم مع روسيا في عهد دونالد ترامب ليس حول الحرب بل حول التسوية وشكلها. الأميركيون ميالون أن تتجه سوريا كما ورد في الملاحظة الثالثة إلى مناطق عازلة وإلى دويلات تنطلق من تكريس دويلة كردية فيما الروس حتى الآن غير ميالين إلى هذه الرؤية قبل حصولهم على مجموعة ضمانات لجهة أمنهم واقتصادهم ودورهم في المنطقة.

تشير تلك الملاحظات السبعة وبحسب قراءة تلك المصادر الى أن زيارة ترامب للمنطقة ليست حدثًا برتوكوليًّا واستكشافيًّا بل هي بداية مرحلة جديدة قد تكون تكوينيّة وجذرية تحمل في طياتها أبعادًا خطرة جداً في زمن كثرت فيه الضبابيّة وبشدّة. وتقول المعلومات الواردة عبر تلك المصادر ان المنطقة ستذهب نحو تضاعف الاشتباكات العسكرية والسياسيّة من المحور اليمنيّ إلى المحور السوريّ مرورًا حتمًا بالبحرين، وقد بدأت علامات تلك الأزمنة تتحرّك رويدًا رويدًا في بعض التصريحات النارية والعشوائيّة غير محصورة في نطاق واحد بل متشعّب على جبهات عديدة. لقد انطلق من جديد اشتباك سعوديّ-إيرانيّ على خلفيّة زيارة دونالد ترامب، فمصلحة دونالد ترامب توتير الساحة في وجه إيران وقبض الثمن باستثمارات محددة، ومصلحة السعودية إضعاف إيران وتبديل موقعها في الصراع، فيما إيران لا تزال راسخة على كلّ الجبهات وعلى كلّ الأصعدة.

ماذا عن لبنان في ظلّ ما رسب من معطيات؟

تقول المعلومات إنّ السجال حول قانون الانتخابات سيعلو منسوبه أكثر، وهو غير منفصل عن منظومة الانتظارات من خلف حجب الصراع في سوريا وعليها. وعلى عكس ما يحاول بعضهم قوله، لن يكون للبنان قانون انتخابات لكون الاشتباك حوله مرتبطاً بطبيعة الصراع في سوريا والمنطقة وبمجموعة شبكة مصالح بدأت تنغرس شيئًا فشيئًا في التربة اللبنانية. لماذا هذا الارتباط؟ تقول المعلومات إن جبهة الممانعة في لبنان بدأت ترى أن طبيعة الأمور سائرة نحو تكوين مختلف عما كان يمكن ان تسير نحوه المنطقة في عهد أوباما. الشيء الملموس في باطن وفكر تلك الجبهة أن طبيعة القانون وهو حياة أو موت للمجموعات الطوائفيّة في لبنان، لن تكون منفصلة عن طبيعة التسوية الجديدة والتي عليها سيكتب دستور جديد في سوريا.

تقول المصادر في معرض التقييم هنا، إن النقاش في لبنان تمركز حول مسألتين بالغتي الدقة، هل إقرار قانون جديد للانتخابات تتجمع في بنوده عناصر التسوية اللبنانية الجذريّة لتكون المقدّمة للتسوية السوريّة؟ أو أنّ هذا الإقرار ياتي كخاتمة تتجمّع في بنوده التسوية في سوريا؟ وبالتالي فإذا تمّ التسليم بالنظريّة الثانية فهل يستطيع لبنان احتمال الفراغ طويلاً، أو أنّه سيضطر الى العودة لقانون الستين مرحليًّا ريثما تنضج التسوية في المنطقة؟ وتقول المعطيات عند هذه المصادر إن التأجيل التقنيّ غير مرتبط البتّة في طبيعة النقاش التقنيّ والدستوريّ، بل في هذه المسألة البالغة الدقّة.

المشهد اللبنانيّ بحذافيره لا يزال مبهَمًا. رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، دعا لتقييم النسبيّة المطلقة، وفي الوقت عينه ثمّة أفرقاء آخرون يصرّون على النسبيّة المطلقة، هل ثمّة تغيير وتبديل في الحسابات على مستوى التحالفات إسقاطًا لما يحدث في المنطقة من توجهات جديدة؟ تعتبر تلك المصادرأن التحالف على مستوى التيار الوطنيّ الحرّ وحزب الله مبدئيّ غير ممسوس في الجوهر، وعلى مستوى التيار الوطنيّ والقوات وإن تداخلت مسألة الكهرباء في جوهر النقاش فالتحالف لا يزال متينًا. لكن ماذا بعد؟

أوساط سياسيّة اعتبرت أن الأمور مأخوذة إلى ضفّة جديدة وما على الأفرقاء السياسيين سوى التبصر مليًّا. فالدخول في تسوية داخليّة تبدأ بهذا القانون أفضل من الانتظار في وسط ساحات ملتهبة وصراع إيرانيّ – سعوديّ آخذ بالتصاعد الناريّ. فالاستقرار الأمني بعناصره وعناوينه إذا بقي هشًّا لن يبقى راسخًا بحال دخلت الساحات في أتون الالتهاب… فلننتبه!!!