تدور اتصالات مكثفة وفي غاية الأهمية بغية تصحيح وتصويب المسار السياسي بعدما وصلت الأمور إلى أعلى درجات التصعيد بين الأفرقاء السياسيين.وحُكي الكثير عن التسوية الرئاسية وما يمكن أن تبلغه من اهتزازات في حال استمرت الأوضاع على هذا المنوال، إلا أنّ المعلومات المستقاة من أكثر من جهة سياسية في الساعات الماضية أشارت إلى نجاح الاتصالات على خط التهدئة وتحديداً الدور الذي قامت به بعبدا من خلال زيارة وفد من التيار الوطني الحر لدار الفتوى، وصولاً إلى أنّ رئيس الجمهورية ووفق الحلقة القريبة منه فهو كثف اتصالاته وطلب من وزير الخارجية جبران باسيل التهدئة وتحديداً على خط الرئيس سعد الحريري، وهذا ما أدى إلى نجاح هذه المساعي وبالتالي فإنّ الساعات المقبلة ستشهد لقاءً مثمراً بين رئيسي الجمهورية والحكومة العماد ميشال عون وسعد الحريري لوضع آلية لانطلاق عمل الحكومة بعد إقرار الموازنة، وبالتالي فإنّ أجواء بيت الوسط تؤكد على استمرار التسوية وتنفي الاستقالة حتى في خضم الحملات والمساجلات المتبادلة بين التيارين البرتقالي والأزرق فإنّ جميع وزراء ونواب وقياديي المستقبل كانوا يؤكدون أنّ التسوية الرئاسية مستمرة وقائمة وهذا أمر محسوم.
من هنا فإنّ هذه الأجواء الإيجابية سيكون لها وقعها على وقف المساجلات، وبالتالي مواصلة التعاون من خلال التسوية الرئاسية بين بعبدا وبيت الوسط، إلاّ أنّ المخاوف تبقى قائمة نظراً للاهتزازات الإقليمية وما يجري في بعض المناطق من خروق أمنية بالغة الخطورة بدأت في طرابلس ووصلت إلى البقاع، كذلك الأمر هناك ترقب وانتظار لما ستؤول إليه مساعي نائب وزير الخارجية الأميركية دايفيد ساترفيلد حول ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل، كذلك الأمر ما يحصل في سوريا من تحضيرات لمعركة إدلب وتغيير المسار العسكري في سوريا بشكل عام بعد قيام المعارضة بسلسلة هجومات مضادة، ما يعني أنّ هناك قراراً أميركياً بتغيير قواعد اللعبة في المنطقة بينما تبقى الأزمة مع إيران مفتوحة وقابلة لكل الاحتمالات ما بين الحرب والتهدئة ومن الطبيعي أن لبنان سيتأثر بكل هذه الأجواء، وعليه لا يتحمل أية خضة داخلية مهما كان حجمها وخصوصاً أن اهتزاز التسوية الرئاسية من شأنه أن يعيد الأمور في لبنان إلى الوراء وإلى مرحلة وحقبة العام 2005، وعلى هذا الأساس فإنّ التواصل بين الرئيسين عون والحريري مستمر كونهما يدركان خطورة الأوضاع ولا يمكنهما ترك الأمور كما هي، وعلى هذه الأسس كان لرئيس الجمهورية دور فاعل في إعادة تنقية الأجواء بين التيارين البرتقالي والأزرق.
وأخيراً، يُتوقع أن يكون هذا الأسبوع منطلقاً لتوضيح الكثير من المسائل إن على خط مناقشة الموازنة في مجلس النواب وكيفية تعاطي الكتل النيابية معها وهل هناك من قطبة مخفية قد تعيد الموازنة إلى نقطة الصفر أم ثمة تعاطي إيجابي لإنهاء النقاش وتصويب المسار إضافةً إلى مسألة العلاقة الرئاسية وخصوصاً مع عودة الرئيسين بري والحريري من الخارج وإعادة تفعيل العملين الحكومي والمجلسي، وصولاً إلى التهدئة على خط المختارة – بيت الوسط، فكل هذه العناوين لها أهميتها في ظل الظروف الحرجة داخلياً وإقليمياً دون إخفاء البعض من الذين يتابعون ما يحصل في المنطقة من احتمال حدوث أي تطورات مفاجئة، وبالتالي لن يكون لبنان بمنأى عنها وهذا ما ستظهره الأيام المقبلة.