IMLebanon

هل من رابط بين الهجوم على الراعي ومحاولة تطويق العبسي؟

 

في الوقت الذي لا ينظر التيار الوطني الحر فيه بعين الرضى الى ما يفضّل ان يسميه هجمة الضغط القواتية لرفع المكاسب الحكومية والانتخابية عبر اشهار ورقة استقالة وزراء الحزب من حكومة «استعادة الثقة» في وجه العهد بحجة تهميشه وعدم مراعاة مطالب هؤلاء الخارجة في بعض الاحيان عما يصنفونه في اطار القانون والاليات، يلمس المراقبون قطبا مخفية محورها الساحة المسيحية وخلافاتها التي عادت تطل برأسها على اكثر من محور، من نار الصراع القواتي-العوني على الحصص المستعر تحت رماد اتفاق معراب، وقبلها الانفجار على خطي الرابية – بنشعي والرابية – بكفيا، واليوم حملة ضد بكركي معلومة الاسباب مجهولة المحرض.

صحيح ان بكركي خسرت الكثير خلال السنة المنصرمة بعد وصول رئيس تكتل الاصلاح والتغيير العماد ميشال عون «المسيحي القوي» الى قصر بعبدا وانفراط عقد الرباعي القيادي، الذي دق المسمار الاول في نعش الاتفاق غير المكتمل، فضعف الصرح البطريركي وخسر موقعه لصالح بعبدا، بحسب ما توصف الوضع مصادر مسيحية مخضرمة، وهو بطبيعة الحال امر طبيعي في ظل انهماك البطريرك بزيارة رعيته في طول الارض وعرضها.

وتضيف المصادر بان التنوع الذي يشهده مجلس البطاركة الموارنة وحيوية النقاشات التي تقارب مختلف الملفات المطروحة امامه، لاول مرة في تاريخ البطريركية، والتي جعلت الكاردينال الراعي «اسير» مواقف بدت اكثر من مرة متضاربة ومتعارضة،زادت من الانطباع الشعبي عن انقسام «مزعوم» في الكنيسة، اكثر ما يظهر في الرهبانية التي توزعتها الاحزاب المسيحية، وان بقيت حصة الاسد للتيار الوطني الحر، الذي نجح في تشكيل لوبي كنسي – رهباني يتبنى اهدافه وخطه السياسي والوطني.

ورغم «الامتعاض» في بكركي من مواقف رئيس التيار البرتقالي التي اطلقها اخيرا من الجبل لتأثيرها على المصالحة ولانها جاءت لزوم ما لا يلزم في هذه المرحلة الحساسة، بحسب مصادر كنسية، وان كانت تتفهمها في اطار الانتخابي، يضاف الى ذلك «عدم رضى» عن بعض التعيينات المسيحية، وكيفية ادارة وتسيير بعض المرافق والوزارات و«النكايات» التي ادت الى شللها او استمرار الخلل فيها،بعدما بدأت تصل اصداء ذلك الى الصرح، برز وجود تقارب خلال الايام الاخيرة بين بعبدا وبكركي تقاطعت عند الموقف من اميركا من النازحين السوريين وتوطين اللاجئين الفلسطينيين.

مواقف اشعلت ردود فعل ضد البطريرك الراعي كان اللافت فيها، دخول رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذوكس، المطران عطا الله حنا، على خطها، لناحية إعتباره أن تصريحات الراعي «لا تمثلنا كمسيحيين عرب ومشرقيين»، في الوقت نفسه الذي كان ثمة من يعيد نشر احد التقارير الذي اعده محافظ المحكمة العليا للتوقيع الرسولي الكاردينال دومينيك مامبرتي، والصادر عام 2015، والذي تحدث يومها عن ممارسات لاساقفة موارنة تتناقض وتعاليم المسيح، محاولين من خلال حملة على مواقع التواصل الاجتماعي التصويب على بكركي من خلال الحديث عن فساد واهمال للرعية المسيحية وعدم اهتمام باوضاعها وما وصلت اليه.

اوساط كنسية متابعة رأت ان ثمة من انزعج من المواقف الوطنية للبطريرك الراعي والتي هي متناغمة بالكامل مع مقررات وتوصيات مجلس المطارنة، ليس فقط حول المسالتين السورية والفلسطينية، انما ايضا حول الملفات الداخلية المطروحة من مسالة سلسلة الرتب والرواتب ، مرورا بالاقساط المدرسية، وصولا الى رفض بعض الممارسات التي تلحق الغبن باصحاب حقوق من مختلف الطوائف.

واشارت الاوساط الى ان الحملة ابعد من بطريركية مارونية، اذ ان الامر نفسه يحصل مع بطريرك الكاثوليك المنتخب حديثا جوزف العبسي، حيث تشير مصادر واسعة الاطلاع الى وجود محاولات سياسية «للهيمنة» على المجلس الاعلى لطائفة الروم الكاثوليك لتقييد حركة البطريرك، ما يثبت ان المستهدف على ما يبدو هو الكنيسة المسيحية، بعدما نجح المسيحيون في التثبت بهذه الارض والمحافظة على ما بقي لهم نمفشلين على طريقتهم المشروع الاصولي بكل امتداداته.

عليه تؤكد الاوساط ان بكركي مستمرة في نهجها المرتكز الى تعاليم الكنيسة وهي لذلك تنطلق في مقاربتها للمسائل والملفات من منطلقات وطنية وهي لا تتدخل في السياسة، وهي ملتزمة بالخطوط العريضة لاستراتيجية الكنيسة الام في الفاتيكان، والتي يعبر عنها الاساقفة الموارنة في بياناتهم الشهرية، مشددة على ان المطلوب في هذه الفترة إعادة تقويم مسار المصالحات المسيحية وتوسيعها وتمتينها للعبور بالطائفة الى بر الامان، ولاعادتها الى السلطة والدولة كمكون فاعل واساسي له دوره ورسالته كما اكد على ذلك الارشاد الرسولي.