Site icon IMLebanon

هل من علاقة بين حملة المشنوق المستجدّة وتطوّر التحقيقات في اغتيال الحسن ؟  

يفتح الاسبوع الحالي ايامه على تداعيات «سجال الصحوات» الذي مرره الوزير نهاد المشنوق للنائب وليد جنبلاط الحائر بين التاريخ والجغرافيا مستعيدا «محطات نضالية» الاشتراكية ضد اسرائيل، والذي لم يعرف إلى من وجه كلامه، في لحظة داخلية دقيقة، بحيث لا يمكن تقول مصادر سياسية متابعة، الا أن يكون له ما بعده، تزامنا مع نقاش آخر لا يقل اهمية فتحه الرئيس السابق ميشال سليمان، من خلال كشفه أن الديبلوماسية اللبنانية حاولت شطب «إعلان بعبدا» من قرارات المجموعة الدولية في 26 أيلول الفائت، متسائلا عن السبب وخدمة لمن.

فالوزير الذي اراد دق ناقوس الخطر، مطلقا الرسائل المشفرة لمن يعنيهم الامر، آخذا في الاعتبار الاوضاع الحساسة في البلاد، بعدما تلقف وبحسب مصادر في «تيار المستقبل» بصدره الانتقادات حول «تسليمه « لحزب الله امنيا منذ دخوله الى الوزارة من اهل البيت قبل الغرباء، وجد نفسه بعد اشهر «كالزوج المخدوع» فلا تعاون من قبل الحزب الا شكليا، حتى ان درجة التنسيق بين الاجهزة الامنية الرسمية تراجعت الى ما دون الاربعين في المئة، بعد فترة شهر العسل والتناغم التي قامت بين وزارة الداخلية وقيادة الجيش.

واذا كانت الخطة الامنية العرجاء، الجزء الظاهر من جبل جليد الازمة المتفجرة، فان وراء اكمات الدوافع الكثير، الذي لخصته المصادر نفسها على دقائق الملفات الامنية بالتالي:

– رفع الحزب البطاقة الحمراء في وجه تطبيق القوانين، خلافا للمواقف المعلنة، من خلال تغطيته للممارسات الشاذة وعدم تسليمه مطلوبين بجرائم امنية تمس الامن القومي اللبناني.

– تراكم معطيات أمنية خطيرة منذ اندلاع مواجهة عرسال الاولى وصولا الى مواجهة بريتال وما بعدها، وفشل كل محاولات المعالجة ضمن الكواليس السياسية والأمنية والحكومية. 

– احساس تيار المستقبل بضغط الشارع السني المقتنع «بالغبن» اللاحق بالطائفة وتصرفات بعض الاجهزة الكيدية التي دفعت بالبعض الى حضن الاصوليات .

– محاولة التشويش الجارية في مسألة العسكريين الاسرى والقطب المخفية في تحريك القضاء في لحظات معينة وعند تحقيق اي تقدم عبر حملات مبرمجة ومعروفة الاهداف.

– اعادة مسألة استشهاد العقيد نور الدين الجمل الى الواجهة في «وقت مشبوه» بدا وعلى حدّ قول المصادر في «المستقبل» وكانه محاولة لتبرئة فريق ما، وسرعة التسريبات والتحقيقات التي جرى تحريفها خدمة لمصالح سياسية وربطها بشخصية لعبت دورا اساسيا في ملف الاسرى.

– خرق الجهاز الامني المقصود للتعليمات الرسمية واجرائه اتصالات بجهات خارجية خلافا للتوجهات السياسية العامة ورفعه تقارير الى جهات غير رسمية، وعدم ابدائه التعاون المطلوب مع الاجهزة الاخرى.

– التوصل الى ادلة دامغة في ملف اغتيال اللواء وسام الحسن والجهة المتورطة، تمثلت : تحديد هوية الشخص الذي وضع السيارة المفخخة، تحديد هوية الشخصية السياسية المقربة من الثامن من آذار التي درجت على عقد لقاءات دورية بالشهيد الحسن، والتي مكست في مكتب اللواء السري حتى الرابعة صباحا والجهة التي اجرت الاتصال بالهاتف الخليوي، تحديد هوية احد الاشخاص الذي تواجد في محيط سيارة اللواء الشهيد، تحديد هوية ثمانية اشخاص كلفوا بالمراقبة والتنفيذ مستخدمين حسابات «فايسبوك» وهمية كوسيلة تواصل بينهم.

– البعد الاقليمي المتمثل بعودة التوتر الى العلاقات الايرانية- السعودية التي طالما اعتبر الكثيرون الوزير المشنوق «باروماترها» اللبناني نظرا للعلاقات القوية التي تربطه بالقيادة الامنية في المملكة.

كلام يؤشر الى مرحلة جديدة من التعاطي بين تيار المستقبل والحزب، انطلاقا من معادلات جديدة ستحكم الملفات السياسية والامنية، التي يعي تيار المستقبل مسؤولية الحزب في التسويق لتحول الطائفة السنية الى بيئة حاضنة للارهاب ووضعها في مواجهة الجيش، ما قد يترجم تصعيدا سياسيا وربما امنيا ايضا، خصوصا في ضوء اعلان المشنوق عزمه على الاعلان عن قتلة الحسن.

مصادر مقربة من الرابع عشر من آذار ان لا رغبة لدى المستقبل او حلفائه في افتعال أزمة حكومية في هذه الظروف الدقيقة، الا ان ذلك لا يعني التغاضي عن ايصال رسالة واضحة للحزب عن ان تصرفاته بلغت الخطوط الحمر، وبالتالي فان رد الفعل لن يبقى بعد اليوم في اطار الاعتراض الكلامي والإعلامي بعدما بدأت البلاد تنزلق الى متاهات أمنية شديدة الخطورة، نتيجة تجاوزه مبدأ الشراكة، معتبرة ان ضربه عرض الحائط لمسألة تقوية الصوت السني المعتدل، في ظل النمط الجديد في استهداف العسكريين اللبنانيين، يلزم 14 آذار بالتشدد تجاه حزب الله قبل انفلات الشارع.

في المقابل رأت أوساط مقربة من حزب الله ان كل ما يقال ويسرب ما هو إلا عينة ونموذج عن حجم الافتراءات والتجني والأكاذيب التي كانت ومازالت تُطلقها بعض القوى السياسية ضد المقاومة، لتعمية الرأي العام عن الحقيقة والتغطية على الإرهابيين والتكفيريين، لافتة الى أن قيادة الحزب اتخذت قرارا بعدم الانجرار وراء مواقف البعض المبتذلة والوضيعة، وعدم مجاراة وتلبية رغبات بعض القوى السياسية والمسؤولين السياسيين، إلا أن الحزب يضطر في بعض الأحيان الى شرح الحقائق واتخاذ الموقف المناسب وفي الوقت المناسب لوضع النقاط على الحروف، تماما كما حصل في موضوع طرابلس، معتبرة أن تنصل بعض السياسيين من مسؤولياتهم بأسلوب مبتذل ورخيص لإثارة النعرات ومحاولة اللعب على الوتر الطائفي والمذهبي ربما يحقق بعض الغايات الشخصية والمكاسب السياسية على حساب استقرار طرابلس وأمن لبنان ككل.

واضح ان التطورات العسكرية الاقليمية والسياسية اللبنانية تخطت مستوى الاهتمام بمجلس النواب واستحقاقاته، وعلى رأسها التمديد، لتسلط الاضواء مجددا على المستجدات الامنية في لبنان الذي بات مسرحا لحروب اعلامية غامضة الاهداف.

في اي حال، ستتجه الأنظار في هذا التطور الى واقع الحكومة ومسارها الصعب، ولا على العلاقات بين المستقبل والحزب المتذبذبة، ذلك ان احداً لن يغامر بأي خطوة من شأنها ان تُحدِث خضة حكومية الآن، نسبة لتقاطع المصالح السياسية بين مكوناتها، شرط ان يتعامل حزب الله بمرونة وانفتاح وعدم اهمال او الاستخفاف بالرسائل التي اوصلها المشنوق.