IMLebanon

هل من وجوه شبَه بين التجربتين اللبنانية والأردنية؟

لم يطلع فجر الأردن أمس على كلّ من الإرهابية العراقية ساجدة الريشاوي ومواطنها زياد الكربولي، بعدما نُفّذ بهما حكم الإعدام شنقاً بعد ساعات على إعدام «داعش» الطيّارَ الأردني الأسير معاذ الكساسبة حَرقاً. وهو ما فتحَ باب المقارنة بين التجربتين الأردنية واللبنانية مع الإرهاب. فهل مِن وجوه شبَه؟

تتزامن التجربتان اللبنانية والأردنية في مواجهة الإرهابيين، إذ اعتقلا في العامين 2005 و2006 متورّطين في عمليات إرهابية، فزجّ بهم لبنان في سجن رومية، فيما كان الأردن يخوض التجربة عينها.

فهو اعتقل ساجدة الريشاوي عام 2005 وأدِينَت عام 2006 بالمشاركة في تفجير ثلاثة فنادق في عمّان، قبل أن يوقف مواطنها الإرهابي زياد الكربولي بتهمة الانتماء الى تنظيم «القاعدة» في أيار 2006، ويُحكَم عليه بالإعدام في 5 آذار2007.

للوهلةِ الأولى تقود هذه الرواية المؤرّخة قضائياً وأمنياً إلى أنّه كان يمكن الريشاوي أو الكربولي أن يكونا موقوفين في سجن رومية لو كُلّفا مهمّات في إمارة لبنان، ولكن شتّان بين السجنين اللبناني والأردني.

ففي الأوّل صحن يومي ساخن تبرّعت به لأعوام مرجعيات وتوصَّل موقوفوه الى إزالة أبواب السجن الفاصلة بينهم، وبنوا إمارة جنّدت ضبّاطاً وعسكريين من سجّانيهم، وأقاموا غرفة عمليات هاتفية وأخرى للإنترنت جعلتهم على تواصل يومي مع الخارج بالصوت والصورة، فقادوا عمليات إرهابية في لبنان والعالم لفترة.

بالتأكيد لم يتمتّع الريشاوي والكربولي بأيّ من هذه الامتيازات، وكاد العالم أن ينساهما لو لم تطرَح «داعش» التبادل بينهما وبين الصحافيين اليابانيين من دون إدراج الطيّار الأردني على اللائحة، قبل أن يربط الأردن مصيرَهما بمصير الكساسبة بشرط واحد يثبت وجوده على قيد الحياة، لكنّ ذلك لم يحصل. وهو أمرٌ زاد من شكوك الأردنيّين، إلى ان حدثَ ما حدث، فكشف عن فيلم حرق الطيار بعد ذبح اليابانيين، ما دفعَ الأردنيين الى كشف ما لديهم من معلومات تؤكّد مقتل الكساسبة قبل شهر، وردّ الأردن على قاعدة «العين بالعين والسِنّ بالسن» فأعدم الريشاوي والكربولي شنقاً.

وعلى هذه الخلفيات، تكفي الإشارة الى أنّ أحد القادة الأمنيين اقترحَ منذ بدء مسلسَل تصفية العسكريين، وتحديداً بعد استشهاد الجندي عباس حمية، المباشرةَ في تنفيذ أحكام الإعدام بموقوفين محكومين ممَّن يطالب بهم الخاطفون لوقفِ المسلسل في حلقته الثانية بعد قتل العسكري علي السيّد، لكنّ حساباتٍ حالت دون الخطوة، ومنها اعتبار أنّ إعدام أيّ من الإسلاميين له سلبيّاته في بلد طائفيّ مختلط كلبنان، يتمتّعون فيه بأكثر من حاضن دينيّ سياسي رسمي وشعبي، ولا يشبه الأردن بتركيبته الطائفية الصافية فاستبعدت الفكرة.

ولكنّ الفكرة قادت الى اقتراح آخر رفعَه يومَها وزير سابق خاض مفاوضات مشابهة، فاقترح الردّ بإعدام سوريّين صدرَت في حقّهم أحكام بالإعدام وفق صدورها بالأقدمية، ما سيؤدّي على الأقل الى إعدام إثنين ارتكَبا جريمتين فظيعتين، واحدة كانت ضحيتها ميريام الأشقر في ساحل علماً، وأخرى قتِل فيها صرّاف صيداوي من آل البابا، بهدف إفهام الخاطفين أنّ التمادي له ثمنُه.

وأمام هذه الوقائع رُبَّ سائل: لو لجَأ لبنان إلى الرد بهذه الطريقة، هل كانَ أوقفَ المسلسَل قبل قتل مزيد من العسكريين؟ ليس من السهل الجواب بالإيجاب، فهناك من يَعتقد أنّ تفريغَ سجن رومية من الإسلاميين لن يعيدَ أسيراً عسكرياً لبنانياً من الجرود، فهُم من أغلى الرهائن ولم تتوقّف المحاولات لزيادة عددهم حتى اليوم.

قد يكون صاحب هذه النظرية على حقّ، فـ»الداعشيون» يُدركون أنّ الأردن يتمايَز عن تركيبة لبنان «الفريدة». والدلائل كثيرة فقد حصَلوا في ساعات قليلة على قبول أردني بمبدأ المقايضة بالريشاوي، وهو أمرٌ لم يتجاوَب لبنان معه. فلماذا لم يردّوا على التحيّة بالمثل؟ وهل كان صعباً ضمّ الطيّار الأردني الى الصحافيين اليابانيين في الصفقة نفسِها لو كان حيّاً؟ وهل كان الخاطفون يريدون فعلاً الإفراج عن الريشاوي؟

قد تتعدّد الأسئلة التي لا أجوبة لها، مع الإشارة إلى فارق وحيد في التجربتين اللبنانية والأردنية، إذ ثمَّة مَن يقول إنّ في الأردن دولة لا تناقش قراراتها مع الطوائف وفي الشارع، أمّا في لبنان فالواقع مختلف.