Site icon IMLebanon

هل مِن موقع للبنان في «مسيرة إعادة الأمل» بعد « عاصفة الحزم»؟

شَكّلَ الإعلانُ عن انتهاء «عاصفة الحزم» والانتقالُ سريعاً إلى «مسيرة الأمل»، بعد ساعاتٍ على أمرٍ ملَكيّ إلى الحرَس الوطني للمشاركة في «برّ العاصفة»، مفاجأةً بكلّ ما للكلمة مِن معنى. وهو ما أوحى بأنّ الديبلوماسية أنجزَت في وقتٍ قياسيّ تفاهُماً في أحد طرفَيه إيران والسعودية. ودفَعَ إلى التساؤل: هل مِن موقعٍ للبنان فيه، أم أنّ عليه الانتظار؟

مِن دون أيّ مكابَرة، انتظرَ مسؤولون كثُر ساعاتٍ طويلة ليصَدّقوا أنّ «عاصفة الحزم» التي تقودها السعودية متقدّمةً دوَل الحلف العربي – الإسلامي العشرة قد انتهَت، وأنّها حقّقت أهدافها بعد ساعات من الغارات التي فتحَت ابواب جهنّم في أكثر من موقع للحوثيين ومواقع الجيش اليمني المنشَقّ على الرئيس عبد هادي منصور.

لم يكن اللبنانيون المفروزون بين مؤيّد لثورة الحوثيين وانقلابِهم على السلطة بالتحالف مع ألدّ أعدائهم الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، أو أولئك الذين رحَّبوا وعَقدوا الآمال على «عاصفة الحزم» لقَلبِ التوازنات التي «طبَشت» لصالح الحوثيين والمحور الإيراني، على استعداد لتقَبّلِ الصدمة، فاستعجَلوا التبريكَ والتهاني، كلٌّ على طريقته، سَواءٌ لإعلان انتصار الحوثيين أو العكس، قبل أن تنجليَ الصورة عن شكل ومضمون التفاهم السياسي الذي نسَجَته الوساطات الكبرى التي واكبَت العمليات العسكرية وشهدَت عليها عواصمُ عدّة من الرياض إلى أنقرة وطهران، والتي صَبَّت حصيلتها في مسقط التي تحَوَّلت عن سابق تصَوّر وتصميم وباعتراف مسبَق من جميع الأطراف، حتى المتصارعة منها، «عاصمة الوساطة»، منذ أن خرجَت عن إجماع الحلف العربي والإسلامي في قيادة عاصفة اليمن.

باتَ ثابتاً لدى المراجع الديبلوماسية التي تجاوزَت الصدمة أنّ حَملةَ الوساطات التي فجّرَتها «عاصفة الحزم» أنتَجَت صيغةَ تفاهمٍ سريعة لم تكن في أيّ مِن حسابات أطراف الصراع. ومرَدُّ هذا الاقتناع أنّ العملية العسكرية التي قادَتها السعودية لا تشبه أيّاً مِن العواصف التي سبَقتها ولا يمكن مقارنتُها بأيّ تجربة أخرى.

فهي بالتأكيد لم تكن «مَزحة»، بعدما تبيّنَ أنّها تمتلك بنكَ أهداف موجِع للغاية زاد من فاعليتها كثافةً الطلعاتُ الجوّية القياسية التي قاربَت 2500 طلعة في أقلّ مِن 26 يوماً وساندَتها أجهزة استخبارات داخلية وخارجية بشكل لم يسبق له مثيل.

وتحدّثَت التقارير الديبلوماسية أنّ الغارات الجوّية التي استهدفَت أهدافاً محدّدة كشفَت أنّ أرضَ اليمن على رغم مساحتها الشاسعة كانت تحت الرَصد الجوّي، ما سَمحَ بتحقيق أهداف متحرّكة بشكلٍ دقيق للغاية، وهو ما جعلَ الحوثيين والجيشَ اليمني الموالي لهم يبحثون عن مراقبين وعمَلاء في صفوفهم.

وقد توسّعَ هذا الاقتناع بعد سلسلة غارات استهدفَت قوافلَ مدرّعة تحرّكَت في مناطق مكشوفة بعد انطلاقها إلى أهدافها، وبلغَت الذروة في العملية المدمّرة لمستودع الصواريخ في صنعاء والذي كان قد استُحدث بعد أيّام على بَدء «عاصفة الحزم» ولم يكن هدفاً سابقاً معلوماً مِن الاستخبارات.

وفي ظلّ الحديث عن «تفاهم شامل» يُحيي العملية السياسية في اليمن بعودة الرئيس عبد هادي منصور إلى بلدِه، كما أشيع أمس، وهو ما كان يرفضه الحوثيون، طرحَت المراجع الديبلوماسية أسئلةً عدّة بَحثاً عن حجمِ التوافق الإيراني – السعودي والظروف التي أنتجَته ودفعَت إلى وضعِ حدّ للعمليات الجوّية قبل موعد البرّية منها. وكلّ ذلك بهدف استكشاف حجم التنازلات التي رافقَت التفاهم السياسي والتدقيق في الروايات المتعدّدة التي رافقَت الإعلان عن وقفِها.

على هذه الخلفيات، تبحثُ المراجع عينُها عن سيناريو محتمَل قد يقطفُ لبنان مِن ثمارِه شيئاً. لكنّ الأمر رهنُ استكشاف بعض الحقائق والمعادلات. فهل هناك تفاهُمٌ ما بُنِيَ على تهديدات مبَطّنة غيّرَت مجرى الأحداث، أم أنّ اتّفاقاً قد أُنجِز، وهو أكبرُ مِن ملفّ اليمن ويمكن أن ينسحبَ على العلاقات بين البلدين وسلسلة الأزمات المرتبطة بهما؟

وعليه، تنصَح المراجع الديبلوماسية بالترَيُّث لأيام قليلة، ريثما تظهر ملامح الصفقة الغامضة، فإذا ظهر أنّها شاملة يمكن أن نستفيد منها ببرودةٍ سياسية في المدى القريب على الأقلّ إلى حين نضوج الخطوات السياسية، وهو ما يَفرض انتظاراً لن يدوم طويلاً بحيث تنسحبُ «مسيرة إعادة الأمل» على الدوَل التي تنتظرها أو العكس، عِلماً أنّ لبنان هو إحدى هذه الدول.