ظن بعض اصحاب النيّات الحسنة ان موقف امين عام حزب الله، السيد حسن نصرالله، وردّ رئىس تيار المستقبل رئىس الحكومة الاسبق، سعد الحريري، العاليي السقف حول اعدام الشيخ السعودي الشيعي نمر النمر، لن يخرقا سقف التهدئة بين الحزب والتيار، ولن يضعا نهاية للحوار المهتز، القائم بينهما منذ مدّة، برعاية وعناية رئىس مجلس النواب نبيه بري، وان ارتفاع النبرة بين الرجلين لن توصل الى قطع الجسور بين الممثلين الاقوى لشيعة وسنّة لبنان في هذه الايام البالغة الصعوبة، بل سيكتفيان بتسجيل المواقف حرصا على استقرار هشّ ما زال لبنان ينعم به في محيط ملتهب، لكن تصريح رئيس كتلة نواب حزب الله محمد رعد، اخترق سقف التهدئة عندما اعتبر ان لا عودة لسعد الحريري الى لبنان، لأنه ليس سوى ناطق باسم السعودية، واثار غضب نواب المستقبل وقياداته، ومحازبيه، وعلم من اوساط تيار المستقبل ان هناك درسا معمّقا لموقف رعد، ورغبة شديدة لدى اكثرية المستقبليين للضغط على سعد الحريري بوجوب العودة سريعا الى بيروت على ان تستقبله تظاهرات حاشدة للتأكيد على ان لا احد يحق له ان يمنع رئىس اكبر تكتل نيابي من العودة الى وطنه، وهذا يعني ان المواقف التصعيدية الناتجة عن الفعل وردّات الفعل ستكون لها الكلمة الاخيرة، ان لم تسبقها الى التعطيل مساعي اصحاب النيّات الحسنة، واعادة العقل البارد الى الرؤوس الحامية، ومن اليوم حتى يوم الاثنين المقبل الموعد المقرر لجلسة الحوار بين الحزب والتيار، قد تشهد الساحة اللبنانية اجواء ملبّدة بغيوم الفتنة، او صحوا حققه تغليب العقل والمنطق والمصلحة الوطنية على الغضب والغريزة ومصالح الخارج.
في مطلق الاحوال تعتبر مصادر سياسية مستقلة انه ولو تجاوز الفريقان، حالة التوتر السائدة حاليا، فإن الاوضاع ما بعد اعدام الشيخ النمر، وقطع العلاقات بين السعودية وايران، لن تعود كما كانت سابقا، خصوصا وان مواقف التصعيد بين الدولتين، ما زالت في بداياتها، واجتماع وزراء خارجية دول الخليج العربي يوم السبت في العاصمة السعودية الرياض، يتوقع ان ينتهي بجملة مواقف متشددة يحملها وزراء الخارجية يوم الاحد الى الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارحية العرب في القاهرة، وما يمكن ان ينتج عنه من مقررات ستكون حتما ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية انطلاقا من احراق السفارة السعودية في طهران، وما يزيد في تعقيد الامور في الداخل اللبناني العقوبات المالية التي تفرضها الولايات المتحدة الاميركية على حزب الله ونوابه وقياداته، والتزام لبنان بتنفيذ هذه العقوبات ما يثير غضب الحزب في تجميد رواتب نوابه ووزرائه، اضافة الى ان مبادرة سعد الحريري بتأييد النائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، قد خلق شرخا عميقا داخل 8 آذار وبعلاقة الحزب مع سليمان فرنجية، واذا كان الحزب قد نجح في ادخال ترشيح فرنجية في حالة السبات الشتوي الطويلة، الاّ ان تداعيات هذا الترشيح داخل 8 آذار كانت بمثابة الكابوس المزعج، وقد يكون الترشيح السبب الاساس لحملة النائب رعد على سعد الحريري.
****
في خضم هذه «الكريزة» من فقدان التوازن الوطني في المواقف والتصريحات، ومن اجل خفض نسبة المخاطر الناجمة عن فقدان التوازن دعوة مخلصة الى «العقّال» عند جميع الاحزاب والتيارات والشخصيات، بأن يجهدوا على الاقل، لتفعيل العمل والانتاج في الحكومة ومجلس النواب، لتخفيف وقع الكارثة في حال صدق المنجمون… ووقعت.