Site icon IMLebanon

هل هناك تقاطع مصالح انتخابية يكمن وراء تكبير حجم الأزمة؟

 

الهوة تتسع بين حركة أمل والتيار الوطني الحر ولا عودة إلى الوراء

 

ثمة من يجزم بأن الخلاف بين الرئاستين الأولى والثانية بات خارج أي قدرة على الحل

الهوّة بين الرئاستين الأولى والثانية تزداد اتساعاً يوماً بعد آخر في ظل غياب مساعي الخيرين عن الساحة وتمسك كل من بعبدا وعين التينة بمواقفهما وعدم إبداء أية نية للتراجع عنها.

فرئيس الجمهورية الذي أبدى في اليومين الماضيين على نشوب أزمة التسريب، بعض الليونة عاد أمس إلى التصعيد من باب التمسك بصلاحياته الدستورية التي نص عليها اتفاق الطائف وإلى اتهام الآخرين، ويقصد هنا بالطبع الرئيس نبيه برّي بالسعي للانقلاب على هذا الاتفاق.

ولم يكن حال رئيس مجلس النواب على هذا الصعيد أفضل من حال رئيس الجمهورية، فهو جدد التأكيد امام النواب الذين زاروه في يوم الأربعاء النيابي على مواقفه الثابتة من ضرورة ان يقدم وزير الخارجية اعتذاراً علنياً إلى اللبنانيين عمّا صدر عنه من إساءة إليه.

وبين هذين الموقفين المتشددين، تزداد الأزمة الناشبة بينهما تأزماً، وكأنها وصلت إلى نقطة اللاعودة، ولا سيما في ظل استمرار تحركات محازبي ومناصري حركة «أمل» في الشارع، والدعوات التي يطلقونها ضد الوزير باسيل وضد العهد شخصياً على خلفية التسريبات المنسوبة إلى الوزير باسيل والتي فيها تهجم على رئيس الحركة وزعيم الطائفة الشيعية وذلك كلّه في ظل غياب حليف الاثنين حزب الله عن المشهد السياسي وامتناعه عن القيام بأي مسعى جدي للتخفيف من حدة الأزمة وسط أكثر من مؤشر إلى انه ميال إلى الوقوف إلى جانب الرئيس برّي في المعركة الدائرة بينه وبين سيّد العهد الذي لا يزال يربطه به إعلان مار مخايل الذي أرسى تفاهما عميقا بينهما كانت أبرز محطة فيه إيصال العماد عون إلى قصر بعبدا رغم الاعتراضات القوية من قبل فريق الرابع عشر من آذار قبل ان يسقط هذا الفريق وتتوزع قواه، وصولاً إلى الحالة التي يعيشها هذه الأيام.

ويذهب البعض إلى حدّ الجزم بأن الخلاف بين الرئاستين، الأولى والثانية، بات خارج أي قدرة على الحل وان الأمور بينهما تسير من سيىء إلى أسوأ، ولم يعد يستبعد هذا البعض ان تأخذ في قابل الأيام، وكلما اقترب موعد الاستحقاق الانتخابي اشكالاً مختلفة قد لا يبقى الشارع بعيداً عنها، وان كان النواب نقلوا عن الرئيس برّي حرصه على ان يبقى الخلاف ممسوكاً ضمن حدود الضغط على الوزير باسيل لتقديم اعتذار علني إلى اللبنانيين عمّا صدر عنه ضده في ذلك اللقاء الذي عقده مؤخراً في إحدى القرى البترونية، مستندين في ذلك إلى استمرار نواب حركة «امل» في التصعيد ضد رئيس التيار الوطني الحر ودعوته إلى الاستقالة وعدم الاكتفاء بالاعتذار العلني إلى استمرار التصعيد في الشارع ورفع هتافات ضد رئيس الجمهورية نفسه، على خلفية تحميله مسؤولية ما حصل وما وصلت إليه الحالة بين المكونين من تعقيدات لا يُمكن ان يبقى الشارع بعيداً عنها. مستندين في ذلك إلى ما ألمح إليه رئيس الجمهورية خلال استقباله أمس وفد الرابطة المارونية من اتهام مباشر للرئيس برّي بأنه يستخدم الشارع الذي لم يكن، حسب قوله، يوماً مكاناً لحل الخلافات السياسية، وصولاً الى اتهام هذا الفريق بأنه يعرقل مسيرة الإصلاح ولا يريد بالتالي الخير للبنان واللبنانيين كما لا يريد بناء دولة القانون والمؤسسات لأن اللجوء إلى الشارع يؤذي الاستقرار الذي ينعم به لبنان وسط جواره المتفجر على حدّ قوله.

غير ان الأخطر، حسب ما يذهب إليه البعض، هو ان الخلاف بين الرئاستين لم يقتصر على الشارع بل أصاب في الصميم عمل المؤسسات الدستورية وعطل عجلاتها في شكل شبه تام، فبعد إلغاء اجتماع المجلس الأعلى للدفاع واللجان النيابية المشتركة لم تعقد أمس جلسة اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان المشتركة، وارجئت إلى موعد يُحدّد لاحقاً، فيما مجلس الوزراء لن يلتئم اليوم ولو كان ذلك بذريعة زيارة الرئيس سعد الحريري إلى تركيا.

وإذا كانت هذه الارجاءات كلها جاءت لتفادي الصدام بين فريقي رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي فإن مصادر مراقبة ما زالت ترى ان عملية شراء الوقت لمحاولة تنفيس الاحتقان السائد ليست مضمونة النتائج في ظل عدم إبداء المعني الأساسي بترطيب الأجواء بين حليفيه أي حزب الله أي نية للتوسط بينهما أو للتخفيف من حدة التشنج الذي وصل إلى الشارع، أقله في المدى المنظور حتى ان الحزب، اختار وفق هذه المصادر الوقوف بشكل واضح إلى جانب الرئيس برّي في النزاع الحاصل، ما افقده دور الوساطة والوسيط الذي كان يُمكن له ان يتجاوز هذه الأزمة السياسية بأقل قدر ممكن ويبقي على شعرة معاوية بين الرئاستين الأولى والثانية على أقله في المرحلة التي تسبق الانتخابات النيابية، الا إذا كان الحزب يرى بأن الأمور بين الاثنين لم تصل بعد إلى الحد الذي يتطلب منه التدخل للحؤول دون استفحالها.

وإذ تُشير المصادر إلى ان انعقاد مجلس الوزراء الأسبوع المقبل أم عدم انعقاده سيشكل مؤشرا إلى مسار الأمور في المرحلة المقبلة، فإنها تعتبر ان الموقف الذي صدر أمس عن الرئيس برّي في أن ما يحصل لا ينعكس على الوضع الحكومي المستقر، وان لا استقالة لوزراء أمل منها، مؤشراً اضافياً على انه لا يزال هناك ثمة بصيص أمل لإنهاء الخلاف الحاصل بين الرئاستين، إلا إذا كان هناك تقاطع مصالح بين الفريقين المتنازعين لاستخدام هذا الخلاف كسلاح في الانتخابات النيابية المقبلة.