IMLebanon

هل هناك شيء ما؟

 

قبيل اقلاع طائرته الى نيويورك، أصدر الرئيس ميشال عون بيانا تطمينيا للبنانيين، ذا شقين: أول يتناول ما وصفه بشائعات تستهدف ثقة المواطنين بمؤسساتهم، باتهام بعض أركان الدولة بالفساد، وثان بمواجهة نشر أجواء الخوف والقلق عن توقعات لأعمال ارهابية، معتبرا ان كل ذلك يأتي في سياق مبرمج لصرف الأنظار عن الانجازات المحققة على طريق بناء الدولة.

وكي يصدر مثل هذا البيان عن رئيس الجمهورية، يعني ان ثمة خطبا في الأمر، وليس مجرد شائعات مختلقة أو حكايات مفبركة برسم التداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية.

بالنسبة الى الشق المتعلق بالفساد، يبدو ان انضمام النائب وليد جنبلاط الى القابضين على ممر الفساد، من خلال تغريدة غليلو مكتشف دوران الأرض حول الشمس، أصحاب الحملات اليومية على صفقة البواخر الكهربائية، كالنائب سامي الجميّل رئيس حزب الكتائب واللواء أشرف ريفي الوزير السابق، واليهم رئيس القوات اللبنانية د. سمير جعجع، أقلق بعض أهل السلطة، خصوصا مع اكتشاف سرعة تقبّل الرأي العام لمثل هذه الأخبار، صحيحها وغير الصحيح، ما جعل البيان الرئاسي، يضيء على هذا الموضوع، قبل أن يتوجه الى المسألة الأمنية، الشاغلة لبال الجميع، رغم انه عيّن للفساد وزيرا.

على المستوى الأمني أولى التحذيرات، صدرت عن السفارة الأميركية لرعاياها، وسرعان ما سارت السفارة الكندية على خطاها فالبريطانية والفرنسية أخيرا…

وسارعت مديرية المخابرات الى طمأنة الجميع على سلامة الوضع، وانها تقوم باجراءات استباقية مكّنتها من كشف شبكة ال ١٩ داعشيا، التي يديرها الهارب أبو خطاب المصري لكن وهج تحذيرات السفارات كان أشدّ تأثيرا، ومن هنا كان الخروج الواسع من بيروت يومي الجمعة والسبت، باتجاه المناطق، من قبيل التحسب والاحتراز.

مصادر أمنية، رفضت تسخيف المعطيات التي بنت عليها السفارات تحذيراتها، واعتبرت ان مثل الأعمال الارهابية التي حذرت منها السفارات، دائمة التوقع في نهاية كل حرب خاسرة للارهاب، لكن ثمة عتبا رسميا كان وراء التطمينات الرئاسية، على عدم وضع الحكومة في الأجواء قبل اطلاق النفير، بحيث بدت، وهي العائدة بالانتصار من فجر الجرود، آخر من يعلم…

وتحوّل العتب الى استياء التيار الوطني الحر، وعبره وزارة الخارجية، المرجعية اللبنانية الرسمية للسفارات وجميع البعثات الدبلوماسية، ونقلت مصادرها الامتعاض مما وصفته بتهبيط الحيطان على اللبنانيين، كما تقول القناة البرتقالية، عن حملة التخويف غير المبررة وغير المسبوقة وغير المفهومة، في زمن الانتصار اللبناني على الارهاب، إلاّ اذا كان الأميركيون يعرفون من الباطن، وهم الذين لم يعرفوا من الظاهر كيف يتفادون ١١ أيلول ٢٠٠١، ولا تفجير موقعهم في الأوزاعي عام ١٩٨٣. وإلاّ اذا كان الفرنسيون يعرفون المصدر الذي حدّد لهم مهلة اليومين للتفجير في لبنان، ولم يقل لهم ان هجمات بالجملة ستحصل حول باريس….

هذا الكلام يعبّر عن استياء بالغ، وهو ما حمل السفارات المعنية على التخفيف من حدّة تحذيراتها، خصوصا السفارة البريطانية التي أعلنت عن خفض مستوى تحذيرها للرعايا، والسفارة الفرنسية، التي أثنى سفيرها برونو فوشييه على القوى الأمنية اللبنانية القائمة بعملها بشكل جيّد جدا ليضيف قائلا: ان أمن الجالية مسؤوليتنا، ونحن ندير هذا الأمر مع باريس، وقد قاطعنا المعلومات مع السلطة اللبنانية، ورأيتم انه تمت توقيفات، وتبين ان هناك شيئا ما… فالخطر دائم تبعا للظروف المحيطة بلبنان.

ويبقى السؤال، هل ان التحذيرات الأمنية التي انطلقت من وسائل تواصل السفارة قابلة للتأويل، كما أوحت ردود الفعل الرسمية الغاضبة أو العاتبة، أم ان وراء أكمة العلاقات السياسية والدبلوماسية، بين واشنطن والمراجع اللبنانية ما وراءها؟

المصادر المتابعة، تلاحظ انقطاع حركة السير بين بعبدا وعوكر، كما لفتها ان البرنامج المعلن للزيارة الرئاسية الى نيويورك، تناول لقاءات مع ملك الأردن عبدالله الثاني وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ومع الأمين العام للأمم المتحدة، ولم يرد في الجدول المعلن أي لقاء مع مسؤول أميركي على المستوى الرئاسي، أو أقل…

وعلى غرار التقديرات الأمنية للسفير الفرنسي، هل يمكن القول ان هناك شيئا ما، على المستوى الدبلوماسي بين واشنطن وبعبدا؟