IMLebanon

هل سلَّم ترامب مفاتيح الأزمة السورية إلى بوتين؟

 

رجّح وزير الخارجية التركي السابق، يشار ياكش، في حديث لـ»سبوتنيك» «أن يكون الرئيس دونالد ترامب أكثرَ ملاءمةً نحو الإجراءات الروسية في سوريا، في محاولة فكّ الارتباط جزئيًا، والتخلّص من تورّط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط».

أظهر الرئيس الأميركي المنتخب أثناء حملاته الانتخابية، رغبةً في التوجّه نحو معالجة القضايا الداخلية للولايات المتحدة الأميركية، في سعيٍ منه لتحقيق شعاره الذي أطلقه حول «أميركا أولًا»، من دون أن يزعزع ثقة العالم بأميركا كلاعبة أساسية في مختلف القضايا العالمية.

وعبّر ترامب في بيان في 29-12-2016، أنّه «حانَ الوقت لينتقل بلدنا إلى أمور أكبر وأفضل نحو الشأن الداخلي»، مُشيدًا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جهة، واختياره شخصيات صديقة لموسكو لمناصب في إدارته، مِثل وزير خارجيته ريكس تيليرسون من جهة أخرى.

على رغم حسنِ النية التي يُبديها ترامب تجاه العدو – الصديق روسيا، إلّا أنّ الإدارة الأميركية الجديدة أمام سلسلة من العقبات يحاول فرضها الرئيس أوباما قبل أيام من تسليمه السلطة إلى الرئيس الجديد. ومن هذه العقبات نجد:

– أزمة دبلوماسية مع روسيا، من خلال طردِ 35 دبلوماسيًا روسيًا، وإغلاق مجمعين روسيَين في نيويورك وماريلاند، ردًا على حملة مضايقة ضدّ دبلوماسيين أميركيين في موسكو.

– دعم الإدارة الأميركية للمجموعات المسلحة، بحسب ما ذكرَته وكالة «الأناضول التركية الرسمية للأنباء»، من أنّ الولايات المتحدة كثّفَت توريدات الأسلحة لوحدات حماية الشعب الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي لأكراد سوريا.

وسبقَ للرئيس التركي رجب طيّب أردوغان أن أعلن عن وجود أدلّة تثبت تقديمَ التحالف الدولي بقيادة واشنطن دعمًا لتنظيمات إرهابية، بما في ذلك «داعش» وحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تعتبره أنقرة فرعاً لحزب العمّال الكردستاني المحظور في تركيا.

– أزمة الثقة التي سبّبها اوباما للرئيس ترامب مع الكونغرس الأميركي حول الكبرياء الأميركي، خصوصًا في ما هو متعلّق بالملف الروسي. إذ، لو قرّر ترامب إلغاءَ قرارات أوباما بشأن الدبلوماسيين الروس، سيبدو أولًا زاحفًا أمام موسكو، وسيكون ثانيًا في مواجهة الكونغرس الأميركي الذي تُعتبر موافقته ضرورية لإلغاء قرارات رئاسية، وهو ما يمسّ بالكبرياء الأميركي دبلوماسيًا وداخليًا.

على رغم هذه العقبات، يستمرّ ترامب مؤكّدًا «أنّ روسيا هي اللاعب الوحيد الذي خاض المعركة حقًا ضدّ الإرهابيين في منطقة الشرق الأوسط»، مُوضحًا أنه يريد توثيقَ التنسيق مع موسكو، حيث انتقد ترامب سياسية أوباما بسبب تورّطِها العميق في أزمات المنطقة.

وسط هذا الجوّ من التفاهمات الضمنية بين القيادتين: البوتينية-الترامبية، كانت الإتفاقية التي توصّلت إليها كلّ من تركيا وروسيا لوقف إطلاق النار في كلّ أنحاء سوريا. الأمر الذي يوضّح الدورَ الممنوح لروسيا في فرض التسويات المناسبة لسياساتها في سوريا.

ونَقلت وكالة الأناضول أنّ الخطة تَشمل توسيع كلّ أنحاء البلاد، إلّا أنّها تستثني « المجموعات الإرهابية». وأضافت: «أنّ الخطة، في حال نجاحها، ستُشكّل أساس» المفاوضات السياسية بين النظام والمعارضة التي تريد موسكو وأنقرة تنظيمَها في أستانة في كازاخستان.

أخيرًا، الواقع يظهر أنّ المنطقة تشهد تسويات تقودها روسيا، في محاولةٍ منها لإعادة توازنِ القوى في المنطقة، بعد عقودٍ طويلة كانت فيه الولايات المتحدة اللاعبةَ الأساسية والوحيدة في العالم. فالسياسة المستقبلية للرئيس ترامب تعطي الضوء الأخضر لإدارة بوتين للتصرّف بما يناسب ومصلحةَ بلاده. هذا ما يدعم الفرضية التالية: هل سَلّم ترامب مفاتيح الأزمة السورية إلى بوتين؟