جميع الحروب الكبيرة والصغيرة، العالمي منها والاقليمي والمحلي، كان سبب اشتعالها حادث عرضي او مقصود، تحوّل سريعا الى الشرارة التي تلد حروبا وثورات، والامثلة على ذلك لا تعّد ولا تحصى، ومنها ان اغتيال ارشيدوق النمسا، فجّر الحرب العالمية الاولى، ومطالبة المانيا باراض في فرنسا، فتحت ابواب جهنم في كل الكرة الارضية، واسترداد الارجنتين لجزر المالوين، دفع بريطانيا الى شن حرب ضد الارجنتين، واحداث العام 1860 بين الدروز والمسيحيين، قامت على انقاض خلافات شخصية، وسرعان ما اصبحت مجازر دموية استدعت تدخل اوروبا لوقفها.
بالتأكيد ينطبق على هذه الحروب الكبيرة والصغيرة، المثل القائل «مش رمانة، بل قلوب مليانة» ولكن الشرارة الاولى التي تولع الحروب، بالامكان تفاديها لو حسنت النيات وفكّر قادة العالم ملياً بالاهوال والكواردث والمآسي التي تسببها الحــروب والاحداث الدامــية، بدلا من الانسياق وراء الاحقاد والغرائز، والمصالح المغمسة بدماء ملايين الابرياء الذين يدفعون الثمن في كل زمان ومكان.
لو تعاطف الحكم في سوريا منذ بداية الاحتجاجات السلمية الشعبية المطالبة بالحرية والديموقراطية والخبز والكرامة، لكانت سوريا اليوم في الف خير.
ولو تعاطى نور المالكي في العراق مع مكونات الشعب العراقي المتنوعة، وفق الدستور والقوانين وشرعة حقوق الانسان، ونية المحافظة على وحدة العراق، كان تنظيم داعش الارهابي وغيره من التنظيمات الارهابية الاخرى، افتقر الى البيئة الحاضنة، ووقف جميع العراقيين يداً واحدة الى جانب الدولة، وكان العراق ايضا بالف خير، لكن سوء تصرف الحاكمين في العراق وسوريا فتح ابواب جهنم في البلدين التوأمين، وجعلهما اليوم، خصوصا بعد التدخل العسكري الروسي الواسع، بيئة جاهزة لانطلاق حرب مدمرة منهما لن تقتصر عليهما فحسب بل سوف تمتد، اذا استمرت الاوضاع على هذه الوتيرة من التصعيد والاحتقان الى الدول المجاورة، وطبعا لبنان وتركيا والاردن واسرائيل من ضمنها، ومن غير المستبعد، قياسا على حروب الماضي، وعلى انغماس الدول الكبرى في الحرب الدائرة، وعلى اعلان تحالف 34 دولة اسلامية، عربية وغير عربية، لمحاربة الارهاب اينما كان تواجده، ان تندلع الحرب العالمية الثالثة، التي لا يستبعد ان تستعمل فيها الاسلحة النووية، وهذا ليس رجما في الغيب او تبصيرا، فمنذ ايام قليلة نقلت الصحافة العالمية عن بوتين رئىس دولة روسيا ان بلاده تفكّر باستخدام السلاح النووي في ضرب التنظيمات الارهابية في سوريا.
* * * *
في ضوء كل ما سبق، ومتابعة لكرة النار المتدحرجة في جميع الاتجاهات، حارقة وساحقة في طريقها كل نيّة طيّبة، وكل مسعى لاعطاء السلام فرصة لحماية الخير المستضعف امام هجمة الشر، هل من المفيد ان يبقى لبنان غارقا في الشلل والفراغ والفساد، واللامبالاة القاتلة، وطبول الحرب يتردد صداها في كل مكان من لبنان، ويسدّ المسؤولون والمعنيون اذانهم عن سابق تصوّر وتصميم، لانهم راغبون على التمسّك بمصالح شخصية وطائفية وسياسية، لن تسلم ولن تبقى لهم اذا وقعت الواقعة، «واتى السارق ووجدهم نياما» واخذ منهم كل شيء حتى حياتهم، فقط لانهم رفضوا «ان يكونوا متيقظين»…
اليوم… الفرصة متاحة، لأن يكون النواب ابطالا ولو لمرة واحدة في حياتهم، فيهرعون الى مجلس النواب، وينتخبون رئىسا للجمهورية كائنا من كان هذا الرئىس، من 8 أو14 آذار او من المستقلين، المهم ان يكون الانتخاب وفق الدستور، والرئىس صنع في لبنان.a