IMLebanon

هل يحوّل الأسد الغارات مكاسب له؟

بقدر ما أثارت الغارات الاميركية – العربية الاولى في سوريا ارتياحاً من حيث ارباكها المخططات التوسعية والدموية لـ”الدولة الاسلامية”، وتجنيبها خصوصاً أكراد سوريا مذبحة وشيكة، ازدادت التساؤلات عما اذا كانت ثمة استراتيجية أميركية كاملة لهذا البلد، أم إن واشنطن تنوي حقاً الاكتفاء بتكرار السيناريو الفاشل في الصومال واليمن.

وعلى رغم وابل الصواريخ التي اطلقتها مقاتلات أميركية وطائرات من دون طيار، وصواريخ “كروز” التي انطلقت من حاملات الطائرات في عرض الخليج والبحر الاحمر، على مواقع تمتد من الحسكة شمالا وصولا الى البوكمال جنوبا، مروراً خصوصا بالرقة ودير الزور، ليست ثمة أوهام أن ما يحصل هو معركة “نورماندي” جديدة، وأن خطة مارشال عصرية تعدّ لسوريا. ومن المبالغة القول إن ما يحصل هو بداية التدخل العسكري الغربي في الحرب السورية، وإن المشاركة العربية (السنية) دليل على انتهاء الخلافات بين العرب وواشنطن على الاهداف النهائية في هذا البلد.

رص الصفوف لقطع رأس “داعش” أولوية ملحة لسوريا والعراق والعالم أجمع. فالفظائع التي ارتكبها هذا التنظيم، وخصوصاً منذ حزيران الماضي، كانت تفترض ردا اسرع وأٌقوى. الحساسيات المذهبية والقبلية والطائفية التي أخرت ضرب هذا التنظيم ليست الا أحد أسباب تفشي هذه الافة في سوريا والعراق. أما معاناة سوريا المستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف سنة فتتطلب التزاما أكبر من أميركا والعرب حيال هذا البلد والشعب السوري ككل. والقول إن واشنطن لن تحارب عن العرب في معاركهم ضد خصوم سياسيين هو تشويه لمفهوم الخصومات السياسية والديموقراطيات كلها.

في أكثر التقديرات تفاؤلاً، يمكن حملة جوية كتلك التي بدأت أمس على مواقع “داعش” و”النصرة” وأخواتهما، تدمير ثلاثة ارباع قدرات هذه التنظيمات وبعض الدفاعات الجوية للنظام اذا ما تجرأ على التصدي لمقاتلات الائتلاف، وهو أمر مستبعد.

ولكن في الوضع الراهن، قد يكون النظام المستفيد الاكبر من هذه الغارات في غياب قوة معارضة قادرة على ملء الفراع الذي يتركه تراجع المقاتلين. وأميركا التي رفضت مراراً التدخل في سوريا بحجة أنها لم تعد تضطلع بدور شرطي العالم، ستكون في هذه الحال تحارب لمصلحة النظام. فمع أن مسؤولا في الادارة الاميركية أبلغ “النيويورك تايمس” أن بلاده لا تنوي تسهيل الامور على الاسد لاستعادة المناطق التي يخليها المقاتلون، لا خطط حتى الآن لمنعه من تحقيق ذلك، ولا نيات أميركية واضحة لمواجهة قواته.

المخاوف على مستقبل سوريا ليست من دون أسس. السنوات القليلة الاخيرة مليئة بالتجارب غير المشجعة لواشنطن. مرات عدة تباهت بانجاز مهمتها لتترك وراءها بذور فتنة طائفية وفساد سياسي وأحقاد. ولا شيء يوحي بأن واشنطن تعلمت من أخطائها السابقة، فلا اليمن ولا الصومال نموذج يدفع السوريين الى التفاؤل.