هل ينتشل تفاهم برّي – عون الثروة النفطية التي طال غرقها في البحر؟
عودة الحرارة على خط عين التينة – الرابية تقف على عتبة الإستحقاق الرئاسي
كان يُفترض بلبنان أن يبدأ بالإستفادة من نفطه وغازه منذ 61 عاماً
هل يشقّ ملف النفط والغاز بعد عطلة العيد الطريق باتجاه التنفيذ، أم أن عقبات غير منتظرة ستعترض ذلك وتُعيده إلى المربّع الأول؟ بغضّ النظر عن وجود مصالح إقليمية ودولية تتداخل في هذا الملف لا يمكن تجاهلها، فإن التفاهم الذي أُعلن عنه من عين التينة بين الرئيس نبيه برّي ووزير الخارجية جبران باسيل قد وضع هذا الملف على السكة حيث تبدو كل النوايا حسنة ومشدودة باتجاه وضع هذا الموضوع على سكة الاستثمار للإستفادة من هذه الثروة التي طال غرقها في البحر.
إن العبرة ليست في النوايا بل في التنفيذ الذي يقتضي أولاً الذهاب إلى آلية التنفيذ التي تبدأ بالمحطات التالية:
أولاً: مسارعة الجهات الحكومية وتحديداً رئيس الحكومة إلى دعوة اللجنة الوزارية المختصة إلى الإنعقاد للبحث في موضوع المراسيم التطبيقية.
ثانياً: دعوة مجلس الوزراء لعقد جلسة تقرّ فيها هذه المراسيم على أن يُقرن ذلك بإرسال مشروع قانون إلى مجلس النواب يتعلق «بالضريبة» حيث عُلم أن وزير المال علي حسن خليل قد أعدّ مشروع قانون في هذا المجال، لكي تعرف الشركات التي ستشارك في المناقصات ما لها وما عليها كما يقول الرئيس نبيه برّي.
ثالثاً: يُفترض أن يُحال الموضوع بشكل سريع إلى اللجان النيابية المعنية.
رابعاً: أن يُدعى فوراً إلى عقد جلسة تشريعية للبتّ في هذا الأمر. وفي هذا المجال نُقل عن الرئيس برّي أنه مهما كلف الأمر فإنه سيدعو في حال أقرّت الحكومة المشاريع المتعلقة بالنفط، وأحالتها إلى مجلس النواب، سيبادر إلى دعوة البرلمان إلى جلسة بأقصى سرعة لإقرارها، وهذا الأمر يقتضي حضور كل الكتل النيابية، وهو سيتعامل مع هذا الموضوع كما تعامل في مسألة الإعتمادات التي استوجبت عقد جلسة تشريع الضرورة، والنفط هو أكثر من ضروري.
وعُلم أن رئيس المجلس شدّد في سياق البحث في ملف النفط على فتح كل «البلوكات» النفطية والغازية وعرضها كلها دفعة واحدة أمام الشركات من الشمال إلى الجنوب من دون أي استثناء، مؤكداً أنه لم يعد مسموحاً التأخر أكثر في الاستفادة من هذه الثروة الكبيرة.
واعتبرت مصادر متابعة أنه من «السخافة» ربط الموضوع النفطي بالشأن الرئاسي، إذ لا رابط بينهما على الإطلاق وتحت أي عنوان، متسائلة أين يمكن الربط، فهناك حاجة ملحّة لملء الفراغ الرائاسي وبالتالي إنتخاب رئيس، وفي الوقت ذاته هناك حاجة وربما أكثر من ملحّة للإستثمار سريعاً في هذه الثروة بما يؤمّن كما قال النائب وليد جنبلاط مصالح الأجيال المقبلة، وربما يُساعد الخزينة على سدّ العجز، ووضع لبنان على سكة الخروج من الأزمة الإقتصادية والمالية المستعصية.
وتؤكد المصادر المتابعة أن تفاهم برّي – عون النفطي كان قد مهّد له منذ فترة وتحديداً خلال زيارة كان قام بها وزير الطاقة أرتور نظريان مع أعضاء هيئة إدارة النفط منذ ما يقارب الأسبوعين إلى قصر الرئاسة الثانية حيث أطلع رئيس المجلس على مضمون تقارير أميركية خاصة بتحديد مناطق النفط في لبنان على مقربة من المواقع النفطية الاسرائيلية، وهذا التقرير الموثق بالخرائط يلحظ حق لبنان باستثمار بلوكاته النفطية، وهذا التقرير أراح الرئيس برّي لا بل وأسعده وقد دعا إلى متابعة حثيثة له، وما زاد في ارتياح الرئيس برّي المواقف التي أطلقها بشكل متكرر الوزير جبران باسيل في جلسات مجلس الوزراء.
وتلفت المصادر النظر بأن هذا التفاهم لا يعني تجاوز أي مكون سياسي في البلد، فالجميع يعرف أن الرئيس تمام سلام كان قد كرّر أكثر من مرّة بأنه لن يُدرج الملف النفطي على جدول أعمال مجلس الوزراء ما لم يسبقه تفاهم بين الرئيس برّي وعون عليه وها هو التفاهم قد حصل ولا مبرر من بحث الموضوع في أول جلسة لمجلس الوزراء خصوصاً أن أي فريق سياسي لم تكن لديه أي ملاحظات حول هذا الملف في السابق وبالتالي فإنه من المتوقع أن لا تحصل أي عوائق أمام خروج هذا الملف إلى النور.
وفي رأي هذه الأوساط أن استخراج لبنان ثروته النفطية قد تأخر أكثر من ستة عقود من الزمن حيث أن دراسة كان قد أجراها الجيولوجي الأميركي جورج رونو راد عام 1955 توقّع فيها وجود نفط في لبنان، إلا أن هذا الملف لم يتحرك بشكل فعلي إلا بعد إعلان شركة نوبل للطاقة الأميركية في 22 حزيران من العام 2010 بعد فحوص زلزالية ثلاثية الأبعاد أكدت ما كانت قد أكدته شركة P.G.S عن وجود حقل هائل للغاز يسمى فيتان يحوي ما لا يقل عن 16 تريليون قدم مكعب في منطقة امتياز لها في البحر المتوسط في منطقة تقع قبالة الشواطئ اللبنانية في منطقة بحرية دولية في حدود فلسطين البحرية وغيرها.
وتُعرب هذه الأوساط عن اعتقادها بأن ملف النفط سيحاط خلال عطلة العيد وفي مطلع الأسبوع المقبل بشبكة من الاتصالات والمشاورات الرامية لتفكيك أي صاعق يمكن أن يعترض هذا الملف لتسهيل إقراره في مجلس الوزراء وإحالته فوراً إلى المجلس لدرسه في اللجان المختصة ومن ثم رفعه إلى الهيئة العامة لإقراره.