IMLebanon

هل تُعيد واشنطن النظر في تنازلها لموسكو في سوريا؟

السؤال الذي تطرحه مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، هو هل ستستمر الولايات المتحدة على موقفها بالنسبة الى التدخل العسكري في سوريا، ام ان تعديلاً ما سيطرأ على الموقف من الآن وحتى انتهاء ولاية الرئيس باراك اوباما؟

وتؤكد المصادر نفسها الحاجة الماسة الى فعل شيء ما من الدول الداعمة للمعارضة السورية المعتدلة، بعد الهجوم على حلب بالتزامن مع انطلاق التفاوض السوري السوري في جنيف، والذي ارجئ الى 25 شباط الجاري، بعد الفشل الذي واجهه. كما تؤكد ان هناك خطراً حقيقياً من ان تؤدي العمليات العسكرية الى القضاء على ابرز معاقل المعارضة المعتدلة، اذا لم يحصل تدخل فعّال وقوي، وهو الامر الذي لا يزال محور نقاش عميق وبعيد عن الاضواء بين الدول المعنية بدعم المعارضة. فهل يُترك لروسيا ان تقوم بما تريده، ام لا؟ لا سيما وانه اذا استمرت العمليات فقد يستعيد النظام ومعه الروس وايران معظم المناطق التي تحتلها هذه المعارضة، باستثناء مناطق «داعش» و»النصرة»، وهي في الاساس مناطق صحراوية، فهل سيتم الدخول في حرب؟ وما سيكون عليه رد فعل روسيا؟ وما الذي سيقوم به الاميركيون؟

من غير الواضح، وفقاً للمصادر، ما اذا كانت الادارة الاميركية ستطور موقفها، خصوصاً انها ومن خلال التفاوض، لم تلمس ان النظام وداعميه سيجدون الحل، كما انهم لن يكتفوا بالمناطق العلوية، بل سيعملون لاستعادة السيطرة على المناطق التي كان النظام يحكمها. من الصعب استعادتها كلها، لكن ما الذي ستقوم به الدول لدعم المعارضة حيث صمودها في خطر وهي تواجه النظام وروسيا وايران و»حزب الله» والميليشيات الافغانية والعراقية؟ وهناك 12 مليون سوري خارج سوريا وعشرات الالوف في السجون داخل سوريا، فضلاً عن «داعش» حيث هناك صراع معها.

هناك نقاش بين الدول حول امكانات الرد وكيف، اذ انه من الصعب التراجع خصوصاً في هذه المرحلة، ريثما يتم فعل شيء يغير الواقع على الارض. من غير الواضح ما اذا كان سيحصل تبدل في الموقف الاميركي، اذ ان كل المجازر في سوريا حصلت في عهد الادارة الحالية، ولا تزال تصر على عدم التدخل.

الاميركيون استجابوا لكل الطروح الروسية ولم يقاوموا الروس ابداً. وكل همهم وجود عملية سياسية قائمة بغض النظر عن نتائجها، لذا قدموا تنازلات قوية للروس، لانهم اعتقدوا انه في الحد الادنى ستحصل تطورات في سوريا تغير الوضع على ان تطوّر الامور نفسها في وقت لاحق، فما يحصل هو انه حتى العملية السياسية فشلت، وجرى الهجوم على حلب في مرحلة التفاوض. اتهم النظام المعارضة بأنها منظمات ارهابية، وان ليس لديها اي تأثير على الارض، ويسمح بإدخال من يحارب في مناطقها، من اجل ان لا تُعطى شرعية لها على مناطقها. وهو يريد ايضاً ان يتفاوض مع معارضة تابعة للنظام، لكي تسير الأمور كما يرغب. انما المعارضة الفعلية موجودة وتنبثق من خلال اجتماع الرياض، والتي تمثل الجميع، لكن النظام لا يريد التفاوض معها واعتبر انها «أشباح».

كما أن أي مكاسب للنظام على الحدود مع تركيا تعتبر مصدر انزعاج كبير لأنقرة.

واشنطن لا تريد أن تقوم بأي شيء. فهي تقدم تنازلات للروس مقابل عملية سياسية مصيرها غامض. ولا تعتقد المصادر ان هناك تآمراً أميركياً روسياً من تحت الطاولة، انما إن وجد هذا التآمر أو في ظل هذه التنازلات فالنتيجة واحدة.

ما فاجأ الدول هو التصعيد العسكري على حلب بهذا الشكل، وهي أكبر معقل للمعارضة، والمعارضة المعتدلة تخيف النظام ومن وراءه أكثر مما تخيفهم «النصرة» و»داعش»، لذا تمت مهاجمتها. وتتوقع المصادر، أن يبقى الوضع الراهن سائداً على مدى الأشهر المقبلة. حتى إن الأسلحة النوعية لم تعد تنفع للدفاع عن المعارضة، هناك استياء خليجي كبير من الواقع السوري، وأي لجوء للقوة مع الروس يحتاج الى مساعدة أميركية، لأنه من دون الأميركيين من الصعب حصول فارق. ومع كل منظومة الصواريخ الروسية، فليس هناك ما يوازيها سوى المنظومة الصاروخية الأميركية.

إيران بكل قوتها، واجهت نقصاً في سوريا، وجاءت بالعراقيين والأفغان لمساندتها. هناك سيناريو يمكن أن يحصل، وهو أن تقوم المعارضة بعمليات صغيرة ومحدودة داخل مناطق النظام أو التي قد يستولي عليها. ويساعدها في ذلك ان الناس معها ولذلك لا يمكن للطرف الآخر أن يمكث طويلاً فيها. وهذا يشكل أحد الاحتمالات، وأي تنصل أميركي من دعم المعارضة يطرح علامات استفهام حول قدرة الدول الأخرى على إحداث فرق.

وتستبعد المصادر، ان تحمل الجولة الثانية من التفاوض السوري السوري في 25 الجاري، أية مقومات للنجاح. اذا لا اتفاق داخليا ولا اقليميا ولا دوليا حول الوضع السوري. فقط وزيرا خارجية كل من الولايات المتحدة جون كيري وروسيا سيرغي لافروف يلعبان بالمنطقة. والسؤال هو على أية جهة يضغط الأميركي، على الروسي أو على الايراني؟ واشنطن قدمت تنازلات في سوريا، لأنه بالنسبة لها المهم أن ينعقد التفاوض. فأما واشنطن غير قادرة على الضغط، أو أنها لا تريد، أو أنه لم يعد لديها وسائل ضغط، فهي لن تقاتل في سوريا، أي لن ترسل جنوداً للقتال على الأرض، في حين أن روسيا جاءت بكل جيشها وعتادها.