IMLebanon

هل تنجح ورشة الأحزاب المسيحية التنظيمية؟

تستمرّ الأحزاب المسيحية اللبنانية بمواكبة التطوّر والمشاركة في الحياة الوطنية من خلال التوسّع عن الإطار السياسي الكلاسيكي للغوص أكثر في الشؤون والإهتمامات التي تجذب الشباب الذين تحوّل مفهومهم للإنتساب من الإطار الزعامي إلى الإطار الحزبي حتى ولو اتخذوا اللجوء إلى وسائل التواصل الإجتماعي متنفَساً سياسياً لهم في بعض الأحيان، إذ يبقى لرئيس الحزب محبّة خاصّة ويعيدون انتخابه في كلّ دورة انتخابية بغضّ النظر عن نزعتهم للشخصانية.

ما زالت الأحزاب السياسية تجذب الطاقات والنّخب التي ترتكز اهتماماتها على ممارسة العمل السياسي الذي يتحوّل رويداً رويداً من الإطار الزعامي إلى الإطار الحزبي لإيصال الأفكار والوصول إلى منفذ تطبيقي لتلبية طموحات الشباب.

فالعملُ الحزبي يعطي مساحةً أكبر لتطبيق الأفكار والطموحات التي تؤدّي إلى عمل مؤسساتي أفضل وتخدم المصلحة العامة، كذلك، يؤمّن الفرص والحظ في ممارسة المركز القيادي لكلّ المنتسبين في الوصول إلى مواقع متقدمة، إذ إنّ 80% من المواقع في الحزب تعود لأشخاص منتخَبين بدءاً من الحلقة الصغيرة وصولاً إلى الهيئة التنفيذية والرئيس ونائبه. فالكلّ متساوٍ ومعيار التفريق هو وجود الحكمة لدى الشباب.

أبي اللمع

وفي هذا السياق، يقول عضو الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» إيدي ابي اللمع إنّ «حزب القوات سيسلّم الدفعةَ الأولى من البطاقات الحزبية لأعضاء الهيئة العامة الفعلية للحزب لدى وزارة الداخلية تحت عنوان: «أنا ملتزم»، وذلك يومَ الأربعاء 14 كانون الثاني 2015 في معراب، وبعد ذلك ستبدأ العملية الإنتخابية في المناطق كلّها، ما يؤكد أنّ النظام الحزبي الذي وضعناه منذ سنوات عدة وطوّرناه وعدّلناه واعتمدناه لا يميّز بين المنتسبين إلى الحزب، بل إنّه يضع الجميع تحت رحمة الإنتخاب، ما يعني عدم بقاء أحد في موقعه إلا في حال إثبات الناخبين تمسّكهم بالشخص المنتخَب آنفا بإعادة إنتخابه من جديد، وينسحب هذا الأمر أيضاً على انتخاب رئيس الحزب ونائبه تطبيقاً لمبدأ الديموقراطية والفترة الزمنية المحدّدة للمراكز في الحزب».

أبي نادر

إلى ذلك، يبدو أنّ وضع النظام الداخلي لـ»التيار الوطني الحرّ» سيؤدّي إلى إطلاق تيار جديد فيه مقاربة مختلفة في الشكل دون المسّ في المضمون. وعلى رُغم ما يُحكى عن وجودِ أجنحة وتيارات داخل التيار، فإنّ تنظيم آليات العمل الحزبي جاء نتيجةً لوجهات نظر مختلفة تتفاعل وترجّح كفّة المصلحة الحزبية على المصلحة الشخصية ما يعني نبذ فكرة الانشقاق لأنّ مَن يطمح إلى ممارسة لعبة المراكز والسلطات وينشقّ، يذهب وحيداً.

فالنظام الداخلي الجديد للتيار سيُباشر في التطبيق بعد الانتهاء من ترتيبات تجديد البطاقة الحزبية وأخذ طريقه الى التنفيذ لأنّ الانتخابات قد حدّدت في الأسبوع الأخير من شهر نيسان. في هذا السياق، يقول عضو المكتب التنفيذي في «التيار الوطني الحرّ» مالك أبي نادر لـ«الجمهورية» إنّ «التيار كان لديه نظامٌ داخلي معتمَد وموافق عليه من قبل الدوائر الرسمية المختصّة في وزارة الداخلية لأنّه على أساس ذلك نالت الهيئة التأسيسية عام 2006 العلم والخبر وكان يُطبّق بالحدود المتوافرة ولكنّ احداث السنوات من 2006 حتى اليوم أغنت تجربة الناشطين والقياديين، فالنظام الذي كان يرى أكثرية الحزبيين أنّه يلبي تطلّعاتهم في بناء مؤسسة حزبية تسير قدماً نحو المستقبل السياسي للذين يؤمنون بمبادئه مع احترام صارم للنصوص القانونية النافذة والمَرعية الاجراء هو غير مُنزَل، ولذلك هناك آليات لتطويره وفقَ التجارب والممارسة الحزبية التي تراعي مصلحة الوطن في الدرجة الاولى. فالهدف الأسمى هو مؤسسة حزبية تسعى لما فيه خير الوطن والمواطن وتتطوّر وفقَ الأصول القانونية والتطلّعات الوطنية».

إلى ذلك، يؤكد أنّ «النظام الداخلي للتيار الذي تمّ اقراره يراعي الديموقراطية في السلطة داخل الحزب، وجاءت شرعة التيار تلخص مبادئ وأفكار رئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون ومن الطبيعي أن تخرج تجربة ناشطي التيار الممتدة منذ عام 1986 أيْ تاريخ تولّي عون لقيادة الجيش بنصّ يطبّق الديموقراطية في جميع السلطات والمسؤوليات الحزبية من خلال الانتخاب المباشر لجميع السلطات التنفيذية والرقابية مع استقلالية تامّة لكلّ منها، وعدم التشابك بالصلاحيات وتوزيع المسؤوليات واحترام آليات تداول السلطة وعدم التمييز بين الحزبيين إلّا على أساس الكفاءة والسيرة الحسنة».

ويرى أنّ «وزير الخارجية جبران باسيل، والنائب آلان عون، والناشط في «التيار الوطني الحر» نعيم عون لا يُشكلون أجنحة وتيارات داخل التيار، فهم يشكلون الخميرة الجيدة التي استعان بها عون لنشر المبادئ والافكار التي قامت عليها الحركة الشعبية النضالية، وفي النظام القديم كانت سلطة تعيين المسؤولين محصورة بيد رئيس الحزب وحده ولذلك لا يمكن تشكيل محاور أو أجنحة داخل التركيبة التنظيمية، وكذلك فإنّ القرار الأول والأخير هو لعون الذي لا يراعي أو يساوم أو يتردَّد في ما يخصّ التعيينات والإقالات»، مشدِّداً على أنّ «صلاحيات الرئيس واردة ومحدَّدة بالمادة الخامسة والعشرين من النظام الداخلي الذي تسلّمت الدوائر المختصة في وزارة الداخلية والبلديات نسخةً عنه وفق الأصول، والتي تنصّ على أنّ ولاية الرئيس محدّدة بأربع سنوات قابلة لإعادة الانتخاب مرّة واحدة بشكلٍ متوالٍ وليس التجديد أو التمديد».

كذلك اعتبر أنّ التجربة «برهنت مع بعض الحزبيين الذي حاولوا تصوير بعض الاختلافات، بأنّها انشقاقات في بُنية التيار، وانشقوا وذهبوا وحيدين من دون أقربائهم حتى أو أصدقائهم لأنّ الأسباب تعلّقت بلعبة المراكز والسلطات داخل الحزب».

المحامي فرنجية

شكل العام 2005 واقعاً وانقلاباً جذرياً لدى اللبنانيين ونظرتهم لوجهة الاستقلال، وشهد نوعاً من التجاذب القوي بين 8 و14 آذار انحصر على الساحة المسيحية، ولكن سرعان ما تلاشى مع غياب المادّة السياسية الساخنة التي شهدتها المرحلة السابقة فانخفضت نسبة الإنتساب إلى الأحزاب والتيارات لأسباب عدّة أبرزها الوضع الإقتصادي، والإكتشاف لحال التناقضات وأمور لم يتمّ الإلتزام بها ما استتبعه نفور من الحالة السياسية وعدم التفاعل مع الأحزاب والتيارات.

ويقول المسؤول الإعلامي في «تيار المردة» المحامي سليمان فرنجية لـ«الجمهورية» إنّ «المنتسبين إلى تيار المردة براغماتيون، يؤمنون بالديموقراطية التي وصلت لديهم إلى حدّ معيّن مقبول في إطار عملهم السياسي اليومي، إذ يدقّق رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية بمدى الديموقراطية في التيار الذي يرأس ويطلب آراء الآخرين في الكوادر في عدد من المسائل الجوهرية»، مشيراً إلى أنّ «الأحزاب في لبنان تختلف عن الأحزاب الغربية، وعليه فإنّ رئيس الحزب يكون محبوباً من المنتسبين في الحزب ولا يكون مفروضاً، ولكنّ الإقتناع بشخص رئيس الحزب هو الذي يدفع إلى إعادة إنتخابه».

ويؤكد أنّ «تيار المردة له خصوصيّته ويتفاعل معها وله نشاطات لا تكون دائماً معلَنة وهناك فرق بين ما قبل الـ2005 وما بعده، إذ إنّ التيار شهد تقدّماً وتطوّراً للطاقات تطوّر نتيجة تفاعلات معيّنة، وساهم في ذلك أيضاً فكره السياسي الذي كان قد دُرّس ولا يزال في عدد من الأكاديميات التي أشرفت على تنمية الفكر السياسي لكوادره كما وتدريسه في القيادة».

داغر

قد يكون الشباب ملّوا من العمل السياسي الكلاسيكي ويطمحون أكثر للغوص في الحياة العملية التي تُحافظ على شخصيتهم وكيانهم، طامحين إلى نشاطات بنّاءة وهادفة، فيدخلون الحزب كونه الإطار الوحيد الذي ينفّذ لهم آمالهم من دون فقدان استقلاليتهم.

وفي هذا الإطار، يؤكد عضو المكتب السياسي لحزب «الكتائب اللبنانية» سيرج داغر لـ»الجمهورية» أنّ «الأحزاب ما زالت عاملَ جذبٍ للطاقات، على رغم وجود وسائل التواصل الإجتماعي ونزعة للشخصانية لدى الشباب، واستطاع حزب الكتائب جذبهم من خلال الحملات الإعلامية والنشاطات السياسية وتلك التي تخرج عن الإطار السياسي الكلاسيكي مثل معركة النفايات الصلبة، ما يفسّر وجود الوجوه الشبابية في الكتلة النيابية وأيضاً الجديدة مثل وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم والكفاءات الشبابية داخل الحزب، وذلك لتغيير الطبقة السياسية وهذا لا يمكن أن يحصل إلّا من خلال عمل المجموعة إذ لا حياة سياسية ولا تغييراً من دون المشاركة في الأحزاب»، مشيراً إلى أنّ «هناك نهضة في حزب الكتائب وسيكون الحزب الذي عمره 72 عاماً حزب الشباب بعد 10 سنوات نتيجةً لمشاركة مصلحة الطلاب والشريحة الشبابية بامتياز».

ويؤكد أنّ «الديموقراطية هي الأساس في الحزب إذ يتمّ تداول الآراء والمناقشات ووجهات النظر، التي يستتبعها التصويت قبل كلّ قرار يصدره الحزب الذي برهن عن حفاظه على الديموقراطية في حقباته التاريخية كلّها إذ شهد رؤساء أحزاب مختلفين ما يعني عدم إحتكار الرئاسة في شخص معيّن، وفي هذا الإطار لا بدّ من الإشارة إلى أنّه ستجرى انتخاباتٌ شاملة في شهر حزيران2015».

ويعتبر أنّ «نظامَ عام حزبَي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» الجديد هو نسخة منقّحة عن نظام عام حزب الكتائب الذي سبقهما بـ 50 عاماً وأصبح في وضعٍ متقدّم اليوم وسيكون هناك مجموعة من التطوّرات والتحسينات والتعديلات بناءً على طلب أيّ منتسب لديه أفكار تُرفع للمؤتمر لتعديلها حتى ولو رفضت القيادات ذلك إذ يكفي موافقة المؤتمر الذي يتألّف من 300 شخص».