أعاد مقتل شبّان من منطقة الشمال (طرابلس والضنية) في صفوف تنظيم «داعش» في العراق، أول من أمس، فتح ملف الحدود الشمالية وعمليات التهريب النشطة على مقلبي الحدود، خصوصاً في منطقة وادي خالد. ورغم تنفّس فاعليات عكار الصعداء بعد التأكد من عدم وجود أحد من أبناء المحافظة بين من أُعلنت أسماؤهم، إلا أنهم يدركون أن التهريب لم يعد يأخذ صفة «غض النظر» وتسهيل أمور القاطنين في المناطق المتداخلة الذين يعبرون الحدود يومياً بهدف العمل أو الدراسة.
منذ عقود، شكّل التهريب متنفّساً لحياة أبناء الوادي الذين لم تعترف بهم الدولة اللبنانية كمواطنين حتى عام 1994، عندما منحت الجنسية لبعضهم من حاملي وثائق «قيد الدرس» وبقي بعضهم الآخر «مكتومي القيد» حتى اليوم. مئات المحال التجارية افتتحها أهالي الوادي على امتداد الطريق في البقيعة في تلك «المرحلة الذهبية» قبل اندلاع الأحداث السورية. لكن الواقع تبدّل اليوم، «الحدود مغلقة بشكل تام أمام الآليات والسيارات. حركة التبادل التجاري ونقل البضائع معدومة، أما حركة نقل الأشخاص وتسلل المسلحين فمتاحة على طول الشريط الحدودي الممتد على مسافة 25 كلم»، بحسب أحد مخاتير وادي خالد. ويلفت إلى أنه «كل متر يوجد معبر، بالتالي يستحيل ضبط الحدود»، مشيراً إلى «حركة دخول وخروج لمئات السوريين المسجلين لدى الأمم المتحدة كنازحين. يعبرون الحدود للحصول على بطاقات المساعدات المالية والغذائية وتثبيت بصمة العين ومن ثم يعودون إلى سوريا حيث يقيمون»!
وتشير فاعليات المنطقة إلى «عمليات إطلاق نار تسمع ليلاً في المنطقة المتاخمة للحدود ولمجرى النهر الكبير، ونشطت أخيراً عمليات خطف المهربين لمن يدخلون بشكل غير نظامي مقابل طلب فدية من عائلاتهم لإطلاق سراحهم، كما توقف القوى الأمنية يومياً عشرات الأشخاص (غالبيتهم من السوريين الذين لا يملكون أوراقاً ثبوتية) عند حاجز شدرا».
يسلك المهربون طريق وادي خالد – حمص – تدمر ـ دير الزور ومنها إلى البادية العراقية
إعلان مقتل عدد من الشبان اللبنانيين في العراق أمس، سلط الضوء مجدداً على استخدام تلك المعابر لتهريب مقاتلين من الشمال إلى الداخل السوري ومن ثم إلى العراق، بعد معلومات تحدثت منذ أشهر عن عودة تنظيم «داعش» إلى تجنيد شبان من أبناء الشمال مقابل رواتب شهرية تصل إلى 2000 دولار، وتسهيل مرورهم عبر الحدود الشمالية مع سوريا.
وتفيد المعلومات بأن المهربين يتقاضون ما يصل إلى خمسة آلاف دولار على الشخص مقابل تأمين عبوره في سوريا وصولاً إلى العراق، حيث يتم تسليمه لمقاتلين في «داعش»، مؤكدة أن «كل محطة في الرحلة لها متخصصون يسهلون عبور الشبان». وبحسب المصادر، «يسلك المهربون طريق وادي خالد – حمص – تدمر (حيث يمكثون لبعض الوقت في مناطق خارج سيطرة الجيش السوري) ـ دير الزور، ومنها يلتحقون بالبادية العراقية، مقابل 100 ألف ليرة سورية يتقاضاها المهربون من الجانب السوري». وتؤكد المصادر أن «المهربين على الحدود الشمالية يتعاملون مع الموضوع من باب التجارة والبيزنس، وما يعنيهم هو الحصول على المال من دون أن يلتفتوا للشق الأمني، ولا يسألون عن هوية الشبان أو وجهتهم، ولا يواجهون متاعب مع الحواجز الأمنية في الشمال لكون الشبان الذين يعمدون إلى تهريبهم يحملون أوراقاً ثبوتية، وكونهم لبنانيين يحق لهم عبور حاجز شدرا من دون أي مساءلة».