IMLebanon

مشروع سياسي يُحاول استنساخ تجارب سابقة فاشلة بين «دواعش» طرابلس ومُخيّم البداوي.. ماذا يُطبخ من سمّ؟

 

 

حرب رئاسات بالواسطة في زمن الدعوة الى الحوار، لكل منها ساحتها واعلامها ومنابرها فيما شلل تام وثقيل تغرق فيهما البلاد «بحفلة بهدلة ما بعدها بهدلة»، والانكى ان هذا الواقع المرير مرشّح للاستمرار والانتقال بذيوله السوداء ومأساته المعيشية والمالية والاقتصادية والامنية، الى العام 2022. في المقابل حرب من نوع آخر، ساحتها الشمال وطرابلس، سلاحها شباب مغرّر بهم من «داعش»، مخيم «فالت» ومنابر «من الحبة قبة»، في حركة ناشطة ومتسارعة، مخططة ومدروسة، تعيش على رائحة الدم والاستثمار فيه، مرشحة للقيام بدور كبير اذا صحّت توقعات «المنجمين والمبصرين» .

 

القصة بدأت بحسب مصادر متابعة للملف من معلومات واشاعات انتشرت منذ مدة عن مغادرة شباب طرابلسيين لمنازلهم واختفائهم مع انقطاع كامل للتواصل معهم، ما حرك الأجهزة الأمنية المختلفة، لمتابعة القضية وإجراء التحقيقات والتحريات اللازمة، ليتبين ان افرادا اختفوا فعليا من فئات عمرية ما دون العشرين مقسمون الى مجموعات وعلى دفعات، لم تنجح المتابعة التقنية لهواتفهم في الوصول إلى أي نتيجة وكذلك مراجعة المعابر الحدودية الرسمية. امر اولاه وزير الداخلية أهمية قصوى وطلب معالجته بسرعة بالتنسيق مع رئيس الحكومة، حيث تم وضع المرجعيات الرئاسية في أجواء الملف والتقديرات التي توصلت اليها الأجهزة الأمنية، التي فعلت من عمليات بحثها ومراقبتها لتتوصل إلى راس الخيط.

 

واضح ان تنظيم «داعش» لم يتوقف يوما عن تجنيد مقاتلين لمصلحته، في لبنان وخارجه، رغم خسارته «الافتراضية» للمعارك العسكرية، والتي شكلت احد اوجه المواجهة معه، وقد شهدت الفترة الاخيرة نشاطا ملحوظا للتنظيم على صعيد مواقع التواصل الاجتماعي، المستخدمة من قبله كساحة تجنيد بعدما اعاد «تموضعه» وترتيب اوراقه، تزامنا مع تطور الاحداث العراقية ونتائج انتخاباته النيابية والكلام عن «مشروع اميركي» لنقل مسلحي «داعش» من سوريا الى العراق نظرا لدورهم في الاحداث الامنية في الفترة المقبلة من جهة، ومن جهة ثانية التطورات الافغانية التي حولت تلك الرقعة الجغرافية الى قبلة انظار لبعض الجماعات الجهادية، منها القاعدة والنصرة، التي على ما يبدو ستتحول لاعبا وحيدا على الساحة السورية.

 

عزز صحة الخلاصات الأمنية تواصل بعض المختفين مع ذويهم من أرقام خارجية ذاكرين انهم موجودون في العراق، فيما تمكن الاهالي من التعرف إلى صور قتيلين من شباب التبانة، نشرها الجيش العراقي كنتيجة لاحدى المواجهات عند الحدود العراقية وفي منطقة الانبار، كان سبق واختفوا منذ اكثر من ستة اشهر دون اي تواصل مع اهلهم.

 

وكانت تقارير أمنية عديدة قد تحدثت عن تحركات مشبوهة لبعض العناصر التي سبق أن تم توقيفها للاشتباه في تعاملها مع جهات إرهابية، ومنهم من صدرت عليهم أحكام، كما رصدت الأجهزة المعنية عودة للخطاب المتطرّف داخل البيئة الشمالية مستفيدا من مجموعة من الاحداث التي اتخذت منحى طائفيا فضلا عن الثغرة التي يمثلها مخيم البدوي الذي تحوّل إلى نقطة جذب للجامعات الإرهابية وللمجرمين، ساعد على ذلك الطبيعة الجغرافية للمخيم وتداخل احيائه مع أحياء طرابلسية، حيث يصعب عزله مئة في المئة وضبطه، رغم الجهود المبذولة في سبيل ذلك.

 

التحقيقات الامنية التي جرت، مع بعض المرتبطين بينت ان العملية بدات مع نشر مواد اعلانية تحريضية، ثم من خلال اصطياد بعض الشبان والتواصل معهم ومن ثم تجنديهم للقتال في العراق، مستخدمين ثغرة العلاقة غير «راكبة» بين الاجهزة الامنية اللبنانية وفئات سكانية معينة في طرابلس، نتيجة ممارسات وتراكمات سابقة، اضيف اليها اجواء من التحريض الطائفي الخفي الذي بدأ يطل برأسه منذ مدة على خلفية بعض الاحداث المرتبطة بمشاريع سياسية.

 

اللافت في المسألة، ان «المجند» في مرحلة متقدمة كان يطلب من «المجند» الاتصال باحد الاشخاص المكلف تأمين تهريب هؤلاء عبر مجموعات الى سوريا عبر الحدود الشرقية والشمالية الى منطقة حمص السورية ومنها الى البادية العراقية، حيث انجز «داعش» اعادة تنظيم صفوفه، مزودا اياه بالتعليمات المشددة بعدم اخذ اي من امتعته او وسائل الاتصال . وقد بينت التحقيقات وجود اكثر من شبكة تهريب تتعاون مع «تنظيم الدولة الاسلامية» وتتقاضى الاموال منها مقابل استئجار خدماتها من لبنان امتدادا الى العراق.

 

فهل عادت «داعش» ام انها فعلا لم تغادر بافكارها؟ ومن هو صاحب هذا المشروع الجهنمي ولاي غايات؟ ومن يقف وراء الحملة التي بدأ التسويق لها منذ مدة من حديث عن دور لتلك الجماعات الارهابية على الساحة الداخلية؟ من هو المايسترو الذي يدير هذه الحملة؟ هل هدفها اخراج «المؤسسات الاميركية والجمعيات» التي بدأت عملها في انماء طرابلس والشمال و»لمّ» شبابها؟ ام هي الخطة القديمة – الجديدة لضرب خزان الجيش وارباك المؤسسة في ظل اوضاع البلد التي لا تسمح باي مغامرات ايا كان حجمها؟ وهل نسمع غدا عن هروب لمطلوبين ارهابيين الى داخل المخيم؟ ومن هو صاحب «الشائعات» عن عمليات تمويل سعودية لمشاريع مشبوهة في المنطقة، بعدما كان الجسمان التركي والاماراتي «لبيسين» في الفترة الماضية؟ والسؤال الاساسي، كيف عبر الملتحقون من شباب طرابلس بالتنظيم الارهابي وكيف وصلوا الى العراق؟ الجواب لا يحتاج الى كثير من التحليل، فطريقهم كانت عبر سوريا، فهل يعني ذلك صحة فرضية نقل «داعش» التنظيمي بكليته الى العراق، حيث عاد الى الميدان ؟

 

في كل الأحوال ما يحصل يثير الكثير من الريبة والشكوك حول الجهات التي تسعى لايقاظ هذا المارد لحسابات انتخابية ضيقة، وحول تلك التي تحاول تحويل البداوي إلى نهر بارد ثان للاستثمار بالدم، فالواضح للمتابعين ان ثمة مطبخا يدير هذه اللعبة بكل تفاصيلها موزعا بين الداخل والخارج، بدا منذ مدة تمهيد الأرض مستفيدا من الثغر الناتجة من تآكل الدولة ومؤسساتها آملا في تحقيق مأرب ابعد من أرض جهاد وأرض نصرة.

 

مرة جديدة، الشمال وطرابلس ليسا قندهار ولن يكونا، وحلم «الامارات الاسلامية» سيسقط من جديد كما سبق قبل اعوام… واحلام استثمار الدم في السياسة بات «بضاعة قديمة انتهت صلاحيتها»…. فليخيطوا بغير هالمسلة» وليتذكروا جيدا ان «على منشر كل بيت في المدينة والقرى بدلة عسكرية»، فزمن فصل الجيش عن خزانه البشري كعشم ابليس في الجنة. فطرابلس لبنانية…. لبنانية…. لبنانية….. و «يلي مش سامع يسمع ويفهم»…