فوجئ الرئيس نجيب ميقاتي بتعميم المكتب الإعلامي المركزي في الجماعة الإسلامية بياناً حول زيارة قام بها ليل الاثنين إلى مقرها العام، رغم اتفاق الطرفين على إبقائها مغلقة وبعيدة عن الأضواء. الجماعة، وما إن بدأ الدوام صباح أمس، حتى وزّعت خبراً صغيراً جاء فيه: «نظمت الجماعة لقاءً حوارياً مع ميقاتي في مركز الجماعة في بيروت بحضور كوادر الجماعة والمسؤول السياسي في بيروت عمر المصري والنائب السابق زهير العبيدي ورئيس هيئة علماء المسلمين في لبنان الشيخ أحمد العمري. تحدث ميقاتي عن المستجدات المحلية والدولية، واختتم بتقديم درع تذكارية له». الخبر أرفق بصورتين، الأولى لميقاتي يتسلم الدرع من العبيدي والمصري، والثانية لعشرات الحاضرين يتقدمهم العمري.
في اتصال مع «الأخبار»، أوضح مستشار ميقاتي خلدون الشريف أن الزيارة «خاصة تمت بناءً على دعوة من الجماعة، واتفق على أن تبقى مغلقة وبعيدة عن الإعلام. أما إطارها، فهو التداول في الأوضاع العامة ونقاش ومصارحة حول الملفات الراهنة». وذكّر الشريف بأن التواصل بين ميقاتي والجماعة ليس جديداً. هذا من جانب الزائر، فماذا عن صاحب الدعوة؟
التواصل والتعاون بين ميقاتي والجماعة في طرابلس وبيروت ليس مستجداً. ظهر أخيراً في استحقاقات متعددة، منها انتخابات المجالس الشرعية والوقفية في دار الفتوى في أيار الفائت، والدعم المالي الذي يخصّصه لبعض مؤسسات الجماعة، إلى جانب التقارب بينه وبين القيادي في الجماعة، الشيخ أحمد العمري، بعد تسلمه رئاسة هيئة العلماء. لكن زيارة ميقاتي لمقر الجماعة في بيروت، خطوة استثنائية.
الجماعة عمّمت خبر زيارة الرئيس السابق لمقرّها رغم الاتفاق على إبقائه سرياً
مصادر متابعة للزيارة وجدت في تصرف الجماعة «محاولة لاستثمار صورة ميقاتي في ضيافتها». الصورة تبعث رسائل على أكثر من صعيد، أبرزها إلى حليفها تيار المستقبل الذي يجد في ميقاتي خصماً له. سياسة الجماعة حمّالة الأوجه قادرة على جمع الأضداد، مثل الهجوم على حزب الله وتلبية دعوة الحرس الثوري الإيراني لإفطار رمضاني في الضاحية الجنوبية، في وقت واحد.
المصادر نقلت عن قياديين في الجماعة شاركوا في الحوار دعوتهم ميقاتي إلى أن يستفيد من انهيار المستقبل. استعرضوا الأزمة الشعبية والسياسية والمالية التي يعيشها، وصوّبوا على السياسات الخاطئة التي مارسها في ملفات عدة، ثم اقترحوا على ميقاتي الذي ورث حكومة الرئيس سعد الحريري أن «يمدّ يده إلى قواعد المستقبل، ليس في طرابلس فحسب، بل في بيروت وإقليم الخروب والبقاع وشبعا أيضاً». إلا أن ميقاتي لم يقتنع باقتراح الجماعة، بحسب المصادر. قال: «صحيح أن الوضع السنّي صعب ووضع المستقبل أصعب، لكن علينا أن نقرّ بأنه لا يزال هو الممثل الأبرز للسنّة في لبنان. وعلينا في هذه الظروف أن نتّحد إزاء القضايا الراهنة من الحكومة إلى الحوار، وبالتالي ليس لدينا مصلحة لنذبح التيار»، علماً بأن ما يصفه البعض بـ»ضرب في الخواصر»، مارسته الجماعة في وقت سابق مع الرئيس فؤاد السنيورة ضد الرئيس سعد الحريري.