IMLebanon

«الجهاد» تتمايز عن إيران.. وترفض «عاصفة الحزم»

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن خلافات عصفت بالعلاقة بين إيران و «حركة الجهاد الإسلامي».

يشير أصحاب هذا الحديث الى أن الخلاف جاء على خلفية مواقف اتخذتها الحركة في المرحلة الأخيرة تجاه عدد من القضايا في المنطقة، ومنها الازمة السورية والحرب الدائرة في اليمن. ويؤكد هؤلاء أن الخلاف الناشب أدّى الى قطع التمويل الإيراني عن الحركة، الامر الذي ترافق ايضاً مع مغادرة الامين العام للحركة رمضان عبد الله شلح للأراضي الإيرانية بعد أن فشل في تسوية النزاعات بين طهران والحركة.

والواقع أن الأمر اكتنفه الغموض لكون الحركة لم توضح حقيقة المسألة، وقد التزم قياديّوها الرئيسيون الصمت إزاء ما يُحكى عن تلك الخلافات التي قيل إنه سيناريو مشابه لما حدث بين القيادة الإيرانية وحركة «حماس».

ما هي حقيقة المسألة، وهل إن كل هذا الحديث لا يعدو سوى زوبعة في فنجان؟

بحسب العارفين بموقف «الجهاد»، فإن بعض ما يُحكى في الإعلام صحيح، «لكنه يفسّر وفق هوى مطلقيه». الأكيد أن في الأمر ثمة أزمة مالية خانقة تعاني منها «الجهاد»، أدّت بها الى تقنين ماليّ حادّ في الأراضي الفلسطينية والخارج، في سياسة تقشف بلغت حداً غير مسبوق.

البوح بهذا الأمر يرتبط بنفي شديد لما يروّج عن قطع للعلاقة بين القيادة الايرانية و «الجهاد»، ورفض لما يُحكى عن مغادرة الامين العام للحركة الأراضي الايرانية. والواقع ان رمضان عبد الله شلّح لا يتخذ من طهران مقراً له في الاساس لكي يسجل غيابه عنها قطيعة بين الحركة والقيادة الايرانية، وهو يتواجد في معظم وقته في دمشق، التي يغادرها في بعض الأحيان الى خارجها. وترى «الجهاد» أن إيران «لم تبتعد عن فلسطين» لكي يحدث الخلاف معها، وإن كانت تُشغل في صراعات جانبية لإبعادها قدر الإمكان عن القضية الفلسطينية.

من هنا، فإن عدم تواجد شلّح في طهران لا يعني انه بعيد في الموقف عن إيران، مثلما ان مغادرته الاراضي السورية بين حين وآخر لا يعني بدوره أنه على خلاف مع دمشق على خلفية الصراع في سوريا الذي لا ترى «الجهاد» أنها تشكل جزءاً منه، وهي تطالب بحل سياسي لشدة خطورته وخلفياته التي تهدّد وحدة سوريا.

هنا بالذات، يتمايز موقف الحركة عن القيادة الإيرانية و «حزب الله»، وهو أمر لا تنفيه «الجهاد» التي ترى أنها لا تشكل جزءاً من الصراع في سوريا الذي نشب لكي يؤدي الى إضعاف سوريا اولاً، ومن ثم تجزئتها وصولاً الى تقسيمها.

لا تزال الحركة على حلفها مع طهران ودمشق، وهي ترى ان «فلسطين يؤتى اليها ولا تذهب عند أحد». أي ان الموقف من اية جهة يحدده موقف الآخر من فلسطين. من هنا، لم تتراجع الحركة عن حلفها مع دمشق، لكنها ترفض الدخول في نزاعات داخلية وتتخذ من التاريخ الفلسطيني في الدول العربية شاهداً على ضياع الدم الفلسطيني هدراً على مذبح الخلافات العربية الداخلية.

على هذا الاساس، ترفض الحركة، على سبيل المثال، الاصطفاف في اليمن، وهي تدين «عاصفة الحزم» السعودية «التي تهرق دماء الأمة»، وتدعو الى حوار يمني سياسي داخلي بعيداً عن السلاح.

كما انه في موضوع «داعش»، لا تذهب الحركة حتى الى ما ذهبت اليه حركة «حماس» في مجابهة «داعش»، كما حدث في اليرموك وغزة. لكنها، في المقابل، تدعو الى مواجهة تلك الظاهرة التي تعتبرها غريبة «وتريد تدمير مقومات الأمة كافة وتشويه صورة الإسلام»، وذلك عبر توفير العدالة الاجتماعية بالتوازي مع اتخاذ علماء الامة موقفاً واضحاً يزيل الغموض والتقصير عنهم تجاه هذه القضية.

لا تخشى «الجهاد» من تلك الظاهرة وتعتبرها مؤقتة، اذ بالنسبة اليها فإنها ستنتهي مع انتهاء وظيفتها عند من يستخدمها، ومن غير المسموح لها أن تحكم طويلاً في عالمنا. لكن ما يؤلم الحركة ان كل ما يجري اليوم في العالم الاسلامي يجري لعيون إسرائيل التي تعدّ المستفيد الاكبر من كل ما يجري بعد أن تلقت الهزيمة تلو الأخرى، سواء في لبنان أو فلسطين.

تحتفظ الحركة بموقف مرير من معظم رموز النظام العربي الذين ترى أن وجودهم يرتبط بوجود إسرائيل، وتلفت النظر الى ان تلك الانظمة تعمل على بقاء تلك الدولة ولا تبحث سوى عن تسوية على حساب فلسطين، تأتي على أنقاض المشروع الذي يحضر للمنطقة. تلك التسوية، سيفرضها الغرب، وعلى رأسه الاميركي، وسيدفع الشعب الفلسطيني الثمن وستذهب قضية اللاجئين ضحيتها، كما أن فلسطينيي العام 1948 سيدفعون ثمنها بالمزيد من العنصرية والكراهية تجاههم.

وبالكلام عن قضية اللاجئين، سيكون لبنان المتضرر الأكبر من ضياعها على الشعب الفلسطيني. وترى «الجهاد» أن ثمة مخططاً لتوطين اللاجئين في لبنان يبدأ بتوريط اللاجئين بصراعات تبعدهم عن قضيتهم الأساس، وقد بدأ هذا الأمر بالفعل في سوريا عندما تم زج الفلسطينيين في صراع بعيداً عن قضيتهم وهاجر الكثير من سوريا في الفترة الاخيرة.

لذا، فإن الحفاظ على قضية اللاجئين ومنع التوطين أو التهجير في لبنان، يُعدّ مسؤولية لبنانية فلسطينية مشتركة.. منعاً للأسوأ.