IMLebanon

قمّة المصالحات الإسلامية في اسطنبول؟!

الاقتصاد والارهاب، يشكلان قوة دفع غير مسبوقة، لرسم مسارات جديدة لطبيعة العلاقات بين دول منطقة الشرق الأوسط الكبير. القمة الاسلامية التي ستعقد في اسطنبول في منتصف نيسان القادم، قد تكون قمة مفصلية في صياغة علاقات جديدة بين الدول الاسلامية الكبرى وهي: تركيا والسعودية وباكستان وإيران. بعد أن تحولت العلاقات بينها مجتمعة أو الثنائية منها الى حقول مليئة بالألغام.

الرئيس حسن روحاني، يخوض «حرباً» قاسية في الداخل مع «شريكه» الرئيس هاشمي رفسنجاني، من أجل التغيير. روحاني، يواجه هجوماً شرساً من جبهة «المحافظين المتشددين« بقيادة الولي الفقيه آية الله علي خامنئي الذي مهما حاول امساك «عصا السلطة» من وسطها لم يعد يتمتع بالمهارات التي استثمرها في السابق، لأن إيران وصلت الى تقاطع طرق عليها تحديد وجهتها لعبورها بلا تردد. الرئيس روحاني الذي شغل قبل الرئاسة موقع رئيس مجلس الأمن القومي، وترأس وأدار أهم مركز دراسات استراتيجية في البلاد عندما أُبعد عن السلطة والواجهة لعدة سنوات، يعرف جيداً وفي العمق أهمية الجغرافيا والاقتصاد والأمن في صوغ العلاقات بين الدول.

الرئيس روحاني، يدرك في العمق أنه لا دولة لديها «خاصرة ضعيفة»، يمكن التسلل عبرها أو اختراقها لضرب الأمن القومي للدولة المعنية. في آذار، مرّت إيران في امتحان انتخابات مجلسي الشورى والخبراء. ورغم عطلة «النوروز» الطويلة، زار روحاني تركيا أولاً وباكستان ثانياً. يمكن القول إن روحاني أراد من الزيارتين وما جرى من خلالهما إنجاز عدة أهداف في وقت واحد:

[ العمل لسدّ الثغرات المهمة والخطيرة أحياناً في «الخاصرتين» الأمنيّتين لبلاده وهما من ناحية تركيا منطقة كردستان، لأن إيران معنية مثلها مثل تركيا، بهذا التصعيد المتمثل بالكلام المتزايد عن «الفيدرالية» وقيام «كردستان سوريا»، ومن ناحية باكستان إقليم بلوشستان سيستان حيث الخروق الأمنية من ناحية باكستان تتزايد وخطرها ليس قومياً فقط وإنما مذهبي. أخطر ما فيه أن مشروع «بلوشستان الكبرى« موجود على «طاولة« التغييرات الجيوسياسية الكبرى.

في باكستان، تعمد روحاني أن يقول خلال لقائه قائد الجيش الجنرال راحيل شريف: «باكستان عمقنا الاستراتيجي تماماً كما نحن لباكستان». بوضوح أكثر، أراد روحاني تسريع الاتفاقية الأمنية لمكافحة الارهاب وتعزيز الأمن.. الجنرال شريف كان صريحاً أيضاً، فطلب من روحاني «عدم السماح لأي تسلل من الهند عبر إيران ضد الأمن الباكستاني» واحدة بواحدة!. 

بهذا تبدو مصلحة باكستان وإيران متكاملة، وهي تتطلب تعاوناً جدياً وواسعاً وفاعلاً حتى يتم سد الثغرات، وجعل الحدود المشتركة آمنة.

[ رفع منسوب التعاون الاقتصادي وتحويله جزءاً من طبيعة العلاقات الثنائية. روحاني، وهو أول رئيس دولة إيراني يزور باكستان منذ 14 سنة، يريد انخراط باكستان في بناء خط أنابيب الغاز عبر أراضيها، بعد توقفه بسبب العقوبات، والذي يجب إكمال تمديده في الأراضي الباكستانية، وبناء سكة حديد تصل إيران بالصين وروسيا عبر باكستان.

[ تشجيع باكستان «للسير بسرعة في تحقيق المصالحة بين المملكة العربية السعودية وإيران«. تأكيداً لذلك، تعّمد روحاني في لقائه أبرز الشخصيات والعلماء من السنّة والشيعة على السواء، الكلام عن «وجوب إقامة علاقات ايجابية بالسعودية». لا تكفي جهود رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف لتحقيق المصالحة. من الضروري والطبيعي أن ترافق الكلام الطيب والايجابي خطوات ميدانية ايجابية، للسير قدماً في مسار تصويب العلاقات.

[ استثمار روحاني للعلاقات بتركيا وباكستان والدعوة لعلاقات طبيعية بالمحيط الجغرافي في المواجهة الداخلية. روحاني يعرف أن كل قرار ايجابي في سياسته الخارجية يثمر تأييداً شعبياً له ولموقعه، خصوصاً ان النمو الاقتصادي المطلوب شعبياً، لا يكون بالخطابات الثورية كما قال روحاني.

زيارة روحاني الى تركيا في مطلع آذار الحالي لم تخرج في أهدافها عن تنمية التعاون الاقتصادي مع تركيا والقفز به الى 30 مليار دولار سنوياً، الى جانب تطوير العمل المشترك، رغم الخلاف العميق بينهما حول مستقبل سوريا، لوأد أي مشروع لقيام إقليم كردي في شمال سوريا تحت أي تسمية من الأسماء. دائماً «لعبة» الأمن والاقتصاد مستمرة بأسماء مختلفة ولكن بأهداف متشابهة.

قمة اسطنبول الاسلامية، ستُبلور مسارات العلاقات المستقبلية بين الدول الكبرى في المنطقة، التي مهما فرقت بينها خلافات قديمة أو طارئة، فإن خطراً كبيراً يمكن أن يوحد ما بينها، وهو خطر الإرهاب بكل أنواعه وأشكاله، والاقتصاد الذي لا يوفر فرص عمل في مجتمعات شابة، تحتاج أكثر فأكثر الى مزيد من التنمية والاقتصاد الواعد. والمجهول في ما تريده التوافق والاتفاق الأميركي الروسي.