IMLebanon

تساكن “جمهورية إسلامية” وبقايا جمهورية لبنانية

 

ليس موقع لبنان على خريطة المشروع الإيراني واحداً من أسرار الآلهة. ومن خداع النفس ان نتجاهل وظيفته في المشروع وكون ترسانة الصواريخ جزءاً من الوظيفة. فلا كلام علي حاجي زاده قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الايراني يجب أن يفاجئ أي مسؤول وغير مسؤول في لبنان، ولا الردود عليه، وهي خطوة جيدة سواء كانت ضعيفة او قوية، تبدل شيئاً في ما صار حقيقة على الأرض: البلد ليس فقط “جبهة أمامية” للمواجهة بل أيضاً “قاعدة انطلاق” لأدوار في المنطقة أوسع من الانخراط في حرب سوريا.

 

وأقل ما أكدته مشاهد إحياء الذكرى السنوية الأولى لإغتيال قائد “فيلق القدس” الجنرال قاسم سليماني، هو أن التداخل كامل بين الميليشيات التي تدعمها طهران في العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن، وأن الرجل كان القائد الفعلي لها في ظل الولي الفقيه. شيء مثل أيام “الكومنترن” والاممية الشيوعية، وشيء من “تقديس” السلاح الذي لا تنتهي مهمته بتبدل الظروف لأنه مرتبط بمبدأ لا يتغير. أما تبادل التحذيرات والتهديدات بين أميركا واسرائيل من جهة وبين ايران وميليشياتها من جهة أخرى، فإنه نوع من “حرب وقائية” خطابية لمنع وقوع حرب، ولون من تاكتيك “الانتقام المؤجل”.

 

وحين يقول “حزب الله” إنّه ليس في انتظار أن يكتمل انهيار لبنان لكي يأخذه ويحكمه، حسب المثل الشهير “إكسره تملكه”، فإنّه صادق. إذ لا مصلحة له حالياً في أن يتحمل مباشرة المسؤولية عن بلد مأزوم، مفلس، مدين بمئة مليار دولار ومرشح لعزلة كاملة عن العرب والغرب، ولا قدرة لايران وما يسمى الشرق على إنقاذه. وهو يدير “جمهورية اسلامية” صغيرة في مناطق يسميها “بيئة المقاومة” لها اقتصاد ومالية ومصرف وشبكة هاتف وجيش، ويتحكم بما بقي من الجمهورية اللبنانية. وهذا يكفيه الآن، حيث لا يزال في لبنان شيء من غطاء “الشرعية”. فضلاً عن التحسب للصراعات المذهبية التي يريد تجنبها، وللتحديات الإقليمية والدولية التي تفرض مواجهتها مواقف صعبة، سواء في الذهاب الى حرب أو الى سلم.

 

والحكومة المفترضة ليست خارج اللعبة وحساباتها. وليس من مسؤول يقول بوضوح ما هي العقدة الحقيقية التي تحول دون تأليف حكومة، أية حكومة. والمعادلة واضحة عند الناس: اذا كانت العقدة ترك الحكومة ورقة في يد ايران للتفاوض مع الرئيس جو بايدن، فهذه “جريمة سياسية” ضدّ اللبنانيين. واذا كانت الخلاف على حقائب وزارية في بلد يغرق، فهذه “جريمة” أفظع، لأنّها بالخيار لا بالاضطرار. وقمة البؤس السياسي أن تكون العقدة خارجية وداخلية معاً.

 

يقول العالم الانتروبولوجي مارك أوجي: “قل لي ماذا نسيت، أقل لك من أنت”. ونحن محكومون بمافيا نسيت أن لبنان وطن وشعب.