Site icon IMLebanon

فرنسا والملفّ اللبناني بين “مهسا أميني” والجمهورية الإسلامية

 

تَحفَظ الجمهورية الإسلامية لفرنسا أنّها احتضنت الإمام الخميني منذ منفاه الباريسي إلى حين عودته إلى إيران، وشكَّل هذا الإحتضان وهذه العودة السبب الأساسي في نجاح ثورة الإمام الخميني وإنهاء حكم الشاه. في “الجيوبوليتيك”، وبعيداً من العواطف، الجمهورية الإسلامية مَدينة لفرنسا، و”الأم الحنون تشعر بأن لها “دَيناً على إيران” لأنّها رعت الثورة وأوصلتها إلى “شاطئ الأمان في طهران”.

 

انعكس هذا التقارب بين فرنسا وطهران “ودّاً” بين باريس وحارة حريك، فعند كل مفصل، تبدو العاصمة الفرنسية حريصة على “حزب الله”، والعكس صحيح حيث إنّ “الحزب” يبدي تجاوباً مع العاصمة الفرنسية. ظهر ذلك في مؤتمر Celle-Saint Cloud في العام 2007 والذي شارك فيه ممثل عن “حزب الله” هو نواف الموسوي الذي لقي ترحيباً حاراً من وزير الخارجية برنار كوشنير. كما ظهر الإهتمام في حوار قصر الصنوبر الذي استضاف فيه الرئيس إيمانويل ماكرون الزعماء اللبنانيين وبينهم ممثل الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد.

 

ويحرص “الحزب” على عدم معارضة مصالح فرنسا في لبنان، من مرفأ بيروت وغيره، والسفيرة الفرنسية في لبنان Anne Grillo ناشطة على خطّ حارة حريك، وهناك مَن يعتقد، بالمعنى الرمزي، بوجود “ورقة تفاهم ديبلوماسية” بين “حزب الله” وباريس، وهذا ما يجعل العلاقة ثابتة وصامدة إلى الأمس القريب.

 

لكن فرنسا، حاملة شعار”حرية الشعوب”، والتي وقفت مع حرية الشعب الإيراني منذ أواخر سبعينات القرن الماضي، وجدت نفسها إلى جانب “الحراك الإيراني”، فاستقبل الرئيس الفرنسي في الإليزيه، وفداً من المعارِضات الإيرانيات، بمن فيهنّ الإيرانية – الأميركية “مسيح علي نجاد”، اللقاء هو الأول من نوعه بين رئيس دولة كبرى وشخصية معارضة إيرانية. انعكس هذا اللقاء برودة بين طهران وباريس وأدى إلى استدعاء طهران للسفير الفرنسي وتسليمه رسالة احتجاج، وهذا ما أثار حفيظة فرنسا واستياءها من هذا الإستدعاء.

 

السؤال الذي يطرحه اللبنانيون الذين يعوِّلون على دورٍ فرنسي، هو: إلى أي مدى ستؤثّر الأزمة المستجدة بين طهران وباريس على دور فرنسا ومساعيها في لبنان؟ وهل يسحب “حزب الله” تجاوبه مع المساعي الفرنسية بسبب ما يعتبره “انحيازاً” لفرنسا إلى جانب المعارضة الإيرانية، في الأزمة الإيرانية؟ حظٌّ عاثر جديد للبنان، إذا انكفأت فرنسا، لأنه سيفقد وسيطاً مقبولاً بين أطراف متناقضين، فمَن سيكون البديل؟ وهل سيكون الوسيط الجدي أجنبياً أو عربياً؟

 

عند استقرار الإمام الخميني في فرنسا، كتب أحد كبار المحللين Thierry P. Millemann: “لقد أسس العالم الغربي للجمهورية الإسلامية إنطلاقاً من فرنسا”. بعد استقبال الرئيس ماكرون المعارضة الإيرانية، هل يبدأ التأسيس لجمهورية “جديدة” في إيران؟