Site icon IMLebanon

“تصفيرُ” موقوفي المرفأ يُحْيِي قضية “الموقوفين الإسلاميين”

 

ترك «تصفيرُ» الموقوفين في جريمة تفجير مرفأ بيروت تداعياتٍ سياسية وقضائية وإنسانية واسعة النطاق، لكنّ الأثر المباشر والوقع الأقوى كان على أهالي الموقوفين الإسلاميين الذين يكابدون حرمان أبنائهم من العدالة على مدى سنوات، فتطول فترات توقيفهم ويكابدون رعايتهم في السجون تحت وطأة الانهيار، بينما يخرج متَّهَمون بأكبر جريمة عرفها تاريخ لبنان في خطوة مزجت بين الوقاحة والظلم واحتقار العدالة.

 

لعلّ أفضل مَن ترجم هذا الواقع وقاربه بجرأة ووضوح، كان إمام مسجد السلام شيخ قراء طرابلس الشيخ بلال بارودي الذي قدّم مقاربةً كشف فيها «أنّ الدولة لو أرادت توقيف المتّهَمين الحقيقييّن في التسبّب بتفجير المرفأ، فإنّ الدولة ستوقـِفُ الدولةَ وإنّ الدولة ستسجنُ الدولةَ، وإنّ الدولة ستقاضي الدولة، والحقيقة أنّ (بعضَ) الدولة هي التي تآمرت على الدولة، ومن في الحكم تآمروا على المحكومين، ومن يرعى ويحمي مافيا المرفأ هم الذين أساؤوا استخدام المستوعبات، فمن يحاسِبون؟ هل يحاسب اللصُّ نفسَه وهل يقتصُّ المجرمُ من نفسِه، وهل يحاكِمُ الفاسدُ فسادَه… إذا كان ربّ البيت بالطبل ضارباً فشيمة أهل البيت كلّهم الرقصُ».

 

يضيف الشيخ بارودي: «في مجزرة التقوى والسلام التي وقع ضحيتها 55 شهيداً وألف جريح، هناك موقوفٌ واحد، وفي جريمة تفجير مرفأ بيروت التي هزّت لبنان وأدمعت أعين العالم، وسقط فيها 200 شهيد من كلّ أطياف لبنان وطوائفه، ومن جنسيات مختلفة، بعد قرارات بعض القضاء، لم يعد هناك موقوفٌ واحد في هذه القضية».

 

يسأل شيخ قرّاء طرابلس: إذا تجرّأ قاضٍ ووقّع على إخلاء سبيل مـَن هم بالظنِّ متَّهمون بعلاقةٍ ما بتفجير مرفأ بيروت، فلماذا لا نجد مسؤولاً أو قاضياً يجرؤ أن يفتح ملفّ الموقوفين الإسلاميين، وهم ليسوا محكومين، بل موقوفون على ذمّة التحقيق سبع وثماني وعشر سنوات وحتى الآن لا محاكمة لهم، فمتى يخرجون ولماذا إلى الآن تُمنع عنهم العدالة؟».

 

يضع الشيخ بارودي المعادلة: «عندما ينعدم العدلُ وتختفي هيبة الحكم ويرعي اللِّصُّ القانونَ ويحمي القاتلُ الدستورَ ويتغنّى المجرمُ بالتعايش، وعندما تحكم ثلاثية الاستبداد: القمع والإقصاء والسجن، فلا حرِّية ولا عدالة ولا ازدهار… والجسمُ القضائيّ إن تحكّم به القـَتـَلَةُ واللصوصُ ينهار نصفُ الدولة. والجيشُ والقوى الأمنية إن خضعت لسيطرة هؤلاء إنهار البلد.

 

وخلص إلى أنّ «الرسالة الواضحة أنّهم بهيمنتهم يستطيعون أن يُخرجوا من شاؤوا من السجون ولو كان مُتـَّهَماً أو مجرماً مُداناً، ويتركوا في السّجون من شاؤوا ولو كان بريئاً مظنوناً به».

 

مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد إمام استقبل أهالي الموقوفين وقال أمامهم: «نحن لم نقصّر يوماً في القول إنّهم مظلومون ومسجونون بغير وجه حقّ، هم موقوفون ظلماً وعدواناً، ويقبعون في السّجون خلافاً للقانون بدون تحقيق وبدون محاكمات، وبالتّأجيل المستمر»، سائلاً: أين دورُ السّياسيّين؟

 

ورأى أنّ ما حصل من إطلاق سراح للموقوفين على ذمّة التّحقيق بتفجير المرفأ بين ليلة وضحاها، يدلّ على مدى غياب المعايير الحقيقيّة للعدل والقضاء… ونحن في صفوفنا يقبع أبناؤنا وإخواننا المسلمون السّنة في السّجون وأغلبهم مظلومون ، يحق لهم بالحدّ الأدنى الخروج من السّجن، وإذا تكلّمنا بالعدل يجب أن يعوّض عليهم وعن سنين عمرهم التي خسروها .

 

من بين الأهالي خرجت أصواتٌ تدعو مفتي الجمهورية ومفتي المناطق إلى التوجه نحو السراي الكبير ووزارة الداخلية والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وتوجّه الجميع لفتح أبواب سجن رومية لإطلاق سراح المظلومين، بينما دعا حقوقيون إلى اجتماع أهالي الضحايا والمظلومين في قضايا تفجيرات المرفأ والتقوى والسلام والتليل والموقوفين الإسلاميين وعرب خلدة… وذلك لتوحيد مواقفهم وجهودهم في وجه منظومة الظلم انتصاراً للعدالة.