IMLebanon

الإسلاميون بذكرى 14 شباط: إحباط.. ومرارة من «المستقبل»

هي المسافة الاكثر اتساعا منذ سنوات بين القوى الاسلامية السنية في لبنان وتيار «المستقبل» الذي يستعد للاحتفال بالذكرى العاشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري غداً السبت.

لهذا الابتعاد ظروفه الخاصة بالقوى الاسلامية، كما انه يأتي نتاج تقييم تلك القوى لواقع التحالف مع «المستقبل» وجدواه، اضافة الى قراءة تلك القوى للواقع الحالي المعقد في لبنان والمنطقة.

من هنا، يبدو الفارق كبيرا بين العلاقة الوثيقة التي ربطت «المستقبل» مع معظم القوى الاسلامية اثر اغتيال الحريري العام 2005، وتلك اليوم، وذلك في منظور الاسلاميين طبيعي بسبب تقصير «المستقبل» في الدفاع عن حقوق الطائفة السنية، اضافة الى استئثاره بمسار الطائفة، وفقا لهؤلاء.

لكن ذكرى استشهاد الحريري لا تزال تحتفظ باحترامها وهالتها بالنسبة اليهم، برغم خيبة الامل من واقع الطائفة الحالي.

«الجماعة الاسلامية» تبدو متضررة مما تعتبره «تفرّد التيار بمسار الطائفة، وأدى اغتيال الحريري وما تبعه من انسحاب للجيش السوري من لبنان ومن ثم ولادة الربيع العربي، إلى تثبيت العلاقة بين الجماعة والتيار. لكن سرعان ما حصل الافتراق، اذ، اضافة الى التفرد، كان لعوامل سياسية واقليمية فعلها في تراجع العلاقة».

ويقول رئيس المكتب السياسي لـ «الجماعة الإسلامية» عزام الايوبي، ان الحركة ستشارك في ذكرى 14 شباط، لكن الامر غير مرتبط بمشاركتها في ذكرى 14 آذار «المتروكة للظروف». ويشير الى ان ثمة مساحة مشتركة مع «المستقبل» يجري العمل عليها لتعزيزها على اساس احترام القرار المستقل لـ «الجماعة»، «والامور تبحث عبر نقاش هادئ».

في هذه الاثناء، تأتي الذكرى في الوقت الذي تم فيه كسر الجليد في العلاقة بين «الجماعة» و «حزب الله»، عبر وسطاء مشتركين على الساحة الاسلامية الفلسطينية. وبينما ثمة قضايا يبدو الخلاف حولها عميقا، كمشاركة الحزب في القتال في سوريا، يلفت الايوبي النظر الى ان لا نتائج حتى الآن من هذا الانفتاح الذي لم يثمر حتى اليوم، وان كان ثمة عمل جاد على هذا الصعيد.

الموقع المقرب من قوى «14 آذار» الذي تحتفظ به «الجماعة»، يبدو مشابها لموقع «هيئة علماء المسلمين» التي برز دورها بشكل كبير في الفترة الاخيرة. لكن الهيئة تبدو محبطة مما آلت اليه أمور الطائفة اليوم، في الوقت الذي تغيرت فيه ظروف ذكرى 14 شباط.

«في البداية شكلت الذكرى مصدرا للأمل والوحدة وتوقا الى العدالة.. أما اليوم فقد حلت الخيبة ولا رجاء من الاقتصاص من المجرمين»، حسب رئيس «الهيئة» السابق الشيخ عدنان أمامة.

يشير كلام أمامة الى الاحباط الشديد لدى شرائح واسعة لدى الطائفة السنية مما آت اليه الامور. بالنسبة اليه، وهو السلفي، «تمكن تيار المستقبل من جمع معظم الطائفة تحت رايته في البداية، لكنه اليوم بات قاصرا عن ذلك بسبب سياساته التي لم يحقق عبرها مصالح الطائفة ومطالبها وبات وضع السنة اليوم سيئا في ظل استهدافهم».

يشير أمامة الى فشل تنموي وسياسي واقتصادي لـ «المستقبل»، أما الطامة الكبرى بالنسبة اليه، فتتمثل في «الظلم» الذي يتعرض له السجناء الاسلاميون وبقاء الكثير منهم من دون محاكمة «ما يشكل وصمة عار حقيقية».

على أن أمامة يصر على اعتبار الهيئة خارج اصطفافَي «8 و14 آذار»، برغم قربها من القوى في «14 آذار». «سياستنا واضحة»، يشدد أمامة الذي يضيف: «نريد العيش في دولة مستقلة حيث لا تمييز بين الطوائف، وحيث ثمة جيش وطني يرى بعينين اثنتين، وحيث يحقق القضاء العدالة».

الشيخ صفوان الزعبي، السلفي المعتدل، يشير باحترام الى ذكرى الحريري «الذي ترك فراغا كبيرا اليوم في الزعامة والحكمة». ويلفت النظر الى ان شعبية «المستقبل» تراجعت بشكل كبير، «لكنه لا يزال الحليف الأول للسعودية في لبنان ما يؤمن استمراريته وقوته، اضافة الى العامل الهام لكون المستقبل مشاركا في السلطة».

ويعتبر الزعبي ان شرائح إسلامية وسلفية باتت أكثر راديكالية من «المستقبل» نتيجة عدم تلبيته الرؤى التي تحملها، بعد ان أغراها التيار قبل ان يتموضع بشكل مغاير سياسيا. وبعد ان راهنت على الثورات العربية، باتت اليوم هدفا هشا بالنسبة الى تنظيمات كـ «داعش» مثلا، «وهنا مكمن الخطورة»، حسب الزعبي.

ويختم الزعبي بالاشارة الى ان قوى «14 آذار»، «بعد ان تبنت بالكامل السياسة الاميركية وأحرقت الاشرعة مع الطرف الآخر في لبنان ودخلت في معركة كسر عظم معه، تريد اليوم استدراك ذلك، إما بسبب احساسها بأنها خسرت المعركة، وإما بطلب أميركي، وليس الحوار بين المستقبل وحزب الله إلا نتيجة لذلك».