Site icon IMLebanon

هنيّة يحسمها: لن نطلق صواريخ من لبنان

 

وسط حراسة مشدّدة، وبتأخير قسري لنحو نصف ساعة عن الموعد المحدّد سابقاً، اختار رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية ان يعرض من مطعم «الساحة»، على كتف الضاحية الجنوبية لبيروت، مقاربة «حماس» للتحدّيات التي تواجه القضية الفلسطينية، وللإشكاليات التي رافقت زيارته للبنان، محاطاً بعدد من قيادات الحركة، فماذا قال؟

توضيحاً لملابسات بعض المواقف النارية التي أطلقها اخيراً من لبنان، يؤكّد هنية انّه لم يقصد بتاتاً استخدام لبنان منصّة لمحاربة اسرائيل وإطلاق التهديدات منه ضدّ كيان الاحتلال، مشدّداً على انّ «قرارنا محسوم ونهائي، وهو ان نقاتل العدو في الارض الفلسطينية حصراً، وبالتالي انا قصدت بموقفي التهديد بالصواريخ التي نملكها في الداخل».

 

ويشير هنية، الى انّ «حماس»، «تحترم سيادة لبنان، وليست في وارد توريطه بأي مواقف»، لافتاً الى «انّ الخطاب الذي استخدمه هنا هو نفسه الذي يعتمده في قطر او تركيا أو أي مكان أكون فيه، إذ نحن لا نتلون وفق الجغرافيا، بل لدينا خطاب ثابت».

 

ويؤكّد، انّ توقيت زيارته مرتبط حصراً بالظروف اللوجستية لاجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، «وللعلم، فإنّ الأخ أبو مازن هو الذي حدّد الموعد، وكان يمكن الاجتماع ان ينعقد في اي مكان آخر، كالقاهرة التي اعتادت على استضافة اللقاءات الفلسطينية، وبالتالي لا يجوز تحميل زيارتي اكثر مما تتحمله».

 

ويجزم هنية، بأنّ زيارته «تندرج فقط في إطار توحيد الصف الفلسطيني إزاء المخاطر الداهمة، وهي ليست رداً تركياً على حضور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان، ولا تتضمن رسائل الى هذا أو ذاك»، مشدّداً على أنّ «حماس» ليست في جيب احد وقرارها مستقل».

 

وعن تفسيره للمظاهر المسلحة التي استقبلته في مخيم عين الحلوة، ما استفز البعض ممن اعتبر انّ هذا الاستعراض العسكري يشكّل تحدّياً للدولة اللبنانية، يقول هنية: «بداية، ينبغي أن نوضح انّ هذا السلاح قديم وموجود منذ سنوات طويلة، ثم إنّ العناصر المسلحة لم تكن من «حماس» فقط، بل من فصائل عدة تنخرط في الأمن الوطني الفلسطيني. واللافت انّه وعلى رغم من وجود مئات البنادق المرفوعة، لم تُطلق رصاصة واحدة ولم يحصل أشكال واحد، وهذا انضباط تنظيمي يُسجّل للفصائل». ويضيف: «ما حصل هو انّ أبناء المخيم خرجوا بهذه الطريقة من أجل استقبال أخ لهم يأتي من غزة العزة التي تقاوم الاحتلال، واستطراداً فإنّ ظهور السلاح في هذه المناسبة يحمل تلك الرمزية تحديداً، وهو حتماً لا ينطوي على رسالة لأي جهة في لبنان أو حتى للدول التي لجأت الى التطبيع مع الاحتلال. هذه رسالة فقط الى العدو، فحواها أنّ أبناء المخيمات في الشتات لا يزالون يتمسكون بقضيتهم المعادلة وبحق العودة».

 

ويلفت هنية الى «انّ البندقية الفلسطينية ساهمت في ضبط الأمن داخل المخيمات وفي مساعدة الأجهزة الرسمية اللبنانية، وهي لا تشكّل اي تهديد لجوارها اللبناني»، ويتابع: «فليكن معلوماً، اننا نرفض كلياً التوطين او الوطن البديل او التهجير، ونحن مجرد ضيوف على لبنان في انتظار العودة، وحتى ذلك الحين لسنا معنيين بتاتاً بالتدخّل في الشؤون اللبنانية».

 

ويتوقف هنية عند واقع المخيمات الفلسطينية في لبنان، لافتاً الى انّه تبيّن له أنّ وضعها أسوأ من وضع المخيمات في غزة المحاصرة. ويدعو الى منح اللاجئين الحقوق المدنية والإنسانية التي تسمح لهم بالصمود، كاشفاً انه بحث في هذا الملف مع كل القيادات التي التقاها.

 

وحول سبب عدم لقائه بعد مع رئيس الجمهورية ميشال عون، يوضح هنية انه طلب موعداً، «لكن يبدو أنّ الانشغالات الكثيفة للرئيس واستقبالاته المتلاحقة للضيوف الدوليين في هذه المرحلة أخّرت اجتماعنا به».

 

اما على صعيد الاستحقاقات الداهمة، فإنّ هنية يؤكّد ان هناك تهديدات استراتيجية غير مسبوقة، تتعرّض لها القضية الفلسطينية على مستوى القدس والأرض واللاجئين «ما يتطلب منا وضع رؤية استراتيجية لمواجهتها، وعدم الاكتفاء بردود الفعل»، مبدياً أسفه لاعتماد بعض الدول العربية خيار التطبيع الذي «يشكّل خدمة انتخابية لدونالد ترامب وخدمة سياسية لبنيامين نتنياهو».

 

ويلفت هنية الى انّ الفصائل الفلسطينية يجب أن تنجز الاستراتيجية المضادة قبل موعد الانتخابات الأميركية، «تماماً كما انّهم يحاولون انضاج مشاريع تصفية القضية الفلسطينية قبل هذا الموعد»، مشدّداً على أنّ المسارات التي يجب أن يسلكها الفلسطينيون هي الآتية: «توحيد الصف الفلسطيني وترتيب البيت الداخلي، لأن اكثر ما يزعج العدو هو ان يشاهد حركتا «فتح» و»حماس» تلتقيان من جديد، تعزيز خيار المقاومة الشاملة على كل المستويات وفي طليعتها المستوى العسكري، وإيجاد قيادة مدنية موحّدة للانتفاضة الشعبية، خصوصاً في الضفة الغربية، تفعيل مرجعية منظمة التحرير وعودة «حماس» و»الجهاد» اليها، إخراج اتفاقية اوسلو من التداول، بعدما وصلت إلى نهايتها نتيجة التطورات الاخيرة، بحيث انّها لم تعد تصلح ان تكون قاعدة لبرنامج فلسطيني مشترك».

 

ويشير هنية الى «أهمية التكامل بين بندقية المقاومة والعمل السياسي»، معتبراً انّ كلا منهما يجب أن يخدم الآخر، «على قاعدة انّ البندقية تزرع والسياسة تحصد»، ومنبّهاً الى انّ لا مكان في هذا العالم الّا للأقوياء، «واذا كنت ضعيفاً ستجدهم يتقاسمون حقوقك على عينك يا تاجر». ويشدّد على أنّ «حماس» ترفض ان تنخرط في محور ضد آخر «وإن تكن تربطها علاقة قوية مع تيار المقاومة»، لافتاً الى «انّها منفتحة على إيران ولبنان وقطر وتركيا ومصر، وحتى الدول التي طبّعت مع العدو الاسرائيلي، نحن نأسف لخيارها ونعارضه، لكننا في الوقت نفسه نرفض ان نخوض مواجهة معها، لأنّ بوصلتنا الوحيدة هي فلسطين، وصراعنا الوحيد هو مع كيان الاحتلال، ولا نقبل بأن تنحرف وجهتنا في اتجاهات أخرى».

 

وعن احتمال مدّ الجسور مجدداً مع دمشق، يلفت هنية الى «انّ سوريا تشكّل احد أعمدة المنطقة، وهي كانت ولا تزال تشكّل عمقاً حيوياً للقضية الفلسطينية، و»حماس» اقامت فيها لنحو عشر سنوات، لم تجد خلالها سوى الاحتضان، والرئاسة السورية تدعم الحقوق المشروعة لشعبنا. اما مسألة استئناف التواصل السياسي، فأنا افضّل ان لا أخوض في تفاصيلها الآن، واكتفي بالقول ان لكل حادث حديث».