Site icon IMLebanon

الإنتقادات لهنيّة رسالة إلى “حزب الله”

 

تدلّ ردود الفعل الواسعة على زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنيّة إلى لبنان ومخيّم عين الحلوة، سواء كانت محقّة أو كانت مغالية، إلى مدى ارتفاع الحساسية اللبنانية تجاه السلاح والتنظيمات المسلّحة في لبنان، والتي تعايش معها اللبنانيون لسنوات بحكم الأمر الواقع، وأصبحوا الآن يرفعون الصوت حيالها قياساً إلى تغاضيهم عنها سابقاً.

 

بات قطاع واسع من اللبنانيين يعتبر أنّ وجود هذا السلاح تحت شتّى المبرّرات والشعارات، سبباً رئيساً لمآسيهم وأزماتهم المتراكمة، لأنّه يختزل أزمة غياب الدولة وانتظام مؤسساتها على المستويات كافة. صار الوجود المسلّح الخارج عن قرار الدولة الآفة بحدّ ذاتها، وكذلك الإلتحاق بالمحاور الخارجية. ومن هنا، يمكن فهم رواج دعوة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي إلى الحياد منذ تمّوز الماضي.

 

وإذا كان من خلفيات الإنتقادات إزاء زيارة هنيّة للمخيّم وحديثه عن امتلاك “حماس” في غزّة صواريخ ” لتدكّ بها تلّ أبيب وما بعد تلّ أبيب”، أنّ منتقديه اعتبروها رسالة من مِحور الممانعة بإمكان إقحام الساحة اللبنانية مُجدّداً في صراع المحاور، وضدّ الاتفاق الإسرائيلي ـ الإماراتي، فإنّ الحملة على تصريحاته (مع أنّه تحدّث عن صواريخ غزّة وليس لبنان) هي رسالة إلى “حزب الله” قبل هنيّة نفسه، أو عبره. فبيان الحزب بعد استقبال السيّد حسن نصرالله له عن “ثبات مِحور المقاومة في مواجهة الضغوط”، هو الذي استنفر ردود الفعل، التي شملت قيادات وشخصيات متعاطفة مع المقاومة الفلسطينية تاريخياً.

 

لم يسبق لردود الفعل حِيال زيارته أن حصل مثلها حين زار الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبنان أكثر من مرّة، (مع أنّه لم يزر أحد المخيّمات خلالها). كما أنها لم تحصل حين يزور قادة “فتح”، مثل عزّام الأحمد مخيّم عين الحلوة، أو غيره لمعالجة مشاكله التي لا تُحصى.

 

بعض القيادات اللبنانية المواكبة لزيارة هنيّة ولاجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية من أجل تكريس المصالحة بين “فتح” و”حماس”، يجزم بأنّ الزيارة قرار فلسطيني، لم يأتِ من مِحور الممانعة، لأنّ التحضير لها بدأ قبل أشهر، وعجّل بها بدء التطبيع العربي مع إسرائيل، الذي أشعر السلطة الفلسطينية وقيادة غزّة بأنّ لا بديل عن إنهاء الانقسام في مواجهة استضعاف إسرائيل الفلسطينيين. سبق أن اقترحت مصر استضافة المؤتمر وكذلك قطر وموسكو… كما أنّ رئيس البرلمان نبيه بري سبق أن اقترح مقرّ الرئاسة الثانية لاستضافة المصالحة التي شجّع عليها بقوّة، لكن الفصائل لم تكن جاهزة لتلك الإقتراحات، إلى أن حسمت أمرها واعتمدت بيروت لإتمامها من دون وسيط خارجي، بدلاً من العواصم الأخرى، خِشية احتسابها لمصلحة هذه الدولة أو تلك، فضلاً عن أن دمشق لا ترحّب بوجود “حماس” فيها لاستمرار الخِلاف حيال الثورة السورية. كما أنّ فصائل أخرى يستحيل عليها الذهاب إلى رام الله مروراً بإسرائيل.

 

الإصرار على المصالحة في مقرّ السفارة الفلسطينية في لبنان، من دون حضور لـ”حزب الله” أو أي جهة أخرى، وتأكيد البيان الختامي على “المقاومة الشعبية” لا المسلّحة، ومن دون الإشارة إلى أي دعم خارجي، دلالة إلى جدّية ما نُقل عن هنيّة قوله “قرّرنا الخروج من الحسابات الضيّقة” لتكريس منظّمة التحرير الإطار الرسمي الوحيد.

 

ردود الفعل تستدعي استخلاص العِبر من قبل “حزب الله”، مثلما تتطلّب الحذر من “حماس”.