IMLebanon

هنيّة… بئسَ الزيارة ولبنان ليس “ساحة”

 

إذا كان مفهوماً ان يسعى “حزب الله” الى عرض قوة في لبنان عبر حليف سنيّ مقاوم يعطي إيران شرعية إضافية في مصادرة القضية الفلسطينية، فإنّ المستغرَب أن يقبل رئيس الجمهورية بتلك العراضة المسيئة للدولة التي قام بها اسماعيل هنية متجاوزاً كل الأعراف والحدود.

 

فالرئيس، بحكم تحالفه المتين مع السيد حسن نصرالله، كان يمكنه تجنيب لبنان قدوم زعيم “حماس” الى ربوعنا في وقت تأخذ المبادرة الفرنسية مداها ونستجدي المساعدات من الدول الغربية والعربية التي تضع هذه الحركة في خانة “الارهاب”.

 

أما الاحتمال الذي لا نرغب بتصديقه، فهو ان يكون الرئيس آخر مَن عَلمَ بزيارة الضيف الكريم وأن يكون صالون الشرف في المطار فُتح برغبة من قوى الأمر الواقع أو من موظف كبير او صغير.

 

لا أحد يجادل في حقّ الفلسطينيين باستخدام الوسائل كلّها لمقارعة الاحتلال، لكن عودة هنية الى استخدام لبنان ساحة لرسائل سياسية أو تحالفات مسلحة لا تنمُّ عن حرص على شعب المخيمات واستفادة من دروس الماضي الأليم. وهي دليل قاطع على ان التبعية للمحور الايراني ولعب دور الأداة باتا الشغل الشاغل لـ”الحركة” التي شطرت الضفة عن القطاع، وكان أجدى بها عدم تضييع 13 عاماً تَلَت رمي عناصر “فتح” من شاهق بنايات غزة، لتعاود برعاية نصرالله محادثات التوافق مع رام الله و”فصائل دمشق”، بعدما ضربت صفحاً عن دور هذه الفصائل في تدمير مخيم اليرموك.

 

نفهم رغبة طهران و”حزب الله” في التصدي للتطبيع بين اسرائيل والامارات وفي الاستفادة من التقاطع الايراني – التركي – القطري الذي تمثله “حماس” وقصَّرت عنه ايرانية “الجهاد”، لكن ذلك لا يستدعي حضور هنيّة شخصياً، وإذا حضر، فلا مبررَ لمهرجان مسلح والتوعد من بيروت وعين الحلوة بقصف تل أبيب، فيما سنسرُّ جميعاً لو نفَّذ تهديده من “القطاع” وتحمَّلَ مع الشعب الذي اختاره التداعيات.

 

انه انتهاك صارخ لسيادة بلد مستقل، الا اذا كان هنية يعتبره ساحة للمقاومات الاسلامية وليس وطناً فيه دولة وشعب وطوائف وخلافات لا ينقصها صب زيت على النار. وقد لا يكون خطيب “حماس” المفوَّه على خطأ في تقديره إذ ان السلطة الفاسدة وأجهزتها التي تخلَّفت عن واجباتها واستهانت بأمن الناس وحياتهم وسمحت بكارثة المرفأ لا تستحق الاحترام.

 

سيد هنية، فلنُنعش ذاكرتك: دفع هذا البلد أثماناً باهظة وكافية على “مذبح” فلسطين التي هي قضية عربية تُحوّلُها مع صَحبك ومُموليك اسلامية ايرانية. والمسيحيون تحديداً تصالحوا مع الفلسطينيين بعد سنوات من التقاتل والدماء، فلماذا جئت تنكأ الجراح؟ ولماذا تتجاهل كلّ ما قام به ممثلو منظمة التحرير لمنع تكرار الماضي من خلال إعلان احترام سيادة البلاد واخراج الفلسطينيين من المعادلة الداخلية؟

 

أنتَ يا سيد هنية “توقظ فتنة نائمة” رغم علمك بالجزاء. وأنت تخسّر الفلسطينيين صفة “الضحية” التي اكتسبوها جراء اضطهاد نظام الوصاية السورية لهم وحشرهم في المخيمات بلا تقديمات، فتنقلهم الى موقع ليس في مصلحتهم ولا يقبل به اللبنانيون الذين قالوا “لبنان أولاً” بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، باستثناء مَن يريدون جعل المخيمات رديفاً مسلحاً لعرقلة ما يخالف ولاءهم الاقليمي.

 

سيّد هنية، قصائد محمود درويش الخالدة لبيروت أكثر ما ردّده اللبنانيون بعد جريمة 4 آب. هو بالنسبة إلينا فلسطين والقضية والعلاقة مع لبنان، أما أنت فلن نقول لك سوى: “سامحك الله… وهو يغفر لمن يشاء ويعذّب من يشاء”.