لم تكن التهديدات التي أطلقها رئيس أركان الجيش الاسرائيلي غادي إيزنكوت بحرب مدمّرة للبنان من بيروت حتى الجنوب، الأولى التي تطلقها إسرائيل، إلّا أنها تحمل نبرة تصعيدية عالية الوتيرة والخطورة حينما أعلن أنه هو مَن سيقود هذه الحرب قبل إحالته على التقاعد.
ورأت مصادر أمنية جنوبية لـ«الجمهورية» أنّ الوضعَ هادئ جنوباً في ظل تحرّكات للدوريات الإسرائيلية في المستوطنات الاسرائيلية المقابلة للحدود اللبنانية وعمليات جرف لاستحداث جدار مقابل بلدتي العديسة وكفركلا اللبنانيتين، ودوريات مشتركة للجيش و«اليونيفيل» في الجانب اللبناني.
واضافت أن لا شيءَ يدعو الى القلق الشديد والتهديد الاسرائيلي هو بمثابة رسالة الى الداخل الاسرائيلي بهدف إعادة الثقة للمستوطنات الاسرائيلية المتاخمة للحدود مع لبنان وتعزيز معنويات الجنود الاسرائيليين الذين أنهوا مناورات وتدريبات مشتركة مع المارينز الأميركيين على الحدود مع غزة، وصولاً الى الحدود مع لبنان والى الجولان والحدود السورية بهدف محاكاة حرب تشنّ على إسرائيل دفعةً واحدة من غزة ولبنان وسوريا بمساعدة إيران.
وقالت المصادر إنّ «حزب الله وقيادة الجيش اللبناني في الجنوب يأخذان التهديدات الإسرائيلية على محمل الجدّ ويعلمان أنّ إسرائيل عاجزة عن القيام بأيّ حرب ضد لبنان في هذا الوقت، وتستعيض عنها بالتحرّكات العسكرية التي انتهت أخيراً من رفع منظومة تجسّس حساسة على الشريط المعدني المقابل للحدود الجنوبية والتي ترافقت مع عمليات حفر واقتلاع أشجار بواسطة جرافات عملاقة اسرائيلية بين الشريط الشائك والخط الازرق قبالة الحدود الجنوبية في مواجهة بلدتي العديسة وكفركلا، وتكثيف الدوريات الإسرائيلية خلف الحدود الجنوبية وهو ما يندرج في إطار الاستفزازات الإسرائيلية».
بدورها، اعتبرت مصادر أمنية لـ«الجمهورية» أنّ هذه الأعمال العسكرية والتهديدات المعادية تبعث بها إسرائيل كرسالة ذات اهداف عدوانية، لكنها تتزامن مع جهوزية الجيش والمقاومة وإقامة الكمائن خلال الليل وتشديد الحراسات في البلدات الجنوبية المتاخمة للحدود الدولية، فيما تطلق إسرائيل الحرّية لحركة طيرانها الحربي والمروَحي والتجسّسي ليلاً فوق الجنوب، الأمر الذي يثير الشك والريبة في الجانب اللبناني.
من جهتها، قالت مصادر مطّلعة على الوضع الجنوبي لـ«الجمهورية» إنّ «الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة تشهد حالَ تأهّب واستنفار وجهوزية للجيش المنتشر في الجنوب والذي عُزّز بفوج من الكتائب والجنود والضباط بعد دحره للجماعات الإرهابية في القاع ورأس بعلبك، خصوصاً وأنّ أوامر قائد الجيش العماد جوزف عون والمجلس الاعلى للدفاع هي التصدّي لأيّ عدوان».
وأشارت المصادر الى أنّ الاستنفار والتأهّب في صفوف المقاومين فرضته تهديدات ايزنكوت، خصوصاً وأنّ إسرائيل ما تزال تضع لبنان على منظار التصويب والاستهداف العسكري وأنّ طيرانها الحربي والمروحي وزوارقها الحربية لا يغادرون الأجواء اللبنانية والمياه الإقليمية اللبنانية.
واستبعدت المصادر في الوقت الراهن «توجيه إسرائيل ضربة عسكرية ضد الجنوب اللبناني ما يعطي «حزب الله» المزيد من عناصر القوة العسكرية خصوصاً وأنه أفشل العدوان الاسرائيلي في تموز من العام 2006 على لبنان».
وقالت المصادر إنّ «حزب الله» جاهز وفي اعلى درجات الاستنفار والتأهّب على طول الحدود الجنوبية وهو يتّخذ ما يراه مناسباً من وسائل الردع والحماية للبنان ولن يسمح لإسرائيل بتغيير قواعد الاشتباك أو تبديل في قوة الردع التي فرضتها عليه في تموز من العام 2006، وهو يحتفظ بها كعنصر من عناصر الدفاع عن لبنان جنباً الى جنب مع الجيش اللبناني.