لم تحدّد السعودية ومعها الامارات المتحدة ومصر والبحرين ما يمكن ان تشكله الخطوات التالية بعد فرض العقوبات على قطر انما اكتفت هذه الدول بالقول: «سنتخذ كل الاجراءات السياسية والاقتصادية والقانونية الضرورية ضد قطر وفي الوقت المناسب».
بدأت بوادر التداعيات السلبية على قطر بالظهور. وقد عمدت وكالات التصنيف الائتماني الى خفض التوقعات المالية للبلاد. ومع ذلك، يبدو ان قطر لا تتأثر كثيرا بالعقوبات، أو هكذا تحاول أن توحي. وحسب وزير المالية القطري، فإن مستوى النمو في قطر اسرع بكثير من بقية البلدان في المنطقة وقد يصل الى ٤٠ بالمائة أكثر من اي دولة أخرى.
وكانت الدول العربية الاربع والتي تقود المقاطعة ضد قطر اعلنت ان رفض الدوحة لمطالبها بحل ازمة دبلوماسية خليجية دليل واضح على صلاتها بالمجموعات الارهابية، وانها ستطبق اجراءات جديدة ضدها.
وقال بيان الدول الاربع: «ان موقف قطر يعكس اعتزامها مواصلة سياستها الهادفة الى زعزعة الامن في المنطقة وان جميع الاجراءات السياسية والاقتصادية والقانونية ستتخذ بالطريقة والوقت المناسبين للحفاظ على حقوق الدول الاربع وامنها واستقرارها.
بعد شهر من قطع العلاقة معها، لا بد من القول ان قطر تعاني نوعا من العزلة ولكنها لا تقترب من الأزمة الاقتصادية. وفي الواقع، قطر غنية جدًا باعتبارها اكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم ويبلغ اجمالي نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي ومن حيث القوة الشرائية ١٢٧ألف دولار وهو اعلى معدل من اي بلد آخر حسب صندوق النقد الدولي. ويمكن لقطر مواجهة اي نوع من العقوبات.
وفي الشهر الماضي رتبت قطر طرق شحن جديدة مقابل اغلاق حدودها مع المملكة العربية السعودية واودعت مليارات الدولارات من اموال الدولة في البنوك المحلية لتدعيمها واوحت عن خطة تقضي بزيادة انتاجها من الغاز الطبيعي المسال بنسبة ٣٠ بالمائة. وهذه الخطوات تشير اقله الى ان قطر يمكن ان تتعايش لأشهر او لسنوات مع العقوبات الحالية، أو مع العقوبات الاخرى والتي يفكر فيها التحالف قد لا تكون حاسمة.
وذكرت وسائل الاعلام السعودية هذا الاسبوع ان العقوبات الجديدة ستشمل سحب الودائع والقروض من قطر ووقف التعامل مع الشركات التي تتاجر مع قطر ولكن الامر معقد كثيرا ولا يمكن الجزم بقدرة هذه الدول الحليفة في هذه المقاطعة على الاقدام على هذه الخطوة من دون تعقيد الامور اكثر انما والشيء الذي يمكن فعله وحسب المصرفيين في قطر هو قطع امدادات الغاز والامر خطير لا سيما ان ذلك يشكل ازمة دولية تمس الدول بأجمعها في اسيا واوروبا. كذلك وقف التعامل التجاري مع قطر والذي يعني ازمة مع قوانين منظمة التجارة العالمية والتي تدعو الى المعاملة المتساوية للبلدان.
قد تكون النقطة الاكثر ضعفًا في قطر هي اعتمادها (المصارف) على التمويل الاجنبي- وهنالك حوالي ٣٦ بالمائة من اجمالي المطلوبات (liabilities) ) للاجانب بما في ذلك دول مجلس التعاون الخليجي، والمصارف السعودية والبحرانية ومصارف الامارات.
وقد بدأت بالفعل بتجميد اعمال جديدة مع قطر بسبب توجيهات مصارفهم المركزية. ويتوقع بنك أوف أميركا ان يتم سحب مبالغ تصل الى ٣٥ مليار دولار من النظام المصرفي خلال سنة اذا ما شدّد مجلس التعاون الخليجي الخناق على النظام المالي القطري.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن وفي خضم المعركة مع قطر ما اذا كانت هذه العملية قضية ارهاب فحسب. ويبدو ان الطلبات في بعضها تعجيزية ولا يوجد حسب قطر اية براهين عن ضلوع قطر في الارهاب ودعمه وان لائحة الاسماء ال ٥٩ التي نشرتها دول مجلس التعاون الخليجي عملية مفبركة سياسيًا ولا يمكن اخذها على محمل الجد.
في ظل هذا التشنج القائم بين قطر وجيرانها يبدو ان الاتصالات الدولية من اجل حلحلة الامور بدأت تتحرك لا سيما مع مجيء Rex Tillerson الذي طار الى الكويت في محاولة منه لتهدئة الامور كذلك المانيا والتي عرضت وساطتها لتوضيح وضعية قطر لا سيما من ناحية دعمها للارهاب. لذلك تبدو الامور معقدة سياسيًا واقل تعقيد اقتصاديًا واستراتيجيًا فالحليف الكبير لقطرهي الولايات المتحدة الاميركية والحليف الاقليمي تركيا.
وقد تكون الحسابات غير ما تريده دول مجلس التعاون الخليجي وتفرض عليها الامور ان تكون حذرة في ظل وضع متدهور في المنطقة لا سيما في سوريا والعراق وعلى الحدود مع تركيا.
كذلك علينا ألاّ ننسى اليمن وما تتطلبه من تضحيات سعودية في المجال. واذا رست الامور على الترقب، يمكن القول ان كل الدول قد تعيد النظر في تحالفاتها في المستقبل، لتحاشي نشوب أزمات مماثلة يخرج منها الجميع خاسرا.