Site icon IMLebanon

عَزِلْ

هل يدخل إتفاق وقف الأعمال القتالية في سوريا حيّز التنفيذ اعتباراً من ليل الجمعة – السبت؟ يبدو من الواضح أن هذا القرار الذي تمّ التوصّل إلى اتخاذه بعد مفاوضات طويلة بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا جدّي للغاية وغير قابل سياسياً وأمنياً لأي خرق من الجانبين المعنيين به مباشرة، ويأتي في هذا السياق بيان وزارة الخارجية الروسية الذي أكد أن موسكو لا تجري محادثات في شأن بدائل لوقف إطلاقا لنار في سوريا بمثابة دليل قاطع على مدى جدّية القرار الأميركي – الروسي وعلى إلزام من يلزم بالإلتزام به مهما كلّف الأمر.

هذا التطوّر الكبير في الموقف الأميركي – الروسي المشترك والجدّية في فرض هدنة في سوريا، يطرح سؤالاً آخر هو بيت القصيد، عمّا إذا كانت الدولتان العظميان توصلتا أيضاً الى اتفاق على تسوية الأزمة السورية سياسياً لتحاشي الوصول في حال استمرارها إلى حرب عالمية، بدأت ملامحها في الآونة الأخيرة تظهر على خلفية إعلان العديد من الدول استعدادها للتدخّل العسكري البرّي والجوّي، وعلى كل المستويات لإنهاء هذا الوضع الذي بات استمراره يهدّد الأمن القومي والسلام في منطقة الشرق الأوسط.

الكلام الروسي الذي أُبلغ إلى عدد من دول المنطقة المعنية ومنها إيران والذي يُفيد بأن العودة عن قرار وقف النار أو محاولة خرقه لم يعد موضوعاً قابلاً للنقاش وأن موسكو أدّت قسطها للعلى في ما يتصل بالوضع السوري، وأنجزت ما عليها ولم تعد مستعدة بعد اليوم لمزيد من الانغماس في الرمال السورية بعدما انحرفت الأوضاع السورية من الحرب والقتال إلى ما يشبه مشروع إبادة وتهجير على أوسع مستوى، لهو دليل يمكن التوقف عنده على أن موسكو توصلت إلى قناعة ذاتية بأن لا جدوى من استمرار القتال في سوريا وأنه لا بدّ من تفاهم دولي على استخدام كل وسائل الضغط للوصول إلى تسوية سياسية في هذا البلد تُعيد الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط، حتى ولو اقتضى الأمر إلى التخلي عن بشار الأسد الذي كان شكّل مصيره العقدة الكبرى في المفاوضات الأميركية – الروسية والتي تكثفت بشكل ملحوظ بعد التورّط الروسي عسكرياً في الحرب السورية – السورية ولو تحت غطاء محاربة أو المشاركة في محاربة الإرهاب إنسجاماً مع قرار التحالف الدولي في هذا الخصوص.

في ظل هذه التطورات الدولية المتسارعة يطرح في المقلب اللبناني السؤال الكبير هل يستفيد البعض من هذه التطورات ويسرّعون حل الأزمة الداخلية المتمادية وعلى رأسها أزمة الاستحقاق الرئاسي ويذهبون جميعاً إلى مجلس النواب يوم الثاني من الشهر المقبل لانتخاب رئيس جديد تبدأ معه رحلة عودة الدولة، وتحريرها من الارتهان للخارج ومصالحه على أن يتزامن ذلك مع مراجعة نقدية للقوى التي تسببت بتصرفاتها في تخريب علاقات لبنان مع أشقائه العرب حتى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم، أم أن هذه القوى المعروفة بارتباطاتها الخارجية ماضية في سياسة اختطاف لبنان وعزله عن محيطه وعروبته؟