IMLebanon

رابين: إيران أفضل صديق لإسرائيل

 

أسرار التعاون الإيراني الإسرائيلي الأميركي (2)

 

على الرغم من العداء الظاهر، الذي تناصبه إيران لإسرائيل، والتراشق الإعلامي بينهما، وإبراز بعضهما البعض على أنهما أعداء… إلا أنّ العلاقات التاريخية بين الجمهورية الإسلامية في إيران وبين إسرائيل، أشارت الى عكس ذلك، حيث نشأ تعاون عسكري واقتصادي بينهما، منذ قيام الجمهورية الإسلامية على أنقاض الامبراطورية الشاهنشاهيه، التي انتهت بسقوط الشاه محمد رضا بهلوي…

 

لقد كشف الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمد نجاد الذي تولّى رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في دورتين متتاليتين (2005 – 2013) وحظي خلالهما بتأييد المرشد الأعلى للثورة، ان مسؤول مكافحة التجسس الإسرائيلي، في جهاز الاستخبارات الإيراني، هو نفسه عميل لإسرائيل…

 

وها نحن نتابع في الحلقة الثانية، أسرار التعاون الإيراني الإسرائيلي – الأميركي، وتأثيره على مجريات الأحداث.

 

وصل المتنفس الاستراتيجي لإسرائيل الى نهايته في العام 1987، بعد سنة من تفجّر فضيحة إيران – كونترا، او إيران غيت، وهي من أشهر الفضائح إذ ينسب اسمها الى صفقة سرّية، حيث باعت إدارة الرئيس رونالد ريغان خلال فترة ولايته الثانية، إيران أسلحة بوساطة إسرائيلية، على الرغم من قرار حظر بيع الأسلحة الى طهران وتصنيف الإدارة الأميركية لها «عدوّة لأميركا» و«راعية للإرهاب».

 

في المقابل، استخدمت واشنطن أموال الصفقة وأرباحها في تمويل سرّي لحركة معارضة الثورة المعروفة بـ«الكونترا» التي كانت تحارب للإطاحة بالحكومة اليسارية وحزب «ساندينيستا» الذي كان يحكم نيكاراغوا.

 

فبعد عام من الفضيحة، استنتجت تل أبيب ان استمرار الحرب بين إيران والعراق سيكون أمراً بالغ الخطورة، ورأت أن حالة الجمود هي أفضل نتيجة ممكنة. واستمر المبدأ التوجيهي الذي يحكم السياسة الإسرائيلية، من خلال تجنّب القيام بأعمال ضد إيران، ربما تهدّد ما اعتبرته تلّ أبيب «العودة الحتميّة لإيران بوصفها حليفاً محيطيّاً غير عربي».

 

وحتى انه بدا واضحاً ان إسرائيل كانت تساعد الراديكاليين الإيرانيين – وليس المعتدلين – من خلال شحنات الأسلحة.

 

ولم تكن قضية إيران – كونترا حادثة منعزلة، فالاتصالات بين إسرائيل وإيران تكررت طوال حقبة الثمانينيات، بدفعٍ من القوى نفسها لسببين: حاجة إيران الى السلاح، وأمل إسرائيل بإعادة بناء المحور الإسرائيلي الإيراني.

 

لقد عثر الثوريون الذين اقتحموا السفارة الأميركية في طهران في تشرين الثاني عام 1979، على وثائق تتحدث عن نشاطات اسحاق سيغيف، آخر ملحق عسكري إسرائيلي لدى إيران…

 

لقد كان الإيرانيون بحاجة ماسّة الى المعدات العسكرية الأميركية، وعرضوا بالمقابل، إطلاق سراح جنود إسرائيليين، أسرهم حزب الله في لبنان… وسارع سيغيف المتلهّف الى لعب دور في خَرْقٍ إسرائيلي إيراني للاتصال بالحكومة الإسرائيلية، وحصل على موافقتها على عقد اجتماع مع الإيرانيين… وجرت اللقاءات في جنيف ومدريد، وأخيراً في إسرائيل نفسها، في منزل سيغيف تحديداً خارج تل أبيب. حتى ان الملحق العسكري الإسرائيلي السابق، اصطحب بلباسه المدني، رجال الدين الإيرانيين الى الأماكن المقدّسة في مدينة القدس. وهناك أمام حائط المبكى، سأل سيغيف الإيرانيين عن ايديولوجية آية الله الخميني، وما إذا كانت إيران تسعى فعلاً الى احتلال القدس. فأجاب الإيرانيون بابتسامة، بأن ذلك الهدف، لن يسعى أحد وراءه، طوال حياتهم، وعلى الرغم من ذلك، سرعان ما أدرك سيغيف أن الإيرانيين غير مهتمين بتحرير القدس. إنما همهم الأول الحصول على الأسلحة… ولو كانت من إسرائيل، بشكل مباشر او غير مباشر.

 

ان المذكرات الصادرة من زعماء إسرائيل… وأوضح ما قيل هو حديث رابين: «ان إسرائيل لم تغيّر موقفها الثابت من إيران»… ومضى في حديثه قائلاً: «ان موقفنا من إيران ثابت، فهي حليف استراتيجي وهي أفضل صديق… ونحن لا ننوي تغيير موقفنا في ما يتعلق بإيران…«.

 

ولم تكن هذه مجرّد عبارات فارغة، فالمستشارون المقرّبون من رابين، يشهدون بأنه غالباً ما كان يتحدث، في المجالس الخاصة، عن إيران، بحنين كبير الى الماضي… وهو الذي قال للسفير الأميركي المعروف توماس بيكرينغ في مناسبات كثيرة، خلال مدة عمله في إسرائيل بين عامي 1985 و1988، بأنه ينبغي على الولايات المتحدة الأميركية التوصل الى طريقه لتطوير علاقات أمتن مع إيران… ويقول بيكرينغ بأنه وعلى الرغم مما كان حينها، أي ان الثورة حديثة في إيران، لكنه كان شديد الاهتمام بها. كما ردّد إسرائيليون آخرون المشاعر نفسها.