Site icon IMLebanon

لبنان على حدود النزاع

 

يهدر لبنان الفرصة تلو الأخرى لتأكيد حقوقه في سيادته، فهو عند حدوده الشمالية والشرقية مع سوريا لا ترسيم ولا تحديد ولا ضبط للحدود ولا سيما لجهة التهريب الذي أصاب لبنان في شكل قاتل في اقتصاده وفي سمعته العالمية، من دون أن يتمكن من تحقيق أي خطوة إيجابية تتيح له أن يمارس دوره كدولة فعلية ذات سيادة.

 

في الحدود الجنوبية تبقى المشكلة قائمة مع سوريا والاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا في آن واحد، فالنظام في سوريا لا يعترف أن هذه المزارع لبنانية، وكذلك الاحتلال، والمفارقة أن لبنان وحده يحمل تبعات عدم الاعتراف بحقوقه من الجانبين فتبقى تلك المزارع موضع نقاش ولو أُخرج الاحتلال منها. الأخطر في مسألة الحدود الجنوبية ليس فقط نقاط التحفظ عند الخط الأزرق، بل مسألة ترسيم الحدود البحرية وهي تستخدم حالياً من قبل الجانبين الأميركي والإسرائيلي ورقة ضغط على لبنان مستغلين التشرذم اللبناني في هذه القضية والإبطاء في اتخاذ قرارات وخطوات حاسمة تحفظ حقوق لبنان المرتقبة في الغاز والنفط، لا سيما في البلوكات الجنوبية وتحديداً تلك الواقعة على الخط 24 وهي البلوكات 8 و9 و10 حيث أن حفر أول بئر استكشافية هناك قد لا يحصل قبل أيار من العام 2021، وهو تاريخ سيكون فيه الاحتلال الإسرائيلي قد سبقنا للتنقيب في البلوكين “ألون D” و”ألون F” وهما بلوكان يشكلان امتداداً لحقل “كاريش” الذي طوره الاحتلال لتصدير الغاز منه ولتزويد شمال فلسطين المحتلة بهذه المادة.

 

 

 

يلعب الاحتلال الإسرائيلي في هذا الموضوع لعبة على حافة النزاع، فهو لن يحفر في المنطقة التي يدعي أن له حقوقاً فيها، ولكنه سيحفر بموازاة الخط 24، ما يعني أن لبنان لا يمكنه القول ان الاحتلال قد خرق هذا الخط، ولكن الخطورة تكمن في أن الإسرائيليين وفي حال وجود مكامن غاز او بترول مشتركة مع البلوكين 8 و9 في الجانب اللبناني، قد يعمدون إلى استغلال هذه الكميات لا سيما وأن لبنان لا معلومات لديه حتى الآن عن وجود هكذا مكامن وعن الكميات المقدرة فيها، ويتوجب على لبنان أن يوسّط الأمم المتحدة او الولايات المتحدة للحصول على هكذا معلومات وهي من حقه. ولكن السؤال هل ستستجيب إسرائيل والولايات المتحدة؟ وهل سيكون مسموحاً للأمم المتحدة أن تقوم بهذا الدور؟

 

 

الخبير النفطي رودي بارودي تحدث في الكثير من المناسبات عن أهمية تطبيق القانون الدولي في هكذا مسائل وقال: “إذا وافقت بلدان شرق البحر الأبيض المتوسط بموجب قواعد اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار على تسوية خلافاتها بشكل عادل ومنصف، من شأن ذلك أن يعطي فرصة لإثبات أن هيكل الأمن الجماعي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، لا يزال ليس فقط نهجاً قابلاً للتطبيق بل أيضاً نهجاً حيوياً… ومن شأن ذلك أن يظهر للعالم بأسره أنه لا توجد عقبات كبيرة جداً، ولا عداوة متأصلة، ولا ذكريات مريرة بحيث يمكن التغلب عليها باتباع القواعد الأساسية التي انضمت إليها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وهي: تسوية النزاعات من دون عنف أو التهديد به”.