IMLebanon

مفاوضات إستكمال المظلة!

 

 

 

إستوقفني مراراً إختيار إسرائيل موعداً لبدء المفاوضات مع لبنان بعد “عيد العُرش” اليهودي ! فقبل ان يعلن الرئيس نبيه بري عن إتفاق التفاوض بين “حكومتي لبنان واسرائيل”، وقبل أن يُصْدِر مايك بومبيو بيانه بهذا الخصوص، ضجّت وسائل الإعلام الإسرائيلية بتصريحات الرسميين الإسرائيليين وتحليلات الكتّاب حول التوصل الى هذا الإتفاق، وكانت النقطة الثابتة في كل هذه التصريحات والتحليلات أن التفاوض سيبدأ بعد “عيد العُرش” !.

 

لا يأتي شيء من جانب اسرائيل بالصدفة. فكل التسميات لديها ترتبط بجذرٍ توراتي.

 

حرب تشرين هي حرب الغفران (كيبور) والهجوم الأول على لبنان في 1948، قبل هدنة 1949، اتخذت “أحيرام” إسماً له، وحرب 1996 أسمتها “عناقيد الغضب” في إحالةٍ الى التوراة، التي منها استقى جون شتاينبك إسم روايته الشعبية الشهيرة… أما عيد “العُرش” (بضم العين) فهو عيد “المظلة”، يبدأ في الخامس عشر من تشرين الأول ويستمر ثمانية أيام، ويأتي بعد عيد الغفران.

 

وبحسب “ويكيبيديا”، هو إحياءٌ لذكرى خيمة سعف النخيل التي آوت اليهود في العراء اثناء خروجهم من مصر… وفي نهاية احتفالات العيد يتم إستلام التوراة في حفلة تسمى “سمحات تورا”.

 

كانت الاتصالات من أجل التفاوض بدأت قبل عشر سنوات حسب بري، وقبل 12 سنة، أي بعد غزوة بيروت حسب مصادر أخرى. وخلال كل تلك الأعوام جرت تطورات كبيرة في لبنان والمنطقة. حلَّ الخراب في سوريا والعراق واليمن، وكرست اسرائيل احتلالها وضمها في الضفة والجولان، واتّسع نفوذ ايران في المشرق العربي، وتضخّم دور “حزب الله” في لبنان والإقليم، فيما كان دور لبنان كدولة مؤسسات ينحدر الى ما دون الصفر، واقتصاده وماليته ينهاران على رؤوس سكانه.

 

نضجت عملية التفاوض في هذه الظروف الآنفة الذكر. وسيُحكى الكثير عن خلفياتها ومصائرها، وسيكون نجاحها في حفظ حقوق لبنان مكسباً ونقطة تحول. لكن اختيار عيد “المظلة” موعداً لانطلاقها لا يمكن أن يُتَرك من دون تفسير. لقد استكملت اسرائيل في العقود الماضية اتفاقات أساسية تضمن لها أمنها مع دول الطوق، مصر ثم الأردن، وفي السياق منظمة التحرير (اتفاق أوسلو).

 

وها هي تستعد الآن لجولة تفاوض مع لبنان من حكومة الى حكومة، فإذا نجحت تكون قد استكملت “مظلتها”، ونفهم عندها لماذا اختارت عيد “العُرش / المظلة” موعداً لمفاوضات “العنقود” الأخير، آخر زوايا خيمتها.

 

اما المشكلة الكبرى التي تخصنا، والباقية بعد اعلان التفاوض وبسبب ملابسات إعلانه، فهي غياب مظلتنا اللبنانية… لقد ذهبنا الى التفاوض مع العدو بعد ساعات من فشلنا في “مفاوضاتنا” الداخلية من أجل حكومة تدير أبسط شؤوننا !