أربكت الساعات الماضية الساحة اللبنانية، على خلفية بعض التطوّرات الداخلية والإقليمية والدولية، في ظل ضبابية تسود الوضع الحكومي والسياسي بشكل عام، حتى أنه، وعلى الرغم من لقاء الرئيس المكلّف سعد الحريري بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، فإن الأمور لا زالت غير واضحة المعالم، وهذا ما تشير إليه بعض المصادر السياسية التي تعتقد، بأن الخلاف بين بعبدا وبيت الوسط قد يتخطى لقاء الإليزيه، في ضوء ما تم تسريبه في الساعات الماضية من قبل محيطين بالرئيس عون، وبالتالي، أضحى الجميع مقتنعاً بصعوبة العلاقة العونية ـ الحريرية.
وتؤكد آخر المعلومات الوثيقة، بأن رئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر»، إضافة إلى حلفائهم، يشدّدون على تشكيل حكومة سياسية تضم وزراء تكنوقراط فقط للحقائب الخدماتية، إلى وزراة المال، وذلك تماشياً مع المرحلة الراهنة، في ظل ما يجري على المستويين الإقليمي والدولي، وهذا ما أصرّت عليه دوائر بعبدا في الساعات الماضية، لذلك، هناك انتظار لعودة الحريري وترقّب كلمته في ذكرى استشهاد والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وعندئذٍ يبنى على الشيء مقتضاه حول الحكومة والعلاقة مع رئيس الجمهورية وحتى مع «التيار الوطني الحر» من خلال النائب جبران باسيل.
وفي هذا السياق، يؤكّد مقرّبون من الحريري، وهم من الدائرة الضيقة، أن لا كلام ولا تسريبات حول ما خرج به الحريري من عشائه والرئيس ماكرون، لأن هناك اتصالات فرنسية يتولاها الرئيس الفرنسي مع بعض الزعماء والرؤساء في دول عربية وغربية معنية بالملف اللبناني، إضافة إلى الزيارة المرتقبة لموفد الرئيس الفرنسي باتريك دوريل إلى لبنان، حيث سيضع مَن سيلتقيهم بأجواء الرئيس ماكرون، وما يحمله معه من حلول لإعادة تفعيل المبادرة الفرنسية، ولكن وفق أسلوب وآليات مغايرة عن المرحلة السابقة، وبناء على هذه الأجواء والمعطيات يظهر بوضوح أن لا كلام أو ما يشير بتشكيل الحكومة في وقت قريب جداً، بل ثمة ترقّب لما ستؤول إليه الإتصالات بعد عودة الحريري وزيارة دوريل وصولاً إلى موقف رئيس الجمهورية من هذه التطورات.
وفي غضون ذلك، فإن كل المؤشرات التي حفلت بها الساحة الداخلية مؤخراً، قد تكون صعبة وفاقمت الأمور وزادت من عمق المشكلات القائمة، وثمة معلومات لدى بعض المراجع السياسية، عن تصعيد سياسي و«كباش» إقليمي قد يؤدي إلى صعوبات إضافية على صعيد الملفات اللبنانية، إضافة إلى استمرار القلق والهواجس من خلال التقارير السياسية والديبلوماسية والعربية والدولية والمحلية التي تتخوّف من عمليات عدوانية «إسرائيلية»، أو تسخين أمني داخلي بأشكال متعدّدة، في ضوء الرسائل المتبادلة بين المحاور الإقليمية، حيث يبقى لبنان بمثابة الساحة الأساس لتلقّي هذه الهواجس والمخاوف، وترجمتها أمنياً، ومن الطبيعي سيكون لها تداعيات في السياسة.
وعلى هذه الخلفية،تبرز صعوبة راهناً من أي خرق قد يحصل بين اللاعبين السياسيين اللبنانيين، وتحديداً بين الرئيسين عون والحريري، وذلك لجهة نضوج المناخات الداخلية، ومن هنا، قد تكون المحطات المقبلة مثل ذكرى الرابع عشر من شباط الجاري، ومناسبات أخرى عنواناً لتصعيد سياسي محتمل.