على حدّ زعم وسائل إعلام العدو، فإن قوات إيرانية انتشرت في سوريا. اللافت أن وسائل الإعلام العبرية كانت سبّاقة في نشر خبر انتشار الإيرانيين، كما كانت السباقة أيضاً في الكشف عن وصول طيارين عسكريين روس إلى سوريا للمشاركة في القتال ضد تنظيم «داعش» وأخواته. وبعيداً عن صحة هذه الأخبار أو عدمها، يبقى سؤال بلا إجابة: ما هي مصلحة العدو في نشر هذه المعلومات؟
قبل أسبوعين، كانت إسرائيل أول من تحدث عن خطة روسية ــ إيرانية، أقرّت في موسكو بين مسؤولين إيرانيين وروس، تقضي بالتدخل العسكري المباشر للجانبين في القتال الى جانب الجيش السوري.
كشفت تل أبيب في حينه، نقلاً عن مصادر دبلوماسية غربية رفيعة، الجانب الروسي من الخطة، بالتنسيق التام مع الايرانيين والحكومة السورية، عبر استخدام مباشر لطائرات تابعة لسلاح الجو الروسي وطياريه، في المعارك الميدانية التي يخوضها الجيش السوري، إضافة الى تزويده بمعدات ووسائل قتالية دقيقة ومتطورة، ومعلومات استخبارية محدثة، من شأنها أن تغيّر مشهد الحرب الدائرة في سوريا.
أمس، وعلى لسان مصدر أمني إسرائيلي رفيع، تحدثت تل أبيب عن «الشق الايراني» من الخطة التي قالت إن طهران بدأت بالفعل تنفيذها في سوريا، وإن أولى طلائع القوة الايرانية البرية التابعة للحرس الثوري، التي بلغت الى الآن المئات من المقاتلين، وصلت بالفعل الى سوريا، وبدأت انتشارها بالقرب من العاصمة دمشق، بهدف القتال المباشر الى جانب الجيش السوري.
المصدر الأمني «الرفيع المستوى جداً» ــ بحسب وصف الاعلام العبري ــ أضاف في حديث أمام المراسلين العسكريين لوسائل الاعلام الاسرائيلية، أن الخطوة الايرانية هي مسعى إضافي من قبل طهران، وغير مسبوقة أيضاً، لمساعدة الرئيس السوري بشار الاسد. وقال إن «إرسال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني لمئات من مقاتليه الى سوريا، للقتال ضد المسلحين وضد تنظيم داعش، جاء بالتنسيق مع روسيا، في أعقاب اللقاء الذي جمع سليماني بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين» الشهر الماضي.
الكتائب الإيرانية
التي أتت إلى سوريا تابعة للقوات الخاصة للحرس الثوري
وحذر المصدر من خطورة الخطوة الايرانية ومن تورط طهران أكثر في الحرب الدائرة في سوريا. لكنه أكد في المقابل، بحسب القناة الثانية العبرية، أن «إسرائيل لا تنوي التدخل في هذه المرحلة، لكنها لن تتوانى عن التدخل في حالة التهديد المباشر، أو في حال نقل سلاح متطور من سوريا الى حزب الله في لبنان».
وأشارت القناة الى أن التطور الايراني الأخير في سوريا، «ووجود كتائب من الحرس الثوري الايراني تشارك في المعارك الدائرة هناك، وتحديداً من القوات الخاصة التابعة للحرس الثوري بحسب وصف المصدر، هو تطور غير مألوف ودراماتيكي، ولم نعرف مثيلاً له في السابق».
ورغم تأكيد المصدر أن تل أبيب لن تتدخل في هذه المرحلة في وجه القوات الايرانية، إلا أن رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عبّر عن موقف مغاير بعد ساعات من حديث المصدر الأمني أمام المراسلين. وقال نتنياهو من العاصمة البريطانية إن «إسرائيل قلقة جداً من الانتشار الايراني داخل سوريا، وهي تستعد لكبح إيران». وأضاف خلال لقائه رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أنه «يجب كبح عدوانية إيران وإرهابها، إذ إنها تنشر قوات في سوريا، والى حدّ ما تشعر أنها حرة في القيام بذلك، بعد الاتفاق النووي معها».
وتطرق المصدر الأمني الاسرائيلي أيضاً الى انتشار القوات الروسية في سوريا، وقال إن الجيش الروسي يعكف في الايام الاخيرة على إقامة بنية تحتية تمكّنه من شن غارات جوية تستهدف حماية النظام السوري، واصفاً الانتشار العسكري الروسي بأنه تطور جديد، «يهدف الى مساعدة الاسد على استرداد المناطق التي كان قد خسرها في العام الماضي». وأضاف أن «الخسائر الاخيرة التي مني بها الجيش السوري، تعني أن العاصمة السورية دمشق باتت تحت التهديد، وتحديداً من قبل تنظيم الدولة الاسلامية ــ داعش».
وأضاف المصدر أن للروس مصالح في سوريا، كما هي حال مرفأ طرطوس وغيره، ولم يستبعد أن تباشر القوات الجوية الروسية، من طائرات ومروحيات قتالية، شنّ هجمات في سوريا ضد المتمردين وداعش. لكنه أكد في المقابل أن الامر غير موجّه الى إسرائيل، «لكن علينا أن ندرك أن الروس أصبحوا لاعباً مركزياً في المنطقة».
وكان وزير الامن الاسرائيلي، موشيه يعلون، قد تطرق أيضاً الى الانتشار العسكري الروسي في سوريا، وقال إن موسكو أرسلت مستشارين عسكريين وقوة فاعلة لإقامة قاعدة جوية بالقرب من مدينة اللاذقية السورية. وأضاف أن «قاعدة كهذه يمكن أن تستخدمها الطائرات الحربية والمروحيات القتالية في شنّ هجمات ضد الدولة الاسلامية ــ داعش». وقال: «هناك تهديد على منطقة اللاذقية وطرطوس، وهي من المصالح الروسية، ما دفع موسكو الى أن تكون موجودة هناك، فالروس يريدون الدفاع عن نظام بشار الاسد والمشاركة في القتال ضد داعش».