من بين جبهات القتال الأربع المفتوحة اليوم في سوريا تعد الجبهة الاهم بالنسبة الى إسرائيل الجبهة الجنوبية التي تشمل المنطقة الواقعة بين دمشق ومدينة درعا في الجنوب، ومدينة السويداء في الشرق والقنيطرة في الغرب، حيث يسيطر “جيش الإسلام” على الجزء الاكبر منها وهو المؤلف من “جبهة النصرة” و”الجيش السوري الحر” و”الجبهة الإسلامية” وتنظيمات اخرى. وقد تمكن هذا الجيش حتى الآن من رد الهجوم المضاد الذي شنته قوات من الجيش السوري النظامي والحرس الثوري الإيراني و”حزب الله” متمركزة في الجزء الشمالي من الهضبة، اما القوات التابعة لتنظيم “داعش” فموجودة في الهضبة ولا تزال محصورة بين السويداء ودرعا بعيداً من الحدود مع إسرائيل.
صحيح ان إسرائيل التزمت علناً عدم التدخل في الحرب الشرسة الدائرة في سوريا، لكنها وضعت ثلاثة خطوط حمر للدفاع عن مصالحها الاستراتيجية منها الدفاع عن سيادة اراضيها في هضبة الجولان، وهي تدرك اليوم بصورة واضحة وجلية أن الوضع على الحدود الإسرائيلية – السورية في الهضبة لن يعود الى ما كان قبل اندلاع الحرب الاهلية السورية، وان نظام بشار الأسد بات اليوم اكثر تبعية لإيران و”حزب الله”، واذا انتصر محور الأسد على خصومه فان هذا سيعني عملياً ارتباط جبهة الجولان بجبهة جنوب لبنان وتغير المشهد بصورة كاملة.
إسرائيل اليوم امام واقعين: ايجاد سبيل للتعايش مع واقع انتشار التنظيمات الإسلامية وقوى المعارضة السورية الإسلامية في المنطقة المحاذية للحدود اذا نجحت هذه القوى في فرض سيطرتها على كامل الهضبة، أو مواجهة انتشار مقاتلي “حزب الله” والحرس الثوري الإيراني على جبهة الجولان السورية اذا نجح محور إيران – الأسد – “حزب الله” في حسم المعركة هناك لمصلحته.
ثمة وجهة نظر إسرائيلية تعتبر خطر تمدد الوجود العسكري لـ”حزب الله” والحرس الثوري الإيراني على جبهة الجولان اكبر من خطر التنظيمات الاصولية، وان الاستراتيجية الإسرائيلية السابقة القائلة بامكان التعامل مع نظام بشار الأسد بصفة كونه “الشيطان الذي نعرفه” لم تعد قائمة بعد اليوم، لأن اي انتصار لمحور الأسد على جبهة الجولان معناه نشوء واقع عسكري جديد، وتمركز “حزب الله” بترسانته الصاروخية على جبهة الجولان، مما سيفرض على إسرائيل تحدياً غير مسبوق وسيغير توازن الردع الذي تعتبر انها فرضته على الحزب بعد حرب تموز 2006.
في السنة الخامسة للحرب السورية لم تعد إسرائيل قادرة على مواصلة ادعاء التمسك بعدم تدخلها في ما يجري، لان أي طرف يحسم المعركة سيشكل تهديداً جدياً لها.