IMLebanon

إسرائيل و«حزب الله» وما يمكن توقعه

ضربت إسرائيل قافلة عسكرية لـ «حزب الله» في الجولان. ردّ «حزب الله» بضرب قافلة إسرائيلية في أراضي مزارع شبعا المحتلة. تكاثرت النقاشات حول ردود إسرائيلية محتملة ومدى ضخامتها. من المفيد التذكير ببعض الثوابت الإسرائيلية:

1ــ تأسست إسرائيل على مقولة «أرض بلا شعب، وشعب بلا أرض». لا تحدد إسرائيل الأرض التي تقضمها تدريجياً ولا الشعب الذي تهجره من فلسطين وما حولها. ميزان القوى وطبيعة التحالفات الدولية في حينه هي التي تحدد.

2 ـــ إسرائيل لها أجندة خاصة بها. هي تعتمد على تحالفات خارجية، لكنها مستعدة لتبديل الحلفاء متى كان ذلك مناسباً لها. بريطانيا في معظم النصف الأول من القرن العشرين، فرنسا في الأربعينيات، أميركا منذ الخمسينيات. ولا مانع لديها من بناء علاقات مع دول كانت ضدها كالهند والصين وروسيا وغيرها.

3 ـــ إسرائيل ليست أداة لحلفائها. لا تثق إلا بقوتها العسكرية. تقوم هذه القوة على بنية مجتمعية تجعلها قادرة على التحرك وركوب ظهر الفيل العربي.

4 ــــ لا تخشى إسرائيل الدول العربية إذ تعتبر أن مجتمعاتها تخوض حروباً أهلية، فيما حكامها أشبه بأمراء الحرب وجيوشها أشبه بميليشيات. في السبعينيات قال أحدهم: ليست إسرائيل هي التي تنتصر، بل العرب هم الذين ينهزمون.

5 ـــ لدى العرب الكثير من الجيوش والسلاح، لكنهم لا يحسنون استخدامها إذ يفتقرون إلى البنية الحديثة التي تجعلهم قادرين على ذلك. لدى العرب عساكر ولدى إسرائيل جيوش؛ مهما كان الاختلاف في الشجاعة الفردية هنا أو هناك. لم تنتصر إسرائيل في حروبها إلا لأن موازين القوى كانت لمصلحتها، بغض النظر عن التحالفات الدولية.

6 ـــ إسرائيل جيش يمتلك شعباً. ينضبط الناس بالقرارات التي تتخذها الدولة، بغض النظر عما إذا رأوها صائبة أو خاطئة. الانضباط هو ما يجعل من عساكر إسرائيل جيشاً، وهو ما يجعل من الإسرائيليين مجتمعاً متماسكاً.

7 ـــ تمارس إسرائيل عنصرية ضد العرب، بمن فيهم الفلسطينيون، بسبب تفوقها. وهي تحسن استخدام ما لديها من أسلحة وعتاد بسبب حداثتها: الانضباط، الفردية، استبطان الفرد للدولة، التنظيم، الإتقان، التخطيط، إلخ… وفي هذه الأمور تتفوق إسرائيل على العرب.

8 ــــ لا تتقيد إسرائيل بوعودها ولا بالاتفاقات الدولية ولا بقرارات الأمم المتحدة إلا عندما يتوافق ذلك مع أجندتها. وهي دائماً تتكلم عن السلام وتحضر للحرب. جعجعة الكثير من العرب حربية اقتصادية، في وقت يتوقعون السلام.

9 ــــ تعتبر إسرائيل أن الأنتلجنسيا العربية، ومن ورائها الجماهير العربية، ماضوية سلفية، تعيش في الماضي، وتريد استحضاره، من دون البناء للمستقبل.

10 ـــ إسرائيل عنصرية تجاه العرب، فهي لا تحترم ما يقوله حكامهم، ولا تثق إلا بقوتها العسكرية مهما كانت الضغوطات الخارجية عليها.

11 ــــ ترى إسرائيل أن وزنها على الصعيد الدولي يزداد إذ أن كثيراً من البلدان في آسيا وأفريقيا كانت رافضة لإسرائيل وهي الآن تتعامل معها.

12 ــــ لا تأبه إسرائيل لمعظم الحكام العرب لأن هؤلاء تشدهم روابط التبعية للولايات المتحدة، وهي تستطيع التعامل مع الرأي العام الأميركي للضغط على حكامه.

13 ــــ لا تخاف إسرائيل إلا من الوحدة العربية، ومن تضامن الشعوب العربية داخلياً؛ وكل ذلك يبدو بعيد المنال أو في حكم المؤجل.

14 ــــ كل اتفاقات سلام عقدتها إسرائيل مع دول عربية قيّدت هذه الدول، داخلياً وخارجياً، ولم تقيّد إسرائيل على أي صعيد.

المفاجأة الوحيدة، بالنسبة لإسرائيل، في العقود الثلاثة الأخيرة هي في «حزب الله». صحيح أنه حزب ديني لكنه يتمتع ببنية حديثة، وتدعمه قوة مجتمعية على مستوى عال من الانضباط، وذلك يمنحه قدرة على الحركة ومرونة في المناورة وردات الفعل، بغض النظر عن تحالفاته الخارجية.

يخطئ «حزب الله» ويصيب، وربما كان يجهل أو يتجاهل، الكثير من الأمور التي تتعلق بالدولة والعروبة والشأن الاقتصادي ـ الاجتماعي، لكن حساباته في المواجهة مع إسرائيل في غاية الدقة. يقدّر «حزب الله» موازين القوى بعقلانية، وإن كان كلامه غير ذلك أحياناً؛ مما يجعله يبدو وكأنه خارج السياق العربي، سياق أمراء الحرب والميليشيات والتبذير الاستهلاكي، إلخ…. تخشى إسرائيل أن يتعوّد عرب في بلدان أخرى على هذا السلوك.

الذين منا لا يتوقعون ضربة إسرائيلية في مكان عربي هم متفائلون أكثر من اللزوم. إيران، وهي حليفة «حزب الله»، هي حتى إشعار آخر اختصاص أميركي. العرب، وهم موصومون زوراً وبهتاناً بالإرهاب، هم اختصاص إسرائيل وحلفائها في الحرب الدولية ضد الإرهاب. ترى إسرائيل العرب موحدين أكثر مما يرون هم أنفسهم، فكل أرضهم مباحة.

إسرائيل لا تستطيع إلا أن تثأر. هذا الأمر هو في طبيعتها العنصرية تجاه العرب، من البداية حتى النهاية.