IMLebanon

إسرائيل تُنجز تهويد القدس عام 2020؟

لم يستغرب الفلسطينيون شبه إجماع العالم على إدانة الأعمال العنيفة التي نفَّذها فلسطينيون واسرائيليون أخيراً في القدس، مثل إقدام بعضهم على دهس اسرائيليين، ومثل دخول فلسطينيَّين “كنيساً” يهودياً وقتلهما عدداً من المصلّين داخله، ومثل التظاهرات في بلدة كفرقنا التي تحوّلت صدامات دامية مع الشرطة الإسرائيلية من جراء قتل أحد مواطنيها برصاص الأخيرة. فالإدانة المشار اليها ليست جديدة وأسبابها متنوعة، أبرزها رفضها للعنف وسيلة لحلّ المشكلات بين الدول والشعوب، وإصرارها على الحوار للوصول إلى ذلك. وأهمها الموقف المؤيّد لإسرائيل ظالمة ومظلومة، وهو عند الغالبية الساحقة في هذا العالم ينبع من مصالح وارتباطات وأهواء، ومن نجاح إسرائيل في جعل يهود العالم حرساً متقدماً لها، وخصوصاً في عواصم دول القرار، قادراً على مواجهة كل المواقف التي يرى قادة اسرائيل أنها تمسّ مصالحها وأمنها ووجودها ومستقبلها كما يريده غُلاتها، وليس كما يجب أن يكون، وفقاً للأعراف والقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية التي تنص على أمور كثيرة، من أهمها احترام حقوق الإنسان وعدم جواز اغتصاب أراضي دول أخرى أو الاحتفاظ بها بعد احتلالها باعتبارها جزءاً منها.

ما هي أسباب عدم الاستغراب الفلسطيني المذكور أعلاه؟

أحد أسبابه المهمة، إضافة الى طريقة تأسيس دولة اسرائيل عام1948 وإلى ممارساتها حيال الفلسطينيين منذ ذلك التاريخ حتى اليوم، وأبرزها احتلال أراضي فلسطين التي أقامت دولتها عليها بالكامل، هو إطلاع الفلسطينيين عام2010 على مشروع اسمه: القدس عام2020. ومضمونه يشرح الخطوات التي تقترح الحكومات الإسرائيلية القيام بها من أجل تهويد القدس الشرقية الفلسطينية العربية أساساً خلال عشر سنوات فقط. وقد شاركتهم في هذا الإطلاع الدول العربية كلها بسبب نشره في وسائل إعلام عدة بعضها عربي. لكن هذه الدول نسيته ربما أو لم يبق في ذاكرتها لأسباب يمكن عرضها لاحقاً. والخطير في هذا المشروع أن قسماً مهماً منه قد أُنجز حتى الآن، أي بعد أربع سنوات وبضعة أشهر من وضعه والإعلان عنه. فأبناء القدس الفلسطينيون وقاطنوها منهم اليوم، ويبلغ عددهم حوالى250 ألف نسمة، يمثلون36 في المئة من أبنائها أي الثلث، وذلك بعدما كانوا غالبية ساحقة فيها. وبين2010 و2014 هُدِّم الف منزل مقدسي وطُرِد حوالى ثلاثة آلاف من أبناء القدس، فضلاً عن أن الأحياء العربية (الضواحي) المحيطة بالقدس الشرقية العربية والبالغ عددها12 أصبحت الآن معزولة تماماً عن المدينة المقدسة. إلى ذلك صارت إسرائيل تُدخل إسرائيليين يهوداً بينهم مستوطنون ومسؤولون ووزراء ونواب إلى المسجد الاقصى بين السابعة صباحاً والحادية عشرة قبل الظهر، وهو الوقت الأهم لصلاة اليهود. وتغاضت شرطتها التي تواكبهم عن ممارسات كثيرة لهم مخلّة بقداسة المكان.

كيف يواجه الفلسطينيون هذا الأمر على تنوّعه؟

يتولى عرب (فلسطينيّو) الـ1948 حراسة المسجد الأقصى قدر ما يستطيعون، ففيهم مجموعات تحمل واحدة منها اسم “المرابطين” تتناوب على زيارته يومياً وعلى قضاء الليل فيه. وأفرادها هم الذين يشتبكون في صورة شبه يوميّة مع الذين يعتبرونهم منتهكي قداسة المكان. لكن ذلك ليس كافياً على أهميته في رأي جهات فلسطينية وأخرى عربية، علماً أن العنف الذي قد يحصل بسببه وبسبب ممارسات اسرائيل قد يوسع نطاق العنف الفلسطيني – الإسرائيلي الذي لن يُواجَه إلا بإدانة دولية غير قوية وأخرى عربية ومسلمة قوية لفظاً فقط. فالمطلوب اليوم هو مواجهة رغبة إسرائيل أو ربما قرارها استغلال الحرب بالواسطة بين غالبية العرب وإيران الاسلامية لإقامة علاقات تعاون وتنسيق مع العرب لمواجهة الخطر الإيراني عليهم الذي يمثّل اليوم الأولوية في سلّم اهتماماتهم. والحرب المذكورة طويلة على ما يبدو، وإسرائيل مصمّمة على قرارها وهي تحاول ترجمته من خلال جس نبض الدول العربية الحقيقي حياله. فهل تنجح إسرائيل في الحصول على تجاوبها؟ لا أحد يعرف. لكن الشكوك في ذلك كبيرة لأن العرب والمسلمين قد ينسون فلسطين لكنهم لا يستطيعون نسيان القدس والمسجد الأقصى فيها، علماً ان السؤال هو: هل يُقدمون على خطوات جدّية لإنقاذه ومعه إخوانهم الفلسطينيين؟