لم ينعكس دخول الحركة السياسية المحلية تأثير شهر رمضان على الاوضاع العسكرية، مع فشل كل التسويات والمفاوضات وسقوط الصيغ الواحدة تلو الاخرى، ما اطلق العنان لآلة الحرب “الاسرائيلية”، وسط دعوات متزايدة خلال الساعات الماضية لاعلان الحرب على لبنان، والمباشرة بتنفيذ الضربة العسكرية، حتى قبل انتهاء المهلة المزعومة التي حددت بيوم الجمعة.
فمجمل المواقف “الاسرائيلية” والاستعدادات واالسيناريوهات والتدريبات التي تحاكي الحرب مع لبنان، تؤشر الى قرار “اسرائيلي” متقدم في هذا الاتجاه، رغم ان ظروفها وحسابات الربح والخسارة لـ “تل ابيب”، التي تخوض مواجهات عنيفة مع حماس في غزة وتستعد لمهاجمة رفح، مسار اخذ ورد في الداخل، اضف الى ذلك الرفض الاميركي لتوسيع بيكار الحرب مع لبنان اكثر من اللزوم. علما ان العدو الاسرائيلي كسر كل قواعد الاشتباك وتمدد بقاعا مستهدفاً على دفعات اهدافا مختلفة لحزب الله.
من يقرأ في ظروف الميدان، يخرج بيقين ان التهديدات “الاسرائيلية” بمهاجمة لبنان اكثر من جدية، في ظل اكتمال الخطط العسكرية وما يرافقها، مع تكليف قائد عمليات غزة بالاستعداد لتولي قيادة الوحدات المكلفة التحرك باتجاه لبنان، مع انتقال القيادة العسكرية في “تل ابيب” الى تنفيذ المرحلة الثانية من خططها.
وفيما تمعن “اسرائيل” في كسر كل الخطوط الحمراء وضرب قواعد الاشتباك، مسقطة القرار 1701 بالممارسة، عبر استهداف عمق المقاومة وخطوطها الخلفية، ومناطق مخزونها الاستراتيجي والبشري والمادي، فعّل حزب الله من عمل منظومة الصاروخية المتوسطة المدى من عيار 122 و130 ملم، عبر تكثيف اطلاق صليات الصواريخ باتجاه المستعمرات، وان ابقى عمليات قصفه محصورة حتى الساعة، ضمن شريط العشرة الكيلومترات، والذي رأى فيه الخبراء خطة ذكية لاختبار قدرات القبة الحديدية وانهاكها.
في الانتظار، ومع بقاء الاوضاع الميدانية في لبنان في واجهة الاهتمام، تكشف مصادر في الثامن من آذار عن جملة معطيات، يسمح جمعها باستنتاج تفاصيل “الخطة الاسرائيلية” التي بوشر بتطبيقها منذ ايام، وابرز معالمها:
– الدفع نحو انغلاق المناطق الشيعية، على خلفية الشكوك من الخروقات التي تحصل، وادت الى استهداف قيادات ميدانية في حزب الله، ما ادى الى جو من الحذر وعدم الثقة، رغم الاجراءات الامنية الاستباقية التي يتخذها امن حزب الله، ما اوجد بعض النفور في بعض المناطق، اضف اليه المشاكل الاجتماعية الكبيرة، والتي بدأت تظهر الى العلن، في ظل الكثافة السكانية التي تعاني منها منطقة الضاحية الجنوبية، وترجمت اشكالات وتفش لآفات كثيرة، تعمل اللجان الامنية بالتعاون مع القوى الامنية الشرعية على محاولة ضبطها والحد منها.
– ضرب المخزون الاستراتيجي للمقاومة، من مخازن طعام واحتياطي نفطي موزع في اكثر من منطقة.
– استهداف استثمارات مالية ضخمة لمقربين من حزب الله، على غرار ما حصل في الغازية، فضلا عن ضرب مصالح تجارية قد تخلق مع الوقت ازمة عمل داخل بيئة الحزب.
– تدمير ممنهج للقرى الحدودية، حيث قد يصعب في الوقت الحاضر تأمين المساعدات اللازمة لاعادة الاعمار من قبل الجهات المانحة، التي سارعت الى تغطية القرار 1701 بعد حرب 2006، فضلا عن تراجع قدرة الجمهورية الاسلامية على الدعم مع تقدم ملف غزة، وتحويل الدعم الى الساحة الفلسطينية، وهو ما دفع امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الى التأكيد، سواء للمفاوضين او لجمهوره، ان أي اتفاق حدودي او لوقف اطلاق النار، شرطه الاساس تأمين الاموال اللازمة لاعادة الاعمار، وتأمين انفراجة اقتصادية، والا فان أي صفقة اتفاق لن تمر.
عليه، كل المؤشرات تدل الى الاقتراب من ساعة الصفر، التي يسعى لبنان وحزب الله الى تجنبها، وسط اصرار “اسرائيلي” على استدراج حارة حريك ومعها لبنان الى الفخ، لعل رسالتها وصلت امس في تحليق طائرات الـ “اف-15” التي شوهدت بالعين المجردة في سماء لبنان، وهي وصلت قبل اسابيع معدودة من الولايات المتحدة الاميركية في اطار المساعدات العسكرية، لتحسين القدرات الجوية “الاسرائيلية” وتفعيلها.