منذ قرابة خمسة أشهر تدور أقذر حرب شنتها إسرائيل على الفلسطينيين. فوقت يغرق العالم العربي في دماء الحروب الأهلية والصراعات الإقليمية والحروب بالواسطة، وينشغل العالم بالحرب ضد تنظيم “داعش”، يشن الجيش الإسرائيلي أبشع حملة عسكرية على أبناء انتفاضة السكاكين، شبان وشابات تراوح أعمارهم بين 16 و20 عاماً، يتعرضون يومياً للقتل على ايدي الجنود الإسرائيليين في ما هو أقرب الى عملية اعدامات جماعية. يجري هذا كله أمام لامبالاة الإسرائيليين وتشرذم الفلسطينيين وصمت العالم.
أكثر من 174 فتى فسطينياً قتلوا في الأشهر الخمسة الأخيرة، مقابل 37 إسرائيلياً. الاوامر المعطاة للجنود تقول: اقتلوا كل من يحاول القيام بهجوم سواء نجح فيه أم لم ينجح، أو كل من يخيل اليكم انه سيقوم بهجوم. اطلقوا النار من دون تمييز على الفتيان والفتيات، واتركوهم ينزفون دماءهم حتى الموت، وليكونوا عبرة لغيرهم.
يخوض شبان وشابات الهبة الفلسطينية مواجهة غير متكافئة وشجاعة إذ كيف يمكن سكيناً أو مقصاً أو حجراً وحتى زجاجة حارقة التغلب على جندي إسرائيلي مدجج بالسلاح وبالكراهية. هم يعلمون سلفاً انهم ذاهبون الى حتفهم، لكنهم يقدمون على الموت من دون وجل.
حرب الجيش الإسرائيلي ضد انتفاضة السكاكين هي من أقذر حروبه وأكثرها بشاعة. فالخصم في هذه المواجهة ليس محارباً ولا تنظيماً مسلحاً، بل هو مجموعة من الفتيان والفتيات لم يبلغوا سن الرشد، لكن الجيش الإسرائيلي يتعامل معهم بصفتهم قتلة ومجرمين. في لقاء لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي مع تلامذة إسرائيليين قال: “من جاء ليقتلك يجب ان تقتله أولاً. كل من يحمل سكيناً أو مقصاً يجب قتله”.
سيسجل التاريخ ان الجيش الإسرائيلي قتل فتياناً وفتيات بدم بارد، وتركهم ينزفون على قارعة الطريق حتى الموت، وقت كان في امكانه اعتقالهم أو توقيفهم عوض قتلهم. كما سيسجل التاريخ أن رئيس الأركان الحالي للجيش غادي أيزنكوت الذي يُعتبر في نظر الكثير من الإسرائيليين وغير الإسرائيليين شخصية معتدلة لأنه يرفض استخدام العقوبات الجماعية ضد الفلسطينيين مثل فرض الحصار على الضفة، ويؤيد سياسة زيادة عدد العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل كوسيلة لكسب ودّ السكان المحليين، ويرفض المواقف الشعبوية لليمين الإسرائيلي، أنه من ناحية أخرى سمح بقتل فتاة تحمل مقصاً، أو امرأة حاولت القيام بعملية دهس، أو فتى حاول أن يرشق جندياً بحجر.
الصمت الدولي المدوي على جرائم الجيش الإسرائيلي الأخيرة دليل آخر على عجز المجتمع الدولي، وعلى ازدواجيته وتواطئه مع الجلاد ضد الضحية.