كل القراءات التي يقدمها قادة الكيان الاسرائيلي السياسيين والعسكريين الاستراتجيين للجمهور الصهيوني ، باتت تُقدم على ان الهجمات التي يتعرض لها «حزب الله» على جبهات اخرى ، غير الجبهة الشمالية مع الحدود اللبنانية ، تبعث لدى الاسرائيليين على الارتياح، من دون ان تبذل الحكومة الاسرائيلية اي جهد ، طالما ان تطورات وتداعيات «الربيع العربي» يقدم لاسرائيل ما لم تستطع، بكل جيشها وترسانتها العسكرية التدميرية ، ان تُحققه خلال الحروب المتعددة التي شنتها ضد لبنان ، وسط اعتقاد اسرائيلي ، بان الهجمة السعودية وادواتها في التنظيمات الاسلامية التي تقاتل في نظام الرئيس بشار الاسد في سوريا مرشحة للتصاعد لاستهداف دور ووظيفة «حزب الله» على مستوى المنطقة.
يتوقف المراقبون والمتابعون للتطورات الجارية على مستوى الساحة الاقليمية ، في ضوء ما شهدته الساحة اللبنانية من توترات وتحريض كاد ان يبلغ الثروة ، ان «حزب الله» بات يواجه ثلاثة استهدافات مباشرة من شأنها اذا ما بلغت ذروتها ، ان تدفع به الى قلب الطاولة على رؤوس الجميع، وهي استهدافات تطال وجوده وتركيبته وقبلهما وظيفته ودوره ، في وقت بدأت الاستهدافات ترسم معالم التقاء المصالح المشتركة بين منابعها وهي تتمثل باسرائيل التي يخوض الحزب معها حربا مفتوحة ، والتنظيمات الارهابية التي تحارب في سوريا وهي استهدفته في تفجيرات في عمق الداخل اللبناني، فيما يبقى الاستهداف المبرمج والاخطر ، هو ذاك الذي اعدته السعودية التي حركت نفوذها في الساحة اللبنانية تحت لافتة محاربة «حزب الله» وما يمثل من منظمة ارهابية (!)» واستحضار «العروبة» و«الاجماع العربي» ضد «التمدد الفارسي الذي تسعى اليه ايران».
وعلى الرغم من «التقنين» في الاعلان عن الفرحة الاسرائيلية من الاستنفار السعودي في المنطقة ، وتنظيم حملة على العدو الاخطر لاسرائيل الذي يمثله «حزب الله» ، فانهم لم يخفوا غبطتهم ومباركتهم لوقف تمويل تسليح الجيش اللبناني بثلاثة مليارات دولار ، على خلفية ما اسمته صحيفة «هآرتس» الصهيونية العلاقة العميقة بين الجيش اللبناني و«حزب الله»، واشارت الصحيفة الى انه رغم ان اسرائيل ستمتنع كما يبدو عن إطراء قرارات السعودية بشكل علني، الا أن الخطوات التي اعلنت عنها الرياض تُستقبل بارتياح في تل ابيب، ومنها ارسال قوات عسكرية خاصة من السعودية ومن دول الخليج العربية، لمساعدة «المعارضة السنية» في سوريا.
مناورات ..تكشف عيوب العقل العسكري الاسرائيلي
لكن كل ما يجري من تطورات على «جبهة» السعودية في لبنان، ما تزال الحسابات الاسرائيلية بشأن «حزب الله» على حالها ، مع ارتفاع الهواجس من تنامي قدرات الحزب ، القتالية والصاروخية ، وتصاعد هذه الهواجس بعد تهديد «الامونيا» ارعب به امين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله الكيان الاسرائيلي بقادته وجمهوره واحدث ازمة ثقة بينهما، الامر الذي دفع بجنرالات الحرب الاسرائيليين وكبار المحللين الاستراتيجيين بتصنيف «حزب الله» مصدر الخطر الاكبر على اسرائيل.
وتكشف صحيفة «هآرتس» الصهيونية عن اجتماع عقد مؤخرا بين مسؤولين اسرائيليين واميركيين في العاصمة الاميركية ، خصص للبحث في مخاطر «حزب الله» وتهديدات ترسانته الصاروخية، التي كانت تضعها في المرتبة الثالثة ، قبل ان تتخلى سوريا عن مخزونها من السلاح الكيميائي التي كانت تملكها، باشراف دولي ، ووضعت صواريخ «حزب الله» في المرتبة الثالثة، فيما تبقى ايران في رأس قائمة المخاطر على اسرائيل. ووفق الصحيفة ، فان «حزب الله» نصب صواريخه في مناطق مدنية ، وتسأل الصحيفة ..«إذا بدأ «حزب الله» في اطلاق الصواريخ، كيف يمكن تدميرها من دون التسبب بمقتل عدد هائل من المدنيين؟.وتشير الى ان المناورة الاسرائيلية التي جرت مؤخرا ، حاكت هجوما اسرائيليا على قرية بُنيت على شكل قرية لبنانية في جنوب لبنان، حيث يقوم جنود اسرائيليون بمهاجمة القرية من بيت الى بيت ، والبحث عن صواريخ ، وسط اعتقاد بان «حزب الله» حفر انفاقا تربط المباني بعضها ببعض، لكن المناورة اظهرت عيوبا عسكرية فاضحة ، منها تقدم الجنود في النهار من دون ستار حماية وقاموا برمي قنابل دخانية غير الرياح مسارها لتُترك القوة المهاجمة مكشوفة امام مقاتلي «حزب الله»، فكانت المناورة «بلا اي منطق» وفق تعليق ضباط اسرائيليين، الذي قال أن «حزب الله» يمتلك كمية كبيرة من الصواريخ، ومن أجل القضاء عليها كلها، فان الأمر سيتطلب عدداً كبيراً جداً من الجنود، وفي مثل هذه العملية التي جرى تقديم نموذج عنها، سيصاب بالتأكيد عدد كبير من الجنود الإسرائيليين. وتسأل الصحيفة ، استنادا الى خبراء عسكريين اسرائيليين عن الوسائل الأخرى التي يمكن أن تحمي من صواريخ «حزب الله»؟، وتلفت الى أن إسرائيل قصفت الاحياء المدنية في بيروت للضغط على «حزب الله» لوقف إطلاق صواريخه باتجاهها، وأن أبحاثا كثيرة اثبتت أن مثل هذا القصف ، لم يحقق النتيجة المطلوبة ، تماما كما حصل في قصف طوكيو ولندن خلال الحرب العالمية الثانية ، وكذلك الأمر في حرب تموز خشية من تسرب التقارير الامنية الاسرائيلية الى «حزب الله»
في موازاة ذلك ، رأت صحيفة «اسرائيل هيوم» انه في ظل المتغيرات في خارطة التحالفات القائمة في المنطقة ، فان هناك مخاوف لدى الاسرائيليين من ان المعلومات الاستخباراتية التي تتشارك فيها اسرائيل مع اصدقائها قد تصل في نهاية الامر الى جهات معادية ، ومنها «حزب الله» ، ونقلت عن مسؤول امني اسرائيلي كبير قوله «ان الاهتمام الدولي بما يجري في المنطقة لا سابق له ، وهذا الاهتمام توليه الولايات المتحدة وروسيا واوروبا إيران تركيا ودول عربية، الى جانب المنظمات الارهابية ، والمعلومات التي تجمع من قبل الاجهزة الاستخباراتية الاسرائيلية ، وتنقل الى دول واجهزة حليفة، قد تخدم اعداء لاسرائيل كـ «حزب الله» ، وان الاسرائيليين يعملون على مواصلة التعاون مع شركائهم ، لكن من دون ان تُكافء دولا ومنظمات معادية لنا ، مثل «حزب الله» ، مشيرا الى ان اسرائيل تحافظ على مصالحها وتريد عدم المشاركة في المواجهات في محيطها، لكن التنسيق الاقليمي لا يسمح لها من جانب آخر بتجاهل تعاونها وتعاون الآخرين مع الاصدقاء ومع الاعداء.