«النهائي» خسارة لإسرائيل و«المؤقت» خسارة لحماس! وهنا يضيع التفاوض، وتضيع نتائج التفاوض، كما تضيع الخطط الأميركية المقترحة بين الطرفين!
إذ تتبادل إسرائيل وحماس مطالب شبه مستحيلة من كل جانب! ويصعب بالتالي، لا بل يستحيل، على كل منهما القبول بمطالب وشروط الطرف الآخر وتطبيقها!
ما يعني أن جولات التفاوض أصبحت شبه عبثية! وهي تؤكد أن المعادلة المتبعة بين الطرفين هي أن: «التعقيدات سياسية، ولكن الحلول عسكرية»!
شرطان ثابتان لإسرائيل!
في الواقع، تريد إسرائيل في المفاوضات مع حماس بشأن الهدنة وتبادل الأسرى أن تعلن حماس استسلامها! فاستمرار الحرب يعني في النهاية خسارة ميدانية مؤجلة!
شرطان ثابتان تتمسّك بهما إسرائيل في كل مطالبها التفاوضية، لما بعد الهدنة! وهي ستعود إلى تطبيقهما بعدها! لا وقف نهائي للحرب (لا تراجع عن اقتحام رفح) ولا انسحاب من غزة! في حين أنه لا مانع لديها، على ما يبدو، من التنازل أو التوسّع في الشروط والمطالب الأخرى!
كل ذلك، مع الاستمرار بسياسة الاغتيالات، وملاحقة إسرائيل لقائد حماس يحيى السنوار، بغية تصفيته!
إن تسليم حماس للأسرى، أو لقسم منهم للإسرائيليين، من دون وقف للنار، ومن دون أن تتراجع إسرائيل عن خطة اقتحام رفح، ومن دون أن تنسحب إسرائيل من غزة، ومن دون أن يكون الحل «نهائياً»، هو، بالنسبة لحماس، بمثابة توقيعها على «عقد إعدامها لنفسها»!
ولذلك تتشدّد حماس في مواقفها، مع تركيزها على الاحتفاظ بالقسم الأكبر من الأسرى الإسرائيليين لديها. وهو قد يكون طوق نجاتها شبه الوحيد!
شرطان أساسيان لحماس، وشروط تفصيلية عدة!
تريد حماس من إسرائيل في هذه المفاوضات أن تعلن إسرائيل خسارتها الحرب. فتنهي الحرب وتنسحب من غزة!
وهي تطلب تفصيلاً أن توقف إسرائيل النار والحرب وأن تسمح بدخول المساعدات وأن تسلّم حوالى 900 أسير فلسطيني، بينهم بعض القيادات التي تختارهم حماس، وأن يعود أهل غزة الى المناطق الشمالية، وأن تنسحب إسرائيل من غزة وأن تبقى حماس في الحكم في القطاع، وأن تحتفظ بثلثي الأسرى الإسرائيليين، بينهم كل العساكر!
ويعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن وقف الحرب في هذه المرحلة هو إعلان إسرائيل بنفسها عن خسارتها للحرب! وهذا أمر لن يحدث بالنسبة له!
أعجوبة من إثنتين!
إما أن تقبل إسرائيل بالنهائي وإما أن تقبل حماس بالمؤقت! هاتان هما الأعجوبتان اللتان يمكن أن تحوما فوق غزة! والمرجح هو قبول حماس بالمؤقت! على أن تحاول حماس كسب الوقت، مع احتفاظها بحوالى ثلثي الأسرى لديها. ما يضمن لها، من وجهة نظرها، منع الجيش الإسرائيلي من المخاطرة بخسارة أسراه!
تاريخان هامان، أحدهم مفصلي!
7 أكتوبر 2024 يعني أن إسرائيل تخطّت السنة الكاملة بالحرب من دون أن تنتصر بها، ومن دون أن تحقق أهدافها، مع رمزية أطول حرب خاضتها إسرائيل منذ تأسيسها، ومع اعتبارها هذه الحرب «وجودية»!
كل ذلك، مع العلم أن استراتجياتها المقبلة غير واضحة على الإطلاق، لا في الكنيست، لا لدى الجيش، ولا في الرأي العام الإسرائيلي! فيما العالم لا يعرف ماذا ينتظر. والحلول مؤجلة!
هذا التاريخ، يعني بالنسبة لحماس، صموداً بطعم الانتصار، على الرغم من الفاتورة الكارثية بخسارة حوالى 50.000 شهيد و100.000 جريح وتشريد مليوني من أهل غزة ودمار معظم مساكن القطاع!
أما التاريخ المفصلي للحرب فهو 5 نوفمبر 2024، وهو تاريخ الانتخابات الرئاسية الأميركية، والتي ستكون مؤشراً أساسياً لاتجاهات الحرب، ليس فقط في غزة، بل أيضاً مع لبنان، وفي المنطقة ككل، وصولاً الى الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
بين المؤقت والنهائي تستمر إسرائيل بارتكاب المجازر بقصف المدنيين، من دون أن يعني ذلك لحماس ضغطاً عسكرياً إضافياً (!)، وذلك بالتزامن مع الانزلاق أكثر فأكثر باتجاه حرب «شاملة»، ما تزال مستبعدة مع لبنان.
كل الأفق مقفلة، إلّا أفق الحرب! وعلى أي حال، فالحرب مستمرة حتى مطلع العام المقبل (2025). وعندها، «لكل حادث حديث»!