«بَعثت الاستخبارات الإسرائيليّة، في الساعات الماضية، عبرَ قنواتٍ لم تُحدّدها، بتهديدات إلى القيادة الإيرانيّة، مفادُها أنّ تل أبيب مستعدّة أكثر من أيّ وقتٍ مضى لـ»ضربات جراحيّة» تستهدف البرنامج النووي الإيراني، إذا لم توافق طهران على المطالب الغربيّة في المفاوضات النوَويّة الحاليّة»، وفقَ ما كشفَ موقع «إسرائيل فلاش» الوثيق الصِلة بتلكَ الاستخبارات، كاشفاً استنفاراً أمنياً على الحدود الشماليّة الإسرائيليّة تحَسًّباً لرَدّ محتمَل.
وأكّد الموقع أنّ «إسرائيل تتّخذ كلّ الإجراءات الدفاعيّة، الداخليّة منها والحدوديّة، تحسُّباً لرَدّ إيرانيّ محتمَل عبر «حزب الله» أو حركة «حماس»، حيث إنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متَيَقّن من عجز إيران عَن الرَدّ عسكريّاً في الوقت الحالي، لانغماسها في كلّ من سوريا والعراق واليمن».
وبحسب الموقع، فإنّ «آلاف الجنود الإسرائيليّين تدرّبوا على خطّة انتشار سريعة على الحدود الإسرائيليّة – اللبنانيّة في غضون ساعات قليلة، وأنّ عديدهم يكفي لحماية الحدود».
وهذا «التهوّر الإسرائيلي» قد يُدخِل الولايات المتّحدة، حسبَ متابعين، في متاهات إقليميّة هي في غنى عنها حاليّاً، خصوصاً أنّ الإدارة الأميركيّة تجهد في تطبيق استراتيجيّة عسكريّة واضحة ضدّ تنظيم «داعش» في سوريا والعراق، وتنتظر تَسَلُّمَ وزير الدفاع الجديد أشتون كارتر مهمّاته رسميّاً لرسم سياسة دفاعيّة خاصّة بالمنطقة.
ولفتَ «إسرائيل فلاش» أنّ «نتنياهو لم يُبدِ ارتياحاً إلى التطمينات الغربيّة التي تلقّاها، وأنّه ينتظر خطّة كارتر الذي يُعتبَر قريباً من اللوبي الصهيوني ويُعوّل عليه للضغط على الرئيس الأميركي باراك أوباما ودفعِه نحو الخيار العسكري ضدّ إيران».
تهديدات في الهواء
وفي هذا السياق، أكّد المحلّل العسكري العميد المتقاعد محمّد عباس، في حديث لـ«الجمهورية»، أنّ «تهديدات تل ابيب ليست إلّا صراخاً في الهواء، ونوعاً من الابتزاز الأمني لواشنطن، فهي يستحيل أن تخوض أيّ حرب في المنطقة من دون ضوء أخضر أميركي، فقرار الحرب ليس بين يَدَيها أصلاً».
وأسِفَ لأنّ «هذه التهديدات لا مفعولَ لها سوى تعكير جَوّ مفاوضات جنيف، لأنّ تل أبيب لا تملك العتاد الكافي لخَوض حرب ضدّ إيران، حيث إنّ حلف شمال الأطلسي وضَعَ في تصرُّفها مخازنَ أسلحة في صحراء النقب».
وشدّد عباس على أنّ «الضربات الإسرائيليّة المتكرّرة على سوريا، مختلفة تماماً عن محاولة ضرب إيران، لأنّ الجمهورية الإسلاميّة تملك أضعافاً مضاعفة من العتاد الذي يملكه «حزب الله» ومحور المقاومة، وبالتالي فإنّ محاولة تل أبيب التحرُّش بها عسكريّاً سيَخلق واقعاً جيوستراتيجيّاً مختلفاً».
وردّاً على إمكان استخدام إسرائيل قواعدَ عسكريّة في الخليج لضرب منشآت إيرانيّة نوويّة، اعتبر أنّ هذه خطوة دونها محاذير كثيرة، مستبعداً قدرة الطائرات الإسرائيليّة على إعطاب البرنامج النووي الإيراني، وذلكَ بسبب البُعد الجغرافي الإيراني وانتشار المفاعلات في عدد من المناطق البعيدة.
وقال: «إسرائيل ماضيةٌ في تهديداتها لكي ترفَع صوتَها في المنطقة وتكونَ حاضرةً في المفاوضات النووية بنحوٍ غير مباشر، ووزير الدفاع الأميركي الجديد أشتون كارتر، على رغم قربه من اللوبي الصهيوني، فهو ليسَ مَن يتّخذ القرارات في الإدارة الأميركيّة منفرداً، في وقتٍ نرى أنّ واشنطن أبعَد ما يكون عن قرار الحرب مع إيران، بل هي تحاول ترتيب أوراقِها في المنطقة ولا تريد أصلاً إرسالَ قوات برّية إلى العراق أو سوريا».
تمديد المفاوضات
إلى ذلك، استبعَد عباس توصُّل الغرب إلى اتّفاق نووي مع إيران في حلول انتهاء مهلة المفاوضات في تمّوز المقبل، موضحاً أنّ «الأمر قد يقتصر على التوصّل إلى خطوط اتّفاق عريضة، ذلكَ أنّ الغرب لا يُريد إراحة إيران، ويسعى إلى إبقاء الضغط عليها من خلال المفاوضات، وبالتالي فإنّ مجموعة خمسة زائداً واحداً ستحاول الدفعَ نحو تمديد جديد للمفاوضات».