IMLebanon

إسرائيل في مواجهة الخطر “الداعشي”

ليل الجمعة الأسود في باريس قلب قائمة المخاطر الأساسية التي تتهدد إسرائيل رأساً على عقب. فالى وقت قريب جداً كان الخطر الأول الذي يتهدد إسرائيل حصول إيران على سلاح نووي، يليه خطر التنظيمات الفلسطينية المسلحة، وفي طليعتها “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، والترسانة الصاروخية التي يملكها “حزب الله” في لبنان. لكن الارهاب الداعشي الذي خرج من القمقم السوري والعراقي ليضرب عشوائياً في أوروبا وباريس تحديداً، وليشكل اكبر تحد ارهابي عرفته دول العالم بعد هجمات 11 أيلول 2011، وضع إسرائيل أيضاَ في دائرة الخطر الداعشي.

أثبتت هجمات باريس ان ارهاب “داعش” أصبح عابراً للحدود والقارات، وقادراّ على انشاء بنية تحتية ارهابية في أي بيئة تحضن إسلاماً أصولياً، وليس ممكناً بعد اليوم لأي دولة ان تعتبر نفسها بمنأى عن هذا الخطر حتى إسرائيل. واستناداً إلى دراسة إسرائيلية صدرت أخيراً، رصد جهاز الأمن العام الإسرائيلي منذ 2008 تسلل الايديولوجيا الجهادية الى إسرائيل وقد انعكس هذا من خلال الارتفاع الملحوظ في عدد التنظيمات الفلسطينية الراديكالية التي تتماهى مع “القاعدة” في الضفة الغربية وداخل إسرائيل، ومن خلال نمو التيارات السلفية. ومع نشوب الحرب الأهلية السورية، لوحظ انتشار الايديولوجية الجهادية بين الشباب الفلسطيني، ووفقاً لارقام رسمية إسرائيلية هناك اكثر من 20 عربياً من سكان إسرائيل انضموا الى تنظيمات جهادية وقاتلوا في العراق وسوريا.

على رغم هذا فإن خطر تسلل نفوذ “داعش” الى البيئة الإسلامية العربية في إسرائيل لا يزال محدوداً جداً ولا يوازي خطر هذا التنظيم في الدول المجاورة لها وفي أوروبا، لأسباب تتعلق بتركيبة المجتمع العربي وشروط حياته داخل إسرائيل، وبالجدار الحديد الذي تحيط إسرائيل نفسها به، وبالرقابة الاستخبارية الشديدة المفروضة على كل مجالات حياة العرب في إسرائيل وخصوصاً على وسائل التواصل الاجتماعي.

من وجهة النظر الرسمية الإسرائيلية، إن تركيز الاهتمام الدولي على ارهاب “داعش” من دون غيره له انعكاس ايجابي وآخر سلبي. فمن الانعكاسات الايجابية استغلال نتنياهو الحملة الدولية على “داعش” لمزج ارهاب هذا التنظيم والهبّة الفلسطينية الأخيرة التي شهدتها مدن الضفة والقدس الشرقية، وتصويره إسرائيل ضحية للارهاب الإسلامي الراديكالي وليس دولة قمع واحتلال.

أما الانعكاس السلبي فهو ان خطر الارهاب الداعشي جعل إيران من خلال تحالفها العسكري مع روسيا ضد “داعش” في سوريا لاعباً أساسياً ايجابياً في نظر التحالف الدولي الواسع، وتخوف إسرائيل من أن ينعكس ذلك ايضاً على الموقف الدولي من “حزب الله”.