أعلنت إسرائيل أمس إحباط ما قالت إنها خلية فلسطينية تنشط في الضفة الغربية، يشغّلها حزب الله ويموّلها، بهدف شنّ عمليات على الجيش الإسرائيلي. وانشغل الإعلام العبري بدلالات «هذا الحدث»، بعدما أعلن «الشاباك» أن جواد حسن نصر الله هو «مشغّل الخلية»
إحباط الخلية الفلسطينية، التي أعلن عنها جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، في بيان أمس، يأتي في سياق الاتهامات الإسرائيلية المتواصلة لحزب الله بالوقوف وراء كثير من المجموعات الفلسطينية التي تنشط عملانياً في الأراضي المحتلة.
والخبر كاد يكون عادياً، لولا إيراد «الشاباك» في بيانه اسم جواد نصر الله، نجل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، باعتباره «مشغّل المجموعة» الفلسطينية، ومحرضها على تنفيذ عمليات.
وجاء تعامل الإعلام العبري مع بيان الشاباك، ربطاً باسم جواد نصر الله تحديداً، استثنائياً ومفرطاً، وجرى توظيف الخبر والاسم، في ما بدا أنه محاولة لإيجاد مبرر، أو حرف الأنظار، عن الإخفاق الإسرائيلي في التعامل والتصدي للانتفاضة الفلسطينية الجديدة في الأراضي المحتلة، التي اعترف قادة العدو، ومن بينهم رئيس أركان جيش الاحتلال يوم الاثنين الماضي، بأن لا حلول لهذا التحدي، الذي يفوق قدرة الاستخبارات الإسرائيلية على مواجهته.
في سياق ذلك، ينبغي القول إن الإسرائيلي أراد الإيحاء، في توظيف للحدث، بأن جهات خارجية تعمل على إثارة الواقع الأمني والعمليات في فلسطين، كما لو أن القضية لا تتعلق بحراك فلسطيني ذاتي، وقضية شعب ينتفض في وجه المحتل، من دون الحاجة إلى عامل خارجي كي يحرك عملياته ورفضه للاحتلال.
في موازاة ذلك، ينبغي القول أيضاً إن حزب الله لا ينفي ولا يخفي دعمه للفلسطينيين، وهو الأمر الذي تعلمه إسرائيل وتعلنه. فهو لا يوفر جهداً لدعم الفصائل والمجموعات الفلسطينية المقاومة، على المستوى المادي والعسكري والخبرات. الجديد في ذلك هو إيراد اسم جواد نصر الله كمشغل لإحدى المجموعات الفلسطينية المقاومة، وهو ما يطرح بطبيعة الحال تساؤلات عن خلفية هذا الإعلان والأهداف الكامنة فيه، خاصة مع الجهد والتركيز الإعلاميين اللافتين.
عندما يعمل حزب الله في الضفة، فإن نتائج ضرباته ستكون مدوية والخسائر ستكون غير اعتيادية
وجاء في بيان الشاباك أمس، أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أحبطت ما قال إنه «بنية تحتية إرهابية لفلسطينيين من مدينة طولكرم» في الضفة الغربية، يقودها الفلسطيني محمود زغلول، من المدينة نفسها. وبحسب البيان، جنّد حزب الله زغلول والخلية التي يرأسها لتنفيذ «عمليات تخريبية» وإطلاق نار ضد أهداف إسرائيلية. وجاء في البيان أن «التحقيقات مع الموقوفين أظهرت أن جواد نصر الله، وهو نجل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، جنّد عبر شبكات التواصل الاجتماعي محمود زغلول، لكن جرى توجيهه عبر ناشط آخر في حزب الله، يدعى «فادي»، تلقى منه التعليمات لتجنيد أعضاء الخلية الآخرين في منطقة طولكرم، والقيام بجمع معلومات مسبقة، بهدف تنفيذ عمليات».
وورد في بيان الشاباك أن التعليمات الواردة من الحزب قضت بتنفيذ عمليات عبر استخدام أحزمة ناسفة و»عمليات انتحارية» وجمع معلومات عن القوات الإسرائيلية ومعسكرات التدريب وغيرها، بل ويرد أيضاً في البيان أن الخلية طلبت من حزب الله المساعدة في الحصول على أسلحة وأموال، وبالفعل حول الحزب لأعضاء الخلية مبلغ 5000 دولار من الخارج.
وادعى البيان أن عضوي الخلية، محمد متسرفا وأحمد أبو العز، اشتريا بندقية من نوع «كارلو»، (نسخة محلية الصنع لبندقية سويدية قديمة الطراز)، وأن الأجهزة الأمنية استطاعت إيقافهما قبل تنفيذ عملية إطلاق النار باتجاه قوات من الجيش الإسرائيلي.
بعد ساعات على صدور بيان الشاباك، حوّل الإعلام العبري دفعة واحدة، كل التغطية الخبرية باتجاه البيان واسم جواد نصر الله الوارد فيه، فيما تزاحم المحللون والخبراء للرصد والتحليل، وتلمس معاني ودلالات «هذا الحدث»، الذي غطى أمس على كل الأخبار الإسرائيلية، الداخلية والخارجية على السواء. وقد تكون كافية الإشارة إلى عيّنتين من التقارير الإسرائيلية التي بُثّت أمس تعليقاً على «الحدث».
الإذاعة العبرية أشارت أمس في تقريرها وتعليق خبرائها على «الحدث»، إلى أن هذه ليست الخلية الأولى ولا الأخيرة، فحزب الله يعمل على توجيه الضربات لإسرائيل، وهو ينشط بدعم إيراني في جبهة الجولان، ويعمل مع خلايا فلسطينية في الضفة الغربية، وكذلك في إسرائيل (أراضي عام 1948)، وهذا الأمر ليس جديداً، و»علينا أن ندرك أن حزب الله عندما يعمل في الضفة فإن نتائج ضرباته ستكون مدوية، والخسائر ستكون غير اعتيادية، وهي لا تقارن أبداً بالعمليات الإفرادية التي شنها الفلسطينيون في الفترة الأخيرة».
القناة الأولى العبرية أشارت إلى أن «إسرائيل ستواصل انشغالها بعائلة نصر الله، وليس فقط الأب، بل أيضاً بالفروع، بعد أن اتضح أن ابنه جواد يجند خلايا في الضفة»، وأضافت القناة أن حزب الله لا يكتفي بالترسانة الصاروخية الموجودة في حوزته لتهديد إسرائيل، بل يعمل على تشغيل «خلايا إرهابية» فلسطينية كبيرة، وقالت إن «كشف الخلية كما ورد في بيان الشاباك، يشير إلى أن حزب الله يثبت من جديد أنه لا يهمل توجهه بشنّ ضربات لإسرائيل، حتى مع انشغاله في القتال الدائر في سوريا، الأمر الذي يفسر ما ذهب إليه رئيس الأركان غادي ايزنكوت، أن حزب الله سيبقى العدو المركزي لإسرائيل، طوال السنوات المقبلة».
جنرال إسرائيلي: حزب الله تزود أسلحة روسية “من الدرجة الأولى”
عادت تل أبيب لتؤكد ما كانت قد لمّحت إليه، وهو أن أسلحة روسية متطورة وصلت إلى حزب الله، من دون أن تعارض موسكو. التأكيد الجديد صدر عن جنرال إسرائيلي، هو اللواء يعقوب عميدرور، الذي شغل في الفترة الأخيرة منصب مستشار الأمن القومي في إسرائيل. إذ أشار، في سياق كلمة ألقاها في مدينة “بتاح تكفا” وسط فلسطين المحتلة، ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أبرز ما جاء فيها، إلى أن حزب الله تزود في الآونة الأخيرة بأسلحة روسية متطورة جداً كان الروس قد زودوا بها الجيش السوري، من دون معارضة روسية. وأوضح أن هذا السلاح جرى تمريره إلى حزب الله، وهو متطور جداً، “والروس يعلمون ما جرى، لكنني لم أسمع منهم أي معارضة أو احتجاج ما”.
وأضاف عميدرور: “هذا يعني أن السلاح الروسي النوعي والمتطور من الدرجة الأولى قد وصل إلى حزب الله، بما يشمل صواريخ كورنيت المضادة للدروع، وصواريخ دفاع جوي أيضاً متطورة، إضافة إلى منظومات صواريخ الياخونت المضادة للسفن، القادرة على ضرب منشآت استخراج الغاز وشل ميناءَي حيفا واشدود”.
وتناول عميدرور “التنسيق” القائم بين سلاحي الجو الروسي والإسرائيلي في سوريا، مشيراً إلى أنه تنسيق يتعلق بالأنشطة الجوية، لكن علينا أن ندرك أنه ليس تنسيقاً استراتيجياً. وقال: “لا أعتقد أن روسيا تبيع سلاحاً مباشرةً لحزب الله، لكن ما يحصل هو كسر لقواعد التصرف الروسية حيال هذه المسألة، بخلاف ما كانت الأمور عليه في السابق”.