أقرت إسرائيل، ومعها الولايات المتحدة، بأنّ منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي باتت عاجزة عن تأمين الحماية لدولة العدو في وجه صواريخ حزب الله. الأنباء الواردة من تل أبيب، تشير الى إقرار، وإن بصورة غير مباشرة، بأن هذا العجز يستدعي، لدى اندلاع المواجهة وبدء تساقط الصواريخ على إسرائيل، تدخّل المنظومات الدفاعية الأميركية.
الإقرار الإسرائيلي لم يأت من تحليل معطيات استخبارية وحسب، بل هو من النتائج التي استخلصها الجيشان الإسرائيلي والأميركي، بعد مناورة «جنيبر كوبرا» العسكرية المشتركة الشهر الماضي. وأبلغ مصدر أمني إسرائيلي موقع «واللا» العبري أن إحدى نقاط الضعف التي ظهرت في المناورة، هي الفترة الزمنية بين بدء الهجوم الصاروخي على إسرائيل، ونشر المنظومات الأميركية فيها ووضعها في الخدمة، و«هي مدة قاتلة» يعجز خلالها الجيش الأميركي عن تقديم المساعدة الفاعلة.
وبنتيجة هذه الخلاصة، تقرّر العمل على تأمين وجود أميركي دائم في إسرائيل لردم هذه الهوة الزمنية. وقال المصدر: «لهذه الغاية بدأت الولايات المتحدة بناء قاعدة عسكرية محصنة في وسط إسرائيل، تكون على استعداد للعمل في أوقات الطوارئ». وأوضحت مصادر أمنية أن «القاعدة لا تزال في طور البناء، وستكون متصلة بمنشآت رادار يشغلها الجيش الأميركي».
يشار الى أن العجز الإسرائيلي لم يكن ملحوظاً في خلاصة مناورة «جنيبر كوبرا» للعام 2014 (تجرى كل عامين). إذ لحظت في حينه أن التهديد الصاروخي للمقاومة تعاظم، قياساً بمناورة 2012، إلا أنها خلصت الى أن المنظومات الدفاعية الإسرائيلية قد تكون قادرة على التعامل مع التهديد الصاروخي، وأنّ الجيش الأميركي سيكون جاهزاً لتلبية أي طلب إسرائيلي.
ما الذي اختلف في عامين بين مناورة 2014 ومناورة 2016، كي يتقرّر بناء قاعدة أميركية دائمة للمنظومات الدفاعية؟ وأين هي المنظومات الدفاعية الإسرائيلية التي تتشدق بها تل أبيب ليلاً ونهاراً؟
قد تكون الإجابة في تقرير «واللا» نفسه. إذ أكد في سياق عرض التهديدات الصاروخية، نقلاً عن مصادر أمنية رفيعة، أن حزب الله تجاوز منذ عام تقريباً عتبة الـ 120.000 صاروخ، معظمها موجه إلى إسرائيل، و«هو حالياً يحاول استيعاب صواريخ دقيقة لضرب منشآت استراتيجية وعسكرية إسرائيلية».
والمعروف أن كلمة «يحاول» أو «يبذل مجهوداً»، تتعدى معناها الحرفي في التداول الإسرائيلي للكلمة التي باتت مصطلحاً للهروب من الاعتراف، أكثر من كونها دليلاً على المحاولة. وهي العبارة نفسها التي يجري استخدامها للإشارة الى امتلاك حزب الله صواريخ «فاتح 110» ذات الدقة والقدرة التدميرية الهائلة، وصواريخ «ياخونت» الروسية المعدة لاستهداف القطع والمنشآت البحرية.
ويستدل من ذلك على أن حزب الله نجح في شكل كبير، في العامين الماضيين، في تعظيم قدراته العسكرية النوعية، في مقابل فشل إسرائيل الواضح في الحؤول دون ذلك رغم الضربات الجوية في الساحة السورية. الواضح أن إقرار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بـ«انزلاق» أسلحة نوعية من سوريا الى حزب الله في لبنان، لم يكن من باب توصيف حالات استثنائية لنجاح نقل سلاح نوعي، بل هو توصيف لواقع استمر عامين كاملين، على أقل تقدير، كانا كافيين لإغناء ترسانة الحزب الصاروخية بما يقلق إسرائيل والولايات المتحدة على السواء، الأمر الذي يدفعهما الى استقدام مسبق للدفاعات الجوية الأميركية، والتحذير من «أيام قاتلة» في حال تساقط الصواريخ على كيان العدو.
وكان نتنياهو قد حذّر، في الجمعية العامة للأمم المتحدة مطلع تشرين الأول الماضي، من أنّ حزب الله تزود بأسلحة متطورة تشمل منظومة دفاع جوي وأخرى مضادة للسفن والقطع البحرية. وأضاف أنه بات في حوزة الحزب ثلاثة أنواع من الوسائل القتالية المتطورة: وهي «اس اي 22» المعروف في روسيا باسم «بانتسير أس 1»، وهي منظومة صواريخ مضادة للطائرات والرادارات على حد سواء ويمكن تشغيلها من على مركبة مستقلة. كما لديه صاروخ «ياخونت» المضاد للسفن ويطلق من البر، وصواريخ أرض ــ أرض ذات دقة عالية جداً، ولمدى متوسط، في إشارة منه إلى صواريخ «فاتح 110» المصنوعة في إيران.