Site icon IMLebanon

الجلسة الخامسة من مفاوضات الناقورة: لبنان في مواجهة الوســيط لا العدوّ!

 

 

بعدَ توقّف قسري مدّة خمسة أشهر، فرضه الخط الجديد (29) الذي طرحه لبنان، شهِدت «الناقورة» جولة خامسة من المفاوضات غير المباشرة بينَ لبنان والعدو الإسرائيلي حول ترسيم الحدود البحرية جنوباً، برعاية الأمم المتحدة ووساطة الولايات المتحدة. الجلسة التي استمرت خمسَ ساعات، تُعدّ محطة أساسية في مسار هذا الملف الذي أعادت إحياءه زيارة مساعد وزير الخارجية ديفيد هيل الأخيرة لبيروت، وخاصّة أن الأخير عبّر عن «ارتياح» كبير بعدَ لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. فوفقَ ما نقلت مصادِر عن هيل «لبنان لم يعُد متمسّكاً بتعديل المرسوم» 6433 الذي يُثبِت حق لبنان بمساحة 1430 كيلومتراً مربعاً إضافية عن الـ 860 كيلومتراً مربعاً المتنازع عليها. ومن هذه الزاوية، تتوسّع دائرة الأسئلة عن السقف الذي على أساسه عاد لبنان إلى طاولة التفاوض، مع التخوّف من إمكانية أن يكون قد تعهّد بتقديم تنازلات وعادَ البحث الى نقطة ما قبلَ الخط 29.

 

الوسيط الأميركي: العودة إلى المفاوضات جرت بعد إبلاغ شرطين إلى لبنان

 

 

الإجابة عن كل هذه الأسئلة كانت في الجلسة الخامسة، والتي أتت بعد اشتباك سياسي داخلي حول توقيع المرسوم الذي استخدِم في إطار التجاذبات السياسية، ليتبيّن أن قصة «المرسوم» لم تكُن سوى سلاح للتصويب على أطراف محددين واتهامهم بالتنازل عن جزء من مساحة لبنان والتفريط بثروته النفطية. وقائع الجلسة أمس أكدت أن الملف بأكمله يجري استثماره في الحسابات السياسية، وأن الأجواء الحقيقية المحيطة به هي على عكس التوجيهات التي يسمعها الوفد المفاوض، وأن الجيش الخاضع لقرار السلطة السياسية في مكان، والسلطة في مكان آخر. فالوفد العسكري ــــ التقني المفاوض الذي التقى الرئيس ميشال عون قبلَ يوم واحد من الجلسة وسمِع منه بأن الموقف الرسمي للبنان هو «استكمال التفاوض من حيث انتهى، أي طرح الخط 29»، ذهبَ الى الجلسة على هذا الأساس، حيث أعاد طرحه وفقاً للخرائط والإحداثيات الجديدة. وبحسب مصادر مطلعة، «لم يفاوض الوفد العدو الإسرائيلي بشكل غير مباشر، بل كان يفاوض الوفد الأميركي برئاسة السفير جون ديروشيه». ووفقَ المعلومات «بدأ الوفد اللبناني نقاشه بالكلام عن الخط 29، لكن المفاجأة كانت في أن الوسيط الأميركي أكد أن العودة الى طاولة المفاوضات أتت بناءً على شرطين أساسيين تبلّغهما رئيس الجمهورية، وهما: أن التفاوض سيكون محصوراً بينَ الخطين 1 و23، أي المنطقة المتنازع عليها، ومن ثم البحث في المكامن المشتركة». الوسيط نفسه رفض دفاع الوفد اللبناني عن الخط 29 المرتكز على إحداثيات وخرائط، على اعتبار أن «لا أرضية قانونية له، وأن الخط الوحيد المعترف به دولياً هو خط الـ 23 المحدد بمرسوم جرى إيداعه لدى الأمم المتحدة»، مستغرباً «عودة الحديث عن الخط 29، وخصوصاً أن لبنان لم يوقّع مرسوم التعديل»! ولم تحرز هذه الجلسة أي تقدّم وفقَ ما قالت المصادر، فالساعات الخمس «كانَ النقاش فيها يدور بشأن هذه النقطة».

بعدَ انتهاء الجولة، استقبل الرئيس عون أعضاء الوفد واطّلع منه على سير المداولات. وجاء في بيان صادر عن قصر بعبدا أنّ «الرئيس عون أعطى توجيهاته إلى الوفد بألّا تكون متابعة التفاوض مرتبطة بشروط مسبقة، بل اعتماد القانون الدولي الذي يبقى الأساس لضمان استمرار المفاوضات، للوصول إلى حل عادل ومنصف يريده لبنان، حفاظاً على المصلحة الوطنية العليا والاستقرار، وعلى حقوق اللبنانيين في استثمار ثرواتهم». وفي هذا الإطار، استغربت أوساط على بيّنة من الملف، «الحديث عن استكمال المفاوضات من دون شروط مسبقة، واعتماد القانون الدولي والتمسّك بخط الـ 29، الذي لا يُمكن ترسيخه إلا من خلال مرسوم أو رسالة الى الأمم المتحدة. فحتى ولو كانَ خطاً تفاوضياً، يمكنه ان يفتح الباب أمام الحصول على أكثر من 860 كيلومتراً مربعاً، بينما حصر النقاش بينَ الخطين 1 و23، يعني أنّ العدو الإسرائيلي سيضغط في اتجاه نتيجة واحدة، وهي قبول لبنان بخط هوف، ما يعني حصول لبنان على نحو 550 كيلومتراً مربعاً لا أكثر».